تاريخ السفن الغارقة حافل بالألغاز.. بعضها ما زال متواريًا وأخرى حُدّد مكانها
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في مارس/آذار من عام 2022، شهد العالم على اكتشاف حطام سفينة "HMS Endurance" للمستكشف القطبي إرنست شاكلتون، على عُمق ميلين تقريبًا من سطح البحار الجليديّة في القطب الجنوبي.
ولكن لا تزال هناك العديد من السفن الغارقة التي تنتظر من يكتشفها في قاع المحيط.
إليك بعض أكثر السُفُن الغارقة غموضًا في العالم، بالإضافة إلى بعض الحطام الذي يمكنك رؤيته بنفسك.
سفينة "سانتا ماريا"، هايتي
يتحمّل شخص من الطاقم مسؤولية غرق سفينة كريستوفر كولومبوس الرئيسية، "سانتا ماريا"، قُبالة سواحل هايتي عشيّة عيد الميلاد عام 1492.
وتقول إحدى النظريات إنّ بحّارًا عديم الخبرة تولّى قيادة المركبة بعد أخذ المستكشف الإيطالي لقيلولة، لكنها ما لبثت أن ارتطمت بالشعاب المرجانية بعد فترة وجيزة.
وكان هناك جو من الحماس في مايو/أيار من عام 2014 عندما ادّعى عالم الآثار، باري كليفورد، أنه صادف حطام السفينة المفقودة.
وأُصيب عشّاق التاريخ البحري بخيبة أمل عندما أشارت منظمة اليونسكو إلى أنّ السفينة االمُكتشفة تعود لفترة لاحقة.
ولا تزال سفينة "سانتا ماريا" متوارية في مكانٍ ما في أعماق البحار.
"فلور دي لا مار"، سومطرة
تنقّلت هذه السفينة التجارية، خلال القرن الـ16، بين الهند، وموطنها في البرتغال.
لكن نظرًا لحجمها الضخم، إذ يبلغ طولها وارتفاعها تباعًا 118 قدمًا، و111 قدمًا، كان من الصعب قيادتها.
وربما كان غرق سفينة "فلور دي لا مار" مسألة وقت فقط، فواجهت مصيرها المحتم خلال هبوب عاصفة شديدة قُبالة شواطئ سومطرة في إندونيسيا، عام 1511.
ولقي معظم أفراد الطاقم حتفهم، وخسرت السفينة غنائمها، التي قيل إنها شملت الثروة الشخصية الكاملة للحاكم البرتغالي، والتي تقدّر قيمتها بـ2.6 مليار دولار من أموال اليوم.
سفينة "SS Waratah" في ديربان، جنوب أفريقيا
تُعرف سفينة "SS Waratah" بكونها "تيتانيك أستراليا" لسببٍ وجيه.
كانت السفينة مُخصّصة للركاب، والشحن، كما أنها بُنيت للسفر بين أوروبا، وأستراليا، والتوقف في أفريقيا.
واختفت المركبة بعد فترة وجيزة من انطلاقها من مدينة ديربان، بجنوب أفريقيا عام 1909، وقبل 3 أعوام فقط من مأساة "تيتانيك".
وهناك نظريات كثيرة حيكت حول اختفائها.
ولم يتم العثور على السفينة قط، أو طاقمها، وركابها الذين بلغ مجموعهم 221 شخصًا.
سفينة "USS Indianapolis"، بحر الفلبين
لعبت السفينة دورًا حاسمًا في وضع نهاية للحرب العالمية الثانية.
واختيرت "USS Indianapolis" لنقل أجزاء من اليورانيوم المستخدمة في صناعة قنبلة "ليتل بوي" الذرية إلى جزيرة تينيان، حيث تم تجميع السلاح قبل فترة وجيزة من استخدامه بشكلٍ مُدمّر على هيروشيما.
وسارت عملية تسليم الشحنة القاتلة من دون أي عوائق، لكن غواصة يابانية هاجمت السفينة في رحلة العودة، ما تسبّب بمقتل العديد من أفراد الطاقم جراء هجمات أسماك القرش، والتسمّم بالملح.
وظل مكان وجود السفينة الحربية بمثابة لغز لعقود، لكنّه حدّد بواسطة فريق بقيادة المؤسس المشارك لشركة "مايكروسوفت"، بول ألين، عام 2017، على عمق 18 ألف قدم تحت سطح المحيط الهادئ.
سُفُن الرقيق، شمال المحيط الأطلسي
وتُشير التقديرات إلى تورّط نحو ألف سفينة غارقة في قاع المحيط حاليًا، بـ"التجارة المثلثية" عبر المحيط الأطلسي، التي شهدت إجبار بين 12 و13 مليون أفريقي على العبودية.
وغرقت العديد من هذه السفن جراء الطقس المضطرب، مثل "São José"، التي انتهى بها المطاف بالغرق قُبالة سواحل جنوب أفريقيا عام 1794.
وتم إغراق سُفُن أخرى، مثل "Clotilda"، عن قصد من قبل أصحابها لإخفاء آثار تجارة الرق، وذلك بعد فترة طويلة من تطبيق قانون عام 1807 الذي يحظر استيراد الرق.
والآن، تم تحديد موقع حطام السفينتين، ويعود فضل العثور على "São José" إلى مجموعة "Diving With a Purpose"، التي يُشكَل فيها الغواصون السود الأغلبيّة.
أنقاض يمكنك زيارتها
سفينة "Uluburun"، بودروم
كان محمد جاكر يغوص بحثًا عن الإسفنج قُبالة سواحل "ياليكافاك" بتركيا عام 1982، عندما صادف أنقاض سفينة تجارية غرقت قبل 3 آلاف عام.
وتم الغوص نحو السفينة أكثر من 22،400 مرّة بغية جلب كنوز "Uluburun" المفقودة إلى السطح، التي تضمّنت 10 أطنان من سبائك النحاس، و70 ألف من الخرزات الزجاجية، والخزفية، إلى جانب زيت الزيتون، والرمان، وتم تخزينهما في أوعية فخارية قبرصية.
ويمكن الآن رؤية بعض هذه الكنوز في متحف بودروم للآثار تحت الماء.
"فاسا"، ستوكهولم
نظرًا لكونها سليمة بشكل مخيف، بدت السفينة الحربية "فاسا"، التي تعود للقرن الـ17، وكأنها هيكل من فيلم "Pirates of the Caribbean"، أكثر من كونها سفينة أبحرت لأول وآخر مرّة عام 1628.
وأبحرت السفينة السويدية العملاقة مسافة 1،300 متر بعيدًا عن الميناء تقريبًا قبل غرقها، ولم يتم انتشالها من القعر إلا بعد حوالي 333 عام.
واكتشف فريق من علماء الآثار هيكلاً مليئًا بـ700 منحوتة، وزخارف لحوريات البحر، والأسود، وشخصيات توراتية.
ومنذ افتتاح متحف خاص بها في ستوكهولم عام 1990، أصبحت "فاسا" أقل حطام السُفُن غموضًا، إذ أنها عُرِضت أمام 25 مليون زائر تقريبًا حتّى الآن.
"MV Captayannis"، نهر "كلايد"
عند النظر إلى هذه السفينة من ضفاف نهر "كلايد" في أسكتلندا، قد تعتقد أنك ترى حوتًا قد مات منذ فترة قصيرة.
ويُعد الهيكل الأسود لهذا القارب اليوناني، الذي انقلب على جنبه، موقعًا مفضلًا للطيور الآتية من محمية قريبة، وذلك منذ غرق السفينة خلال عاصفة هبّـ في يناير/كانون الثاني من عام 1974.
وقيل إنه لم يتحمّل أحد المسؤولية بشأن السفينة، ولهذا السبب، هي لا تزال عالقة في رصيفٍ رملي.