لماذا سقطت المملكة المتحدة في ثقبٍ أسود عندما يتعلق الأمر بقطاع السفر؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تعد المملكة المتحدة موطنًا للتقاليد الخاصة بعيد الميلاد والمنازل الريفية المريحة لقضاء عطلة مميزة بموسم الأعياد.
وشهدت المملكة المتحدة عادةً تساقط الثلوج حتى في جنوب إنجلترا. ومن الممكن أن يكون عيد الميلاد أبيض لأول مرة منذ أعوام.
مع ذلك، هناك مشكلة واحدة فقط، أي إمكانية الوصول إلى هناك.
ورغم أن هذا يعد أول عيد ميلاد منذ عام 2019 لم تفرض فيه المملكة المتحدة قيودًا على السفر بسبب فيروس كورونا، إلا أن السؤال يبقى ما إذا كانت وجهة يمكن زيارتها هذا الشهر.
ووسط الفوضى السياسية، تشهد المملكة المتحدة تحركًا صناعيًا على نطاق غير مسبوق.
انطلقت دعوات إلى الإضراب عن العمل في كل يوم تقريبًا من أيام شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، من الممرضات، والعاملين الصحيين، وسائقي سيارات الإسعاف، إلى عمال البريد، وسائقي الحافلات، وعمال السكك الحديدية، وعمال الأمتعة، وقوات الحدود.
وبالطبع تؤثر معظم هذه القطاعات التي تشهد إضرابات على قطاع السفر.
ويقول خبير الطيران لدى موقع "Head for Points" الخاص بشؤون السفر، ريس جونز، إنه أمر خطير ويشكّل مشكلة كبيرة".
فوضى على الحدود
أما عن أكبر عائق أمام القادمين من الخارج؟ فهي الحدود، حيث سيقوم ضباط الهجرة بالإضراب عن العمل خلال فترة عيد الميلاد في ستة مطارات رئيسية هي مطار لندن هيثرو، ومطار لندن غاتويك، ومطار مانشستر، وبرمنغهام، وكارديف، وغلاسكو - وميناء نيوهافن.
من جهتها حذرت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان من "اضطراب خطير لا يمكن إنكاره" بسبب الإضرابات، وحثت أي شخص يسافر على إعادة التفكير في خطط سفره خلال موسم الأعياد.
وتقوم الحكومة البريطانية بنشر أفراد الجيش لإدارة مكاتب الهجرة.
وكان أفراد الجيش يراقبون العملية الحدودية في مطار هيثرو منذ 10 ديسمبر/ كانون الأول.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: "المساعدة العسكرية للسلطات المدنية تعد عملية طويلة الأمد وراسخة تسمح باستخدام القدرات المتخصصة للقوات المسلحة البريطانية لدعم السلطات المدنية في الاستجابة لحالات الطوارئ المحلية".
وأضاف: "الحفاظ على أمن حدود المملكة المتحدة هو أولويتنا القصوى".
ولكن قد يحتاج المسافرون إلى التنازل عن ضبط الوقت والراحة.
وبينما نصحت الحكومة شركات الطيران بإلغاء 30% من الرحلات الجوية، لم تقم أي شركة طيران بذلك حتى الآن، بينما تقدم شركة الطيران "إيزي جيت" للمسافرين المتأثرين إمكانية إعادة الحجز مجانًا.
وقد يؤدي التأخير في عبور الحدود إلى الاكتظاظ في مبنى الركاب، ما يعني أنه قد يُطلب من الطائرات إبقاء المسافرين على متنها - ما يؤدي إلى تأخير الرحلات المغادرة أيضًا.
ولم تلغ شركات الطيران الرحلات الجوية حتى الآن، ويمكن لأي شخص لديه جواز سفر إلكتروني استخدام البوابات الإلكترونية.
إذن ماذا يجب أن تفعل إذا حجزت للسفر إلى المملكة المتحدة خلال فترة عيد الميلاد؟
يقول خبير الطيران جونز: "إذا كانت لديك مرونة، وإذا كانت العملية ميسورة التكلفة، فإن تغيير رحلتك يعني أنك تخاطر بدرجة أقل".
ومن جانبها، تنصح جو رودس، وهي نائبة رئيس التحرير لدى موقع "?Which" الخاص بشؤون المستهلك، هي الوصول قبل مدة طويلة إلى المطار، وعدم الاعتماد على وسائل النقل العام للوصول إلى هناك، وتأمين السفر مع تغطية لتأخير الرحلات، أو الرحلات الفائتة بسبب الطوابير الطويلة.
ركوب قطارات السكك الحديدية
مع الانتشار الواسع لشعبية السفر على متن القطار، وشبكة السكك الحديدية المميزة في المملكة المتحدة، قد تعتقد أن هذا هو الوقت المناسب للسفر بالقطار.
مع ذلك، تعد إضرابات السكك الحديدية كبيرة لدرجة أنها ستكلف قطاع الضيافة ما يقدر بنحو 1.5 مليار جنيه إسترليني، أي 1.8 مليار دولار، من الأرباح المفقودة مع بقاء الناس في منازلهم، وفقًا لما ذكرته كيت نيكولز، الرئيس التنفيذي لقطاع الضيافة لدى "UKH Hospitality"، ما يعادل التأثير المادي ذاته لظهور متحور "أوميكرون" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ويقول كريستيان وولمار، وهو خبير صناعة السكك الحديدية "هذه هي أسوأ حالة مرت بها السكك الحديدية منذ 30 عامًا".
ويشير إلى أن الإضرابات بقطاع السكك الحديدية في المملكة المتحدة ليست غير شائعة، لكن "حالة الفوضى" الحالية تعد استثنائية.
فهل يمكن أن يؤثر كل هذا على سمعة المملكة المتحدة كوجهة سفر؟
وكانت المملكة المتحدة تتعافى للتو من فوضى كوفيد، وفوضى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما جعله وقتًا عصيبًا للتنافس مع وجهات أخرى أقل اضطرابًا.
وبالنسبة إلى جيمس تورنر، الرئيس التنفيذي لشركة 360 برايفت ترافيل، والذي لديه عدة مئات من العملاء الذين يزورون المملكة المتحدة هذا الشهر، ويعمل فريقه لساعات إضافية لوضع خطط للطوارئ، "أنا متأكد من أنه لن يكون هناك أي تأثير دائم، ولكن على المدى القصير فمن الواضح أنه سيشكل انطباع سلبي."
تتفق كيت نيكولز على أن الوضع يغير بالفعل عادات السياح، قائلة: "الزوار الأوروبيون على وجه الخصوص، الذين يأتون لقضاء عطلة نهاية الأسبوع ، قد غيروا رأيهم ولن يأتوا".
وتضيف:"يبدو الأمر وكأن نظام النقل بأكمله يعاني من صرير ويؤثر ذلك على ثقة المستهلك الدولي بأنه يمكنه القدوم إلى المملكة المتحدة والتنقل فيها".
وتتابع: "نحتاج إلى إيصال رسالة مفادها أن المملكة المتحدة لا تزال مفتوحة، قد يستغرق الأمر وقتًا أطول لتعافيها، لكنها مفتوحة".
وبعد عامين مدمرين بالنسبة لقطاع السياحة بالمملكة المتحدة، حيث انخفض عدد الزوار بنسبة 82% في عام 2021 مقارنة بأرقام ما قبل الجائحة، وشهد هذا الصيف ضجة حول شركات المياه التي تصرّف مياه الصرف الصحي الخام على الشواطئ.