ما هي المخاطر التي تعترض مسارات السفن السياحية الضخمة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إن إبحار سفينة ضخمة ليس بالأمر السهل، لكن ثمة مسارات معينة، مثل قناة السويس الضيقة العرضة للعواصف الرملية، التي أغلقتها سفينة شحن العام الماضي، أو ممرات مائية مليئة بالرياح ومحاطة بالأنهار الجليدية في ألاسكا، يعتبر اجتيازها دقيق على وجه الخصوص.
وقال آندي وينبو، أحد الملاحين الرئيسيين الذي قاد سفنًا في جميع أنحاء العالم لـCNN، إن المنافذ الأكثر صعوبة تتسم غالبا بـ"ظروف مناخية سيئة، وعدم وجود مساحة للمناورة بسبب المخاطر الطبيعية، ونقص المساعدات الملاحية".
وتؤثر هذه العوامل على أي سفينة، لكن السفن السياحية المكونة من طبقات عدة قد تتأثر أكثر بسبب حجمها الضخم.
وقال دايفيد بيمبريدج، قبطان سفينة سياحية متقاعد، عمل لعقود على متن سفن تديرها P&O Cruises و Princess Cruises، إنه "كلما ازداد ارتفاع السفينة، زادت إمكانية انحرافها بفعل الهواء".
وعند تعرض السفن المرتفعة لهبوب الرياح القوي، تصبح عرضة للانزلاق، وهو مصطلح يستخدم لوصف السفينة التي دفعها الهواء للانحراف بشكل جانبي، ولتفادي ذلك، يجب تعديل زاوية وجهة السفينة.
غير أنّ هذه المناورة صعبة للغاية عند عبور مجرى مائي مثل قناتي السويس أو بنما الضيقتين، حيث على السفن أيضًا تفادي الاصطدام بجوانب الممرّين.
وأوضح بيمبريدج أنه "إذا مرت السفينة بسرعة، فإنّ ذلك يتسبب بتآكل الضفاف، وسحب بعض الرمال بعيدًا عن الجوانب إلى وسط القناة، وهذا أمر غير جيد لأنه يجعل المياه أقل عمقًا، فتصبح ضحلة".
ووصف بيمبريدج المرور عبر القناتين بأنه "عادة ما يكون يومًا طويلًا بالنسبة لطاقم السفينة، لأنهم ما أن يدخلوه لا يتوقفون حتى يصلوا إلى الطرف الآخر".
دور قبطان السفينة
تحظى السفن العاملة في قناتي السويس وبنما بمساندة البحارة المحليين، المعروفين باسم القباطنة البحريين، الذين يصعدون على متن السفينة في بداية القناة ويعملون مع طاقم السفينة لضمان مرورها الآمن.
وتعتبر قناتا السويس وبنما "مناطق إرشاد إجبارية"، أي أن القباطنة البحريين مطلوبون بموجب القانون.
وأشار بيمبريدج إلى أن علاقة العمل بين القباطنة البحريين وقبطان السفينة ليست سلسة دومًا.
وأوضح أنهم يشكلون "أحد العوامل المساعدة، وأحد العوائق، أحيانًا، اعتمادًا على مستوى الكفاءة والشخصيات المعنية".
وكان جون هيرينغ قبطانًا لسفينة أبحاث قبل أن يصبح قبطانًا بحريًا في جنوب شرق ألاسكا.
وقال لـCNN إن هناك سببان رئيسيان لضرورة وجود القباطنة البحريين على متن السفن في مناطق محددة.
وأوضح: "أولاً، نقدم المعرفة المحلية بمخاطر الطرق، والمد والجزر والتيارات، والطقس، ومواضع الحياة البحرية، وغيرها".
وتابع: "ثانيًا، كوننا مستقلون عن السفينة، فإنّنا نأخذ قرارات موضوعية لا تخضع للضغوط الاقتصادية لجدول السفينة. القباطنة خبراء بسفنهم الخاصة ونحن خبراء بمياه ألاسكا".
ويعتبر جنوب شرق ألاسكا منطقة إرشاد إلزامية، ذلك أنّه في جزء منه عرضة للرياح العاتية والتيارات القوية، وفي جزء آخر لنظامها البيئي البحري.
وقال هيرينغ إن "مياه ألاسكا الساحلية تشكّل موطنًا للكثير من الثدييات البحرية"، لافتًا إلى أنّ "مشاهدة الحيتان هواية الركّاب المفضلة، لكنها تتطلب يقظة دائمة على الجسر لتجنب المواجهات القريبة".
إسوة بذلك، قد يكون مشاهدة الجبال والأنهار الجليدية من أبرز معالم رحلة ألاسكا، لكن هذه التكوينات الجليدية قد تشكل صعوبات للسفن.
وقال هيرينغ إنّ "هذا الجليد صعب وقد يلحق الضرر بهيكل السفينة والمراوح"، مضيفًا أن الرياح والتيارات القوية تجعل التنقل في المياه الجليدية أكثر صعوبة.
في السنوات الأخيرة، تقدمت التكنولوجيا، الأمر الذي جعل التنقل في المسارات الصعبة أسهل قليلاً على السفن.
لكن هيرينغ شدّد على أنّ القباطنة البحريين ما زالوا جزءًا أساسيًا في عصر تكنولوجيا الأقمار الصناعية.
وأشار إلى أنه "لا يزال بإمكان القبطان المحلي إيصال السفينة بأمان إلى الميناء، من دون اعتماد نظام تحديد المواقع العالمي GPS".
عمق المياه والتضاريس المحلية
على السفن المبحرة في محيط ألاسكا أن تتعامل مع أعماق متفاوتة للمياه. في قنوات المياه الضحلة، تحتاج السفن إلى التحرك ببطء لتجنب إنشاء منطقة منخفضة الضغط تحت السفينة قد تتسبب بهبوط السفينة إلى قاع البحر.
التخطيط وحوادث غير متوقعة
و يعتبر وضع مخطط دقيق للرحلة ضروري لتسهيل الإبحار.
وأوضح بيمبريدج أن مخطط مرور السفن السياحية يضعها عادة ضابط صغير، ثم يوافق عليها القبطان.
ويأخذ المخطط في الاعتبار دومًا أي تحديات محتملة معروفة، مثل الرياح، وعرض المجرى المائي، والمد والجزر، والتضاريس المحيطة.
وقال بيمبريدج إنه "إذا كنت في محيط مفتوح، فالمخطط يكون عبارة عن موجز بسيط نسبيًا، يشير إلى أنّ هذا هو المسار الذي سنتبعه، وهذه هي السرعة التي نعتزم اعتمادها. وكلّما اقتربت من اليابسة، تصبح أكثر عرضة للخطر، فتبدأ بتسليط الضوء على المخاطر، ونوع التيارات، والتأثيرات المناخية المحتملة لأي شيء".
وأكمل: "بعد ذلك عندما تدخل في المياه المحصورة حقًا، على غرار قناتَي السويس وبنما، عندها يتم التوسّع أكثر خلال وضع مخطط الرحلة".
يُعد تهديد القرصنة عاملاً آخر يؤخذ في الاعتبار، رغم أن بيمبريدج يشير إلى أنها لم تعد مشكلة كما كانت عليه من قبل.
ويُؤخذ الطقس في الاعتبار أيضًا عند التخطيط للرحلة، لكن كل الاستعدادات في العالم لا يمكن أن تأخذ في الحسبان ما هو غير متوقع تمامًا.
لكن بيمبريدج يشير إلى أنه رغم أن السفن قد تواجه تحديات غير متوقعة، إلا أن طاقمها مستعد عمومًا لمواجهة العقبات.
وأشار إلى أنّ "السفن السياحية الحديثة مجهزة على نحو جيد للتعامل مع جميع التحديات التي تعترض طريقها إلى حد كبير".