يستعرضون مهارتهم بركوب الخيل.. تعرف إلى هذا الموروث الشعبي في صعيد مصر
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- على أنغام المزمار الصعيدي، تتبختر هذه الخيول متألّقة بزينتها الكاملة، وترمح بخطوات رشيقة، خلال تباري الفرسان من الشباب والرجال، وسط أجواء شعبية تحتفي بأحد أهم الموروثات التي لا يزال أهل الصعيد في مصر يمارسونها حتى اليوم، أي المرماح.
ويستمر محمود هواري، مؤسِّس منصّة "بشر الصعيد" Humans of Upper Egypt، التي أطلقها عام 2011 بهدف "تصحيح المفاهيم وكسر الصورة النمطية المأخوذة عن صعيد مصر"، في مشروع توثيق حياة أهل الصعيد بمختلف جوانبها، من العادات والتقاليد، إلى الأزياء، والاحتفالات، واللكنة، والعمارة، إضافة إلى الموروثات الشعبية.
وفي مقابلة مع CNN بالعربية، أوضح هواري، الصعيدي الأصل، أنّ المرماح لعبة شعبية جماعية تقام في غالبية قرى وبلدان صعيد مصر، مشيرًا إلى أنها تجسد معارك الخيول القديمة، وبموجبها يدعو شبان القبيلة المنظّمة للحدث فرسان القبائل الأخرى للتباري بالفروسية.
وأشار هواري إلى أنّه إسوة بجميع أطياف الثقافة الشعبية، يصعب تحديد تاريخ دقيق لنشأة لعبة المرماح وأصولها، فالثقافة الشعبية تنشأ من الوجدان الجماعي للشعوب أو الجماعات، وتُعتبر المرماح لعبة شعبية تتميز بطابع خاص، إذ تجمع بين التراث العربي الذي يحتفي بالخيول وبين استخدامها بالحروب والمعارك.
ورجح هواري الذي قضى مدة يبحث في أصل المرماح، أنه بعد دخول العرب إلى مصر واستيطان أغلب القبائل العربية في صعيد مصر، أصبحت القرى في صعيد مصر ساحة ازدهرت فيها الألعاب الشعبية، ومن أبرزها الرمح والعدو بالخيول، وذلك لاستعراض القوة والمهارة في ركوب الخيل.
أما عن إطلاق اسم "المرماح" على هذا الموروث الشعبي، فيشير هواري إلى أنه يتحدّر من كلمة "الرَمح" بفتح الراء أي الجري.
ولفت هواري إلى أنّ المرماح لا يُعتبر سباق فروسية بالمعنى الحرفي، إنما محاولة استعراض الفارس لبراعته في الفروسية وركوب الخيل، وإعلاء شأن وسمعة القبيلة التي ينتمي إليها، والحصان أو الفرس الذي يمتطيه.
ويبدو أن موروث المرامح يرتبط بشكل وثيق بالاحتفالات، إذ أشار هواري إلى أن حلقات المرماح تُقام خلال حفلات الزفاف.
وتشهد موالد الأولياء إقامة حلقات المرماح أيضًا، التي يتوافد عليها جميع القبائل في الصعيد والقرى المجاورة، مثل مولد "سيدي عبد الرحيم" بمحافظة قنا، حيث يُقام احتفالًا بليلة النصف من شهر شعبان، وتشارك فيه قبائل متعددة.
وأوضح هواري إلى أن فعاليات المرماح تشهد حضور أعداد غفيرة من أهل الصعيد، الذين يتجمعون حول حلقة المرماح لمشاهدة عروض الفرسان التي تعكس مهارتهم بالفروسية، إلى جانب كونها مظهرًا من مظاهر الفخر بالقبيلة.
ويبدأ التجهيز لفعاليات المرماح قبل يوم واحد، حيث يُطعم الفارس حصانه ويسقيه جيدًا في ذلك اليوم.
وتتكون زينة الحصان من عقد من الفضة، وخلاخيل، و"خمسة وخميسة" الشهيرة، و"شراشيب" تتدلى وسط عيني الحصان.
وتدخل الفرس إلى الحلبة ملقية تحية على أنغام الطبل والمزمار، ويكون الفارس ممسكًا بعصا مصنوعة من الزان، وعلى الفرسان اتّباع قواعد بدءًا من حركات "المشلاوية"، أي "اللف" و"إعطاء النقطة" (إكرامية النقود) كتحية للمزمار الذي يُحييهم، لتنتهي بخط السير المستقيم الذي سيقطعه الفارس بجانب منافسه، حيث يبلغ طوله مسافة 3 أمتار، ومن يصل أولا يكون الفائز.