هذه الشركة تزعم أنّ قواربها "الطائرة" قادرة على إنقاذ مدينة البندقية.. كيف؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا شكّ في أنّ مدينة البندقية تُعد قبلة السيّاح في إيطاليا، وأنّها في خطر داهم منذ أعوام، فهل من إمكانية لإنقاذها؟
وتعتقد إحدى الشركات أنها تستطيع إحداث فرق في المدينة العائمة، من خلال استخدام قواربها "الطائرة".
تزعم شركة "كانديلا" السويدية بأنّ قواربها الكهربائية قد تساعد على مكافحة ظاهرة "موتو أوندوسو" المدمرة، المتمثلة بضرب الأمواج التي تخلّفها القوارب، للمباني والأرصفة في جميع أنحاء المدينة.
وقد وصفت منظمة اليونسكو مشكلة "موتو أوندوسو" بأنها تشكل "حالة طوارئ كبيرة" تعاني منها المدينة الهشة.
وتقول المنظمة إنّ هناك حاجة إلى "الحد بشكل كبير من الآثار الناجمة عن القوارب ذات المحركات"، وتسعى قوارب "كانديلا" إلى تحقيق هذا الأمر على وجه التحديد.
تعد قوارب "كانديلا" من طراز C-8 وP-8 Voyager أولى القوارب عالية السرعة، من دون الحاجة إلى مخر عباب البحر.
ورغم أن القارب من طراز C-8 كلاسيكي، فقد صُمّم القارب من طراز P-8 Voyager كي يكون قادرًا على نقل الركاب كتاكسي مائي أو عبّارة، ويمكن أن يعتمد على مستوى أكبر في جميع أنحاء المدينة.
وتنتج هذه القوارب، المصمّمة من قبل مهندسي الطيران والطائرات بدون طيار، أمواجًا تبلغ 5 سنتيمترات فقط (2 بوصة) عندما "تطير" بسرعة تصل إلى 30 عقدة تقريبًا، أي يـُستبعد أن تمس البنية التحتية للمدينة.
وفي الوقت ذاته، يعد القارب من طراز P-12 الأكبر الذي يتسع لـ30 راكبًا، والذي أعلن عنه في يونيو/ حزيران 2022، أن يكون أول عبّارة "طائرة"، بمدى 60 ميلًا بحريًا، وسرعة تصل حدّ 60 كيلومترًا في الساعة.
أحلام كهربائية
ربما تلاقي السيارات الكهربائية رواجًا منذ بعض الوقت، لكن مسار القوارب الكهربائية أصعب.
إذ يُعتبر سحب هيكل القارب على المياه، بالإضافة إلى وزن البطارية اللازمة لتشغيله، ضربة مزدوجة للقوارب، ما يعني أنه يتعين على معظمها التنازل عن السرعة أو المسافة التي سيقطعها.
ففي القارب العادي، لا يمكن لحزمة بطارية بسعة 100 كيلو واط في الساعة، الإبحار أكثر من 30 ميلًا بحريًا بسرعة 20 عقدة قبل نفاد طاقتها، وفق شركة "كانديلا".
إلا أن رفع هيكل القارب من المياه يحل هذه المشكلة، ذلك أن كفاءة هذه القوارب تحقق نسبة 400%، ويمكنها الإبحار لمدة 150 دقيقة قبل أن تحتاج لإعادة شحنها، بحسب الشركة.
وكانت قوارب كانديلا "الطائرة" وليدة أفكار مؤسسها غوستاف هاسيلسكوغ، الذي رأى أنّ القوارب التقليدية تستهلك طاقة تقريبية تفوق 15 مرة من السيارة، بمعدل ثابت قدره 20 عقدة، ما يشكّل عائقًا لإنتاج الطاقة عبر البطارية.
عوض ذلك، فكر برفع القوارب عن المياه، على إسطوانات هيدروليكية لجعلها "تطير"، مستعينًا بمهندسي طيران وطائرات بدون طيار حتى تصبح حقيقة واقعة.
وقال هاسيلسكوغ، في بيان حول قوارب C-8: "الطيران في صمت مطلق، من دون ضرب للأمواج، ومجانًا بشكل أساسي، إنها تجربة مدهشة. بمجرد اختبارك لقوارب كانديلا، سيكون من الصعب العودة إلى الزوارق السريعة التقليدية".
ولفت إلى أن "البندقية، التي تعتمد على الزوارق البخارية، لكنها تعاني أيضًا من أثرها، تعد المكان المثالي لإظهار كيف يمكن أن تساهم تصاميم كانديلا بعالم أفضل، مع تقديم مستويات جديدة من الأداء".
يبدأ القارب بالإبحار إسوة بأي قارب آخر، لكنه، على نحو مماثل للطائرة، يبدأ بالارتفاع مع ازدياد سرعته. يمكن أن تتراجع الاسطوانات أيضًا، ما يعني أن القوارب ليست معرضة لخطر النمو البحري.
ومع ذلك، فإن الحاجة إلى السرعة لرفع الاسطوانات يعني أنّ إنقاذ البندقية لن يكون بالأمر السهل مع التحول إلى القوارب الكهربائية، وفق الدكتور بييرباولو كامبوستريني، العضو المنتدب لشركة كوريلا، التي تدرس نظام البحيرة في البندقية.
وأوضح كامبوستريني لـCNN أنّ "القوارب التي تتميز بهذا النوع من الهيكل لا تنتج مشكلة موتو أوندوسو عند استخدام اسطواناتها، غير أن الأخيرة لا تنشط إلا فوق سرعة معينة، والتي تبدو راهنًا كبيرة بالنسبة لسياق نظام البندقية".
وأضاف أنه "بالتأكيد ليس مفهومًا مناسبًا للحافلة المائية في القناة الكبرى أو قارب الشحن".
ومع ذلك، يعتقد كامبوستريني أن القوارب يمكن أن يكون لها إمكانات خارج وسط المدينة، مثل الطريق إلى المطار، أو لجهة شمال البحيرة، أو ربط البندقية بجزر مثل بورانو وبيليسترينا.
إعادة التفكير بالبندقية
وحذر كامبوستريني من أن مناورة القوارب بسرعة كبيرة إلى جانب حركة المرور البطيئة قد يكون أمرًا صعبًا، مشيرًا إلى أن إعادة التفكير بالنقل في المدينة أمر سليم قبل اتخاذ القرارات.
وقال كامبوستريني: "سيكون من المثير إجراء بعض التجارب [مع شركة كانديلا]، ولكن قبل تقديم هذا الاحتمال على نطاق واسع، يجب إعادة التفكير بحركة المياه في البحيرة".
وأضاف: "من المهم أولاً تسريع الانتقال إلى الدفع الكهربائي لجميع القوارب في البحيرة قدر الإمكان، وثانيًا فرض الامتثال لحدود السرعة من خلال التقنيات الحالية التي يمكنها التعرف على نوع القارب".