"قارب الحب".. مسلسل تلفزيوني ساهم في ازدهار قطاع السفن السياحية.. ما قصته؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من السفن العاملة على البخار إلى تلك العملاقة، شهدت صناعة الرحلات البحرية تحولًا كبيرًا على مر السنين، وازدهر سوقها على نحو كبير. في 1970، قام نحو 500 ألف شخص برحلات بحرية. غير أنّ هذا الرقم ارتفع ليبلغ 5 ملايين شخص في 1997.
ما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الإقبال المفاجئ على هذا النوع من الرحلات؟
يردّ خبراء في هذه الصناعة الأمر إلى مسلسل تلفزيوني معين شعاره جذاب: "سافر معنا، نحن نتوق لرؤيتك!"
أنتج الأسطورة التلفزيونية آرون سبيلينغ مسلسل "The Love Boat - قارب الحب"، الذي عُرض للمرة الأولى في 1977، وأصبح أحد أكثر المسلسلات نجاحًا بتاريخ التلفزيون وامتدّ عرضه لعقد من الزمن.
وما برح هذا المسلسل متاحًا على خدمات البث، مثل Paramount Plus، بالشراكة مع شركة السفن السياحية Princess Cruises، التي صُوّرت حلقاته على متن العديد من أسطولها البحري، وكانت سفينتا Pacific Princess وIsland Princess الأكثر شهرة بينها.
"أفضل مسلسل للترويج الإعلاني"
ونتج عن هذا المسلسل فوائد عديدة عرضية. إذ سيصوّر أحدث برامج المواعدة الواقعية "The Real Love Boat" على متن سفينة Princess Cruise، تماهيًا بالمسلسل الأصلي، ومن المقرّر بثه على قناة CBS في وقت لاحق من هذا العام.
واستنادًا إلى كتاب ألفته مديرة الرحلات البحرية السابقة جيرالدين سوندرز، تمحور مسلسل "قارب الحب" حول قبطان السفينة ميريل ستوبينغ، أدّى دوره الممثل غافين ماكليود، وطاقمه على متن السفينة، بينما لعب ممثلون ضيوفًا دور الركاب في كل حلقة.
وصف المسلسل منذ ذلك الحين بأنه "أعظم مسلسل للترويج الإعلاني" على الإطلاق، وكان بمثابة تمهيد للسفر في البحر للعديد من متابعيه.
وقال مايكل ل. غريس، الذي كان أحد كتاب سيناريو المسلسل خلال الثمانينيات: "مسلس The Love Boat ابتكر صناعة الرحلات البحرية"، مشيرًا إلى أنّه "لديك 50 مليون شخص يشاهدونه، وجميعهم يرغبون بالقيام برحلة بحرية".
كانت العديد من خطوط الرحلات البحرية الحديثة عاملة وقتها، ضمنًا سفينة Princess التي بُنيت في 1965، ووجهتها المكسيك. وأُطلقت سفينة رويال كاريبيان عام 1968، أما كرنفال كروز لاين فخاضت غمار البحار في 1972.
لكن ثمة تباين بين الفئات العمرية للأشخاص الذين سافروا بحرًا حينها، وما هو عليه الواقع راهنًا.
فرغم أن شركات الرحلات البحرية حرصت على جذب الركاب الأصغر سنًا، إلا أنّ الكثير منهم لم يكونوا ملمّين بالسياحة البحرية، ومن أقدموا على ذلك كانت فكرتهم حول هذا النوع من الرحلات محدودة جدًا.
وأوضحت كارولين سبنسر براون، كبيرة مسؤولي المحتوى لدى Cruise Media, LLC: "في الماضي، كان الناس يقولون إن الإبحار هو للمتقدمين في العمر أو المتزوجين حديثًا".
وتابعت: "لذلك، عندما ظهر مسلسل The Love Boat وشارك فيه أشخاص من مختلف الفئات العمرية والأجناس وبدوا يستمتعون بأوقاتهم على متن سفينة سياحية، فتح ذلك السفن السياحية على عالم لم يكن يعلم بوجودها في الواقع".
أسبوعيًا، يتابع عشرات الملايين من الأشخاص حول العالم مآثر الكابتن ستوبينغ، والدكتور آدم بريكر (بيرني كوبيل)، ومديرة الرحلات البحرية جولي ماكوي (لورين تيوز)، والنادل إسحاق واشنطن (تيد لانغ) وفيكي ابنة القبطان التي أدت جيل ويلان دورها. وفجأة تصدرت الرحلات البحرية قائمة الأمنيات.
طفرة بناء السفن السياحية
جاء إطلاق "The Love Boat" في وقت كانت فيه الغالبية العظمى من السفن السياحية عبارة عن بواخر سابقة خضعت لإعادة التأهيل. أما عدد السفن الجديدة الموضوعة بالخدمة فكانت قليلًا.
رغم ذلك، سرعان ما تغير هذا الواقع عندما ازداد الطلب على هذا النوع من الرحلات بفضل نجاح المسلسل.
وقال مؤرخ الرحلات البحرية بيتر كنيغو لـCNN: "لقد نجح المسلسل بشكل كبير، لدرجة أن Princess Cruises كانت تبيع سفنها"، مضيفًا أنّ "ذلك أدى ذلك إلى أول طفرة في بناء السفن السياحية الجديدة مطلع الثمانينيات".
وشكّل تصوير مشاهد من مسلسل "The Love Boat" بين حين وآخر على متن سفن رحلات بحرية حقيقية، حيث كان الركاب قيمة إضافية زادت من جاذبيتها.
ولاحظت سبنسر براون أنّ "العديد من شركات الرحلات البحرية رغبت بابتكار تجارب للمسافر ربما لن يتمكن من تحقيقها بمفرده".
التركيز على الترفيه
ربما لعب "The Love Boat" دورًا أيضًا من خلال تركيزه على الجانب الترفيهي الكبير الذي نصادفه على متن السفن السياحية الحديثة.
فخارج الشاشة الصغيرة، أحيت كل من سفينة Island Princess ونظيرتها Pacific Princess، اللتان اُستخدمتا بشكل أساسي للتصوير في بداية المسلسل، عروض الإنتاج الرئيسية التي حظيت بشعبية كبيرة بين المعجبين الرحالة.
أدى ذلك إلى إدخال بعض الميزات الجديدة الكبرى على السفن السياحية في السنوات اللاحقة.
وقال كنيغو إنّ "Princess وخطوط رحلات بحرية أخرى استمرّت في بناء سفن تحتوي على صالات عرض مزودة بمسارح ضخمة، ومؤثرات صوتية، وإضاءة، كلّها باتت اليوم معايير أساسية لبناء سفن الرحلات البحرية الحديثة"، مضيفًا أن القاعات المفتوحة السقف الحديثة التي نشاهدها على متن السفن السياحية اليوم مستوحاة أيضًا من سفن مسلسل "قارب الحب".
مغامرات رومنسية
وشكلت الرومانسية إحدى ركائز مسلسل "قارب الحب" المهمة جدًا. ففي حين أن المؤامرات المحاكة في العلاقات متّعت المشاهدين بالتأكيد، بيد أن سبنسر براون تشدّد على أن التركيز على هذا الجانب كان مفيدًا أيضًا، عندما يتعلق الأمر باستدامة فكرة "الرومانسية المرافقة للرحلات البحرية، وهذه حقيقة".
وأضافت "لطالما امتلكت Princess جميع أنواع وسائل الراحة المحسّنة التي تشي بالرومانسية".
وخلصت إلى أنهم "احتضنوا هذا المفهوم طوال الوقت. إن كان من خلال عشاء على شرفة لحظة غروب الشمس، أو بتلات ورد متناثرة على سريرك".
لم شمل نجوم "قارب الحب"
غالبًا ما تنظم Princess Cruises رحلات لم الشمل، حيث تستضيف ممثلي "The Love Boat. ومن المقرر أن تكون الرحلة التالية في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، من لوس أنجلوس إلى المكسيك.
وقال كنيغو الذي من المقرّر أن يشارك بلقاء لم الشمل التالي: "يقف الناس في طابور لساعات فقط لالتقاط صورة لهم مع فريق التمثيل"، لافتًا أنّ الممثلين "يوقعون إهداءاتهم وهو أمر رائع للغاية ومستمر حتى يومنا هذا".
وكان الممثل ماكليود منتظمًا بالمشاركة في هذه الرحلات البحرية الشعبية حتى وفاته عام 2021.
وقال ذات مرة في مقابلة عام 2015: "يسألنا الناس دومًا عن سبب شهرة فيلم The Love Boat، ونجيبهم دومًا إنه يقدم للناس شيئًا يحلمون به".