"تجربة مؤلمة للغاية"..هكذا اضطر راكب من ذوي الاحتياجات الخاصة لجرّ نفسه على متن طائرة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يترافق هبوط الطائرة في مدينة لاس فيغاس الأمريكية بالنسبة لغالبية الناس مع مشاعر إثارة ممزوجة بقليل من الرهبة.
بيد أنّ هذا الأمر لم يسرِ على رودني هودغينز، الذي سافر في أغسطس/آب، واختبر تجربة مؤلمة للغاية، على حد قوله، لدرجة أفسدت بقية رحلته.
وقال هودغينز الذي يستخدم الكرسي المتحرّك، إنّه اضطر إلى جرّ نفسه عبر ممر الطائرة بمساعدة زوجته، عندما لم يحضر موظفو المساعدة في المطار لتقديم الدعم له. وأضاف أنّ موظفي شركة طيران كندا طلبوا منه النزول سيرًا على الأقدام، رغم أنه لا يستطيع المشي، حتى تقوم الطائرة برحلتها التالية.
يستطيع هودغينز الذي يعاني من شلل دماغي تشنجي، تحمّل وزنه، لكنه لا يستطيع تحريك ساقيه. وكان يسافر برفقة زوجته ديانا من برينس جورج في كولومبيا البريطانية إلى مدينة فانكوفر في كندا، ومنها إلى مدينة لاس فيغاس الأمريكية في أواخر أغسطس/ آب، إذ كانت هناك مناسبة خاصة، أي الذكرى السنوية الأولى لزواجهما.
وكان هودغينز قد حجز ستة أيام بجناح في فندق "ديلانو لاس فيغاس" الفاخر، كمفاجأة لديانا، التي قالت: "لقد خطط للرحلة بأكملها، وحزن جدًا عندما اتخذت الأمور مسارًا مختلفًا".
"ظننّا أنه يمزح"
لا يمكن للممرات الضيقة على متن طائرات الركاب التجارية عمومًا استيعاب الكراسي المتحركة على متن الطائرة، رغم وجود فكرة جديدة مبتكرة تهدف إلى حل هذه المشكلة. لذلك، يُطلب من المستخدمين عادةً ترك كراسيهم عند باب الطائرة، حيث يتم تحميلها في مخزن الأمتعة. ينتقل الراكب بعد ذلك إلى مقعده باستخدام كرسي بجانب الممر، وهو عبارة عن أداة ضيقة وغير مريحة، بمعونة موظفي المساعدة في المطار. وهذا الأمر يتكرّر عند الهبوط.
بسبب حالته، يحتاج هودغينز عمومًا إلى اثنين أو ثلاثة أفراد من موظفي مساعدة التنقل كي يجلس على كرسي الممر. وكان الزوجان أبلغا شركة طيران كندا بمتطلباته عندما حجزا المساعدة بالتوازي مع الرحلات الجوية، قبل ثمانية أشهر من السفر.
ورغم أن الرحلة الأولى سارت وفقًا للخطة، إلا أنه لم يحضر أحد لمساعدته للخروج من الطائرة عندما هبطت الرحلة الثانية، لمدة 20 دقيقة.
وأعربت ديانا هودغينز، زوجته عن مدى سعادتهما لحظة هبوطهما في لاس فيغاس: "كانت مدينة فيغاس، دافئة وجميلة، وكنا نشعر بسعادة غامرة".
لكن بعد حوالي 20 دقيقة من الهبوط، فيما كانا في مقاعد الصف 12، شاهدا أن الكرسي الكهربائي أزيل من عنبر الطائرة ووضع أمام الجسر النفاث، ثمّ توجه إليهما مضيف طيران طالبًا منهما السير إلى مقدمة الطائرة لأنهما بحاجة إلى الاستعداد للرحلة التالية.
وعلّقت ديانا قائلة: "اعتقدنا بداية أنه يمزح، لأنّ الجميع كان بمزاج جيد".
لكن المضيف لم يكن يمزح.
وأوضحت أنه شاهد كيف أُحضر زوجها على متن الطائرة بكرسي، بمحاذاة الممر.
وقالت: "أصر على أن الطائرة يجب أن تعود إلى مسارها، بسبب رحلة أخرى، وأنه علينا النزول" رغم عدم قدرة هودغينز على المشي، موضحة: "شعرنا بالذعر.. فكيف سنفعل ذلك".
الحاجة إلى مزيد من المساعدة
وحضر فرد واحد للمساعدة، في حين يحتاج هودغينز إلى أكثر من فرد.
استمرّ الضغط على الزوجين للتحرك، فما كان من هودغينز إلا أن قال: "سيتعين علينا النزول من هذه الطائرة بطريقة ما، سأضطر إلى جر نفسي".
وأوضح هودغينز لـCNN أنه "لم تكن هناك طريقة تمكنني من الوصول إلى مقدمة الطائرة لأنني بالطبع لا أستطيع المشي. انتابني غضب شديد، لكنني طلبت من زوجتي مساعدتي للوقوف على قدمي. لا أستطيع حقاً تحريك ساقيّ، لذلك اضطرت زوجتي إلى النزول على الأرض ومساعدتي في تحريكهما"، فيما دعم هودغينز نفسه من خلال التمسك بالمقاعد على جانبي الممر، وقامت زوجته بتحريك ساقيه بالتزامن. وتمكنا من قطع الصفوف الـ12 بأكملها.
لكن عندما وصلا إلى منطقة المطبخ قبل الصف الأمامي، لم يكن هناك شيء يمكنه التمسك به، ولا علامة على وجود أي موظف مساعدة. فقال: "كان علي أن أضع زوجتي أمامي، كي تحملني على كتفيها".
عندها طلبا من الموظف الذي يحمل كرسي الممر لإحضاره بعدما كان يجلس في خلفية الطائرة، فيما هما يعانيان للوصول إلى المقدمة. وتمكن الموظف من مناورة هودغينز للجلوس عليه، بمساعدة ديانا، والنزول من الطائرة ثم إلى كرسيه الكهربائي الذي كان ينتظره عند باب الطائرة طوال الوقت.
وقالا إن الحادث كان له تأثير غير مباشر على رحلتهما إلى فيغاس، حيث تعرض هودغينز لأضرار جسدية، إذ أوضحت ديانا: "لم يتمكن حتى من الاستحمام لمدة ثلاثة أيام".
الحل والتغيير
تلقى الزوجان رسالة إلكترونية من شركة طيران كندا حول كيفية معاملتهما، ورد فيها، أنه "بناءً على المعلومات المتوفرة لدينا حاليًا، علينا أن نعترف بأسف بأن شركة طيران كندا خالفت أنظمة الإعاقة".
وفي بيان أُرسل لـCNN، أفادت شركة طيران كندا أنها حاولت إرسال بريد إلكتروني لهما ثم اتصلت بالزوجين للاعتذار، وعرضت تعويضًا لهودغينز عن "تجربة السفر المزعجة".
وجاء في البيان أيضًا أن مستوى الرعاية الذي كان ينبغي تقديمه في مطار الوجهة لم يكن مطابقًا للمستوى. وأضاف البيان: "نحن نستعين بخدمات طرف ثالث متخصص بمساعدة الكراسي المتحركة في لاس فيغاس، لتوفير النقل الآمن داخل وخارج الطائرات. أثناء تحقيقنا في ما حدث، قررنا أن المضيفين اتبعوا الإجراءات، ضمنًا تقديم المساعدة التي تم رفضها. وبعد تحقيقنا في كيفية حدوث هذا العطل الخطير بالخدمة، سنقوم بتقييم شركاء خدمة المساعدة على تنقل الآخرين في لاس فيغاس".
ورفضت الشركة تقديم تفاصيل ردًا على أسئلة CNN حول مزاعم هودغينز، واكتفت بالإشارة إلى أن ضباط إنفاذ القانون في وكالة النقل الكندية يحققون في الحادث.
كما دعا وزير النقل الكندي، بابلو رودريغيز، شركة طيران كندا للاجتماع معه ومع وزير التنوع والشمول الكندي، هذا الأسبوع .
وفيما بدا أنّ شركة طيران كندا تلوم موظفي المساعدة في التنقل، فإن عائلة هودغينز ألقت باللوم الشديد على الشركة، إذ أشارت ديانا إلى أنه "لم يطلب طاقم النقل منا النزول، إنما موظفي الطائرة".
البحث عن "معاملة تحفظ الكرامة"
وأرسلت لهما شركة الطيران مبلغ 2000 دولار على شكل أرصدة طيران، لكن كان يأمل الزوجان بالحصول على تعويض أرخص إلى حد ما: الوقت.
وشرحت ديانا: "كان رودني يأمل بأن يقوم شخص ما يشغل منصبًا رفيعًا في شركة طيران كندا بإجراء محادثة لائقة حول ما يشعر به (هودغينز)، فقط كي يسترد إنسانيته مجددًا".
ويريد هودغينز الآن استغلال الحادثة لرفع مستوى الوعي حول ما يتعين على الأشخاص المعوقين الذين يشكلون نحو 1 من 6 من سكان العالم، التعامل معه أثناء الطيران.
كما يريد تنظيم حملة تهدف إلى فرض عقوبات أكثر فعالية على شركات الطيران والمطارات التي تفشل بتقديم المساعدة الخاصة لركابها. وفي حال تخلفها عن مساعدة الركاب على الخروج من الطائرة خلال 15 دقيقة من الوصول إلى البوابة، يتوجب تغريم الشركات.