بعد إعادة فتح الحدود.. إلى أين يتجه الصينيون للسفر الآن؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يحلم شيونغجي داي، وهو مهندس برمجيّات مُستقل يعيش في مدينة سوتشو الصينيّة، بأوّل رحلة كبيرة له بعد جائحة "كوفيد-19".
وقال الرّجل البالغ من العمر 32 عامًا إن وجهات مثل كوريا الجنوبيّة، وأوروبا، واليابان، ونيوزيلندا، وأستراليا تحتل رأس قائمة الأماكن التي يرغب بزيارتها، ولكنّه وضع عينيه على الولايات المتحدة.
وأوضح داي لـCNN: "عندما يكون لدي ما يكفي من المال، أود زيارة أمريكا أولاً".
وليس داي المواطن الصيني الوحيد الذي يأمل في السّفر خارجًا بعد إلغاء الحكومة الصينيّة متطلّبات الحجر الصحي عند الدّخول، وإعادة إصدار جوازات السفر.
ووفقًا لبيانات مجموعة "Trip.com"، ازدادت حجوزات الرّحلات المغادِرة بنسبة 254% في أواخر ديسمبر/كانون الأول، وفي اليوم التالي من الإعلان عن تخفيف قيود السفر اعتبارًا من 8 يناير/كانون الثاني.
وقالت رئيسة الإعلام والاتصالات التنفيذيّة في مجموعة "Trip.com"، ويندي مين، لـCNN: "نحن متفائلون بشأن مستقبل السياحة"، وأضافت: "إعلان السياسة الأخير مُشجّع، ونتوقع طلبًا قويًا، وزيادة ثقة المستهلك".
إلى أين؟
وبناءً على حجوزات مجموعة "Trip.com"، تتضمّن الوجهات الأكثر شعبيّة حتّى الآن سنغافورة، وكوريا الجنوبيّة، وهونغ كونغ، واليابان، وتايلاند.
وعندما يأتي الأمر للوجهات البعيدة، تتصدّر الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وأستراليا القائمة.
وذكرت مين: "الصّيحة التي لاحظناها هي تمتّع الرّحلات قصيرة المدى بشعبيّة بسبب الأسعار (المنخفضة). ولطالما حظيت سنغافورة، وكوريا الجنوبيّة، واليابان بشعبيّة كبيرة بين المسافرين الصينيين، وحتّى قبل كوفيد".
ورأى الرّئيس التنفيذي لمعهد أبحاث السياحة الخارجيّة في الصين (COTRI)، الدكتور وولفجانج جورج أرلت، أنّه من المنطقي تعافي السّفر الإقليمي، نظرًا لكون زيارة الوجهات المجاورة أسهل، وأقل تكلفة.
وأضاف أرلت أن الرّبع الأول من عام 2023 سيكون محصورًا بالرحلات غير الترفيهيّة العاجلة، مثل رحلات العمل، أو لم شمل الأسرة، أو سفر الطلبة، أو احتياجات الرّعاية الصحيّة.
الموجة الأولى من السفر الترفيهي
ويعتقد أرلت أن السّفر الترفيهي سيبدأ بالانتعاش في الرّبع الثّاني من العام عند سير أمور مثل إجراءات الموافقة على جوازات السفر والتأشيرات بسلاسة، واستئناف الرّحلات الجويّة بالكامل.
وقال أرلت: "سيكون بعض المسافرين بغرض الترفيه متحمّسين للغاية للحصول على جواز سفر، وتأشيرة دخول، وتذكرة بسعر معقول. وسينتظر آخرون لرؤية التّجارب التي سيحظى بها أوّل المسافرين لدى عودتهم"، مضيفًا: "أمضت الحكومة 3 أعوام في تخويف الصينيين من العالم الخارجي، لذلك سيظل البعض قلقًا بشأن ما إذا كان السّفر آمنًا".
ومع نمو ثقة المستهلك خلال الرّبع الأول، يتوقّع آرلت رؤية المزيد من المسافرين الصينيين وهم يخوضون رحلات إقليميّة تعطي الأولويّة للرفاهيّة، والاسترخاء، والطبيعة في أبريل/نيسان على الأرجح.
الوجهات المرغوبة
وقبل جائحة كورونا، كانت الصين أكبر أسواق السّفر للخارج في العالم من حيث أعداد المغادرين، والإنفاق.
وفي عام 2019، خاض المسافرون الصينيون 154.6 مليون رحلة إلى الخارج، وأنفقوا حوالي 255 مليار دولار، بحسب منظّمة السياحة العالميّة التابعة للأمم المتحدة (UNWTO).
وبناءً على توقّعات بيانات معهد أبحاث السياحة الخارجية في الصين، فقد تصل الرّحلات الخارجية إلى 115 مليون رحلة بحلول نهاية العام، بما في ذلك الرّحلات إلى الأراضي الصينية في هونغ كونغ، وماكاو.
وأشارت مديرة التسويق والاتصالات بوكالة "دراغون ترايل إنترناشيونال" للتّسويق الرقمي، سيينا باروليس-كوك، إلى استعادة الوجهات ذاتها مراكزها العليا ضمن القائمة مع انتعاش السفر.
وفي عام 2019، كانت تايلاند الوجهة الأولى الأكثر زيارة من قبل المسافرين الصينيين مع استقبالها 11 مليون سائح صيني تقريبًا.
وجاءت اليابان في المرتبة الثانيّة مع استقبالها لـ9.5 مليون مسافر صيني في عام 2019، وفقًا لإحصاءات السياحة اليابانيّة.
وفي الوقت ذاته، جذبت فيتنام 5.8 مليون مسافر، بينما استقبلت كوريا الجنوبيّة وسنغافورة حوالي 5.5 مليون مسافر، و3.6 مليون مسافر على التوالي.
ظهور وجهات ساخنة جديدة وتحوّل في طريقة السفر
وتمتّع المسافرون الصينيون بـ3 أعوام ليحلموا بالمكان الذي يرغبون بزيارته، وتبادل التجارب مع الأصدقاء بحسب ما ذكره أرلت، وهناك اهتمام متزايد باكتشاف وجهات غير تقليديّة.
وأصبحت وجهات مثل ألبانيا وجورجيا تحظى بالاهتمام على سبيل المثال.
ووفقًا لمجموعة "Trip.com"، يُفضّل المسافرون الصينيون المجموعات الصغيرة، والسفر المستقل بدلاً من المشاركة في جولات كبيرة، كما أنّهم يولون المزيد من الاهتمام للإستدامة.
ولكن لم يتغيّر كل شيء عندما يتعلق الأمر بما يرغب به المسافرون الصينيون، وشرحت باروليس-كوك: "تُظهر العديد من الصّيحات والتّفضيلات ما بعد الجائحة في السفر الصيني. وتُعد الطبيعة، والأنشطة الخارجيّة، والقيادة بشكلٍ مستقل (استئجار السيارات)، والتّحول من الجولات الجماعيّة الكبيرة إلى السفر المستقل أمثلة على ذلك".
قيود الدخول
وبما أن الصين شكّلت حوالي 14% من الإنفاق السياحي العالمي البالغ 1.8 تريليون دولار في عام 2019، تنتظر العديد من الوجهات عودة المسافرين بفارغ الصبر.
ولكن قبل إعادة فتح الصين مباشرةً، دخلت سلسلة من قيود الدخول والفحوصات حيز التنفيذ.
وأعلنت الولايات المتحدة، وكندا، واليابان، وأستراليا، والهند، وإيطاليا، والمملكة المتحدة، وفرنسا وغيرها من الوجهات عن خططها لطلب إبراز نتيجة سالبة لفحص كورونا قبل المغادرة، وذلك نتيجة موجة العدوى المستمرّة في البلاد.
وأعربت باروليس-كوك عن مخاوفها بشأن عواقب متطلّبات الدخول المُستهدفة.
ومنذ تخلّي الصين عن سياسة "صفر كوفيد"، وإعادة فتح أبوابها جزئيًا في أواخر العام الماضي، أدّى تفشّي كورونا الذي أعقب ذلك إلى الضّغط على المستشفيات، ومحارق الجثث، كما أنّه تسبّب في نقص الأدوية الأساسيّة.
وقالت باروليس-كوك: "عندما تكون قيود السفر موجّهة لبلدٍ معيّن.. بدلاً من كونها عالميّة، فهي أكثر فاعليّة في خلق وصمة عار بدلاً من منع تفشّي كوفيد"، ثم أضافت: "سيكون لدى المسافرين الصينيين الكثير من الخيارات لرحلتهم الأولى إلى الخارج، وستجذبهم الوجهات غير الخاضعة لأي قيود دخول باعتبارها أكثر وديّة".