في أفريقيا.. استكشف التاريخ الروحي لشلال "مقدس"أُجريت فيه الطقوس قديمًا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- "لا يمكن لأحد أن يقول إنّ الرّب غير موجود عندما نرى العجائب التي صنعها الإله هنا".هكذا كان رد فعل سيباستياو جاسبار أجوستينيو عندما زار شلالات "كالاندولا" للمرة الأولى.
وخاض أجوستينيو، برفقة مجموعة من النساء من كنيسته، رحلة على متن حافلة لساعات لرؤية الشلالات فقط، والذي يُعد من أكبر الشلالات في إفريقيا، وكان الأمر يستحق عناء السفر.
وقال أجوستينيو: "لقد شاهدت شلالات كالاندولا على شاشة التلفزيون، ورأيت صورًا لشلالات كالاندولا، ولكن اليوم، عند رؤيتها شخصيًا، إنّ التأثير مختلف".
وتقع الشلالات على بُعد 400 كيلومتر تقريبًا شرق عاصمة أنغولا، لواندا، وفي مقاطعة مالانجي بالتحديد.
وتقليديًا، يُعتَبَر هذا المعلم الطبيعي مقدسًا، ويمكن للزوار الذين يستمتعون به بصفة شخصية أن يفهموا السبب.
ويصل الزوار إلى الشلالات عن طريق المشي عبر حقل منبسط من الحجارة الكبيرة المؤدية إلى الحافة العلوية للشلالات.
ومن هناك، يمكن الحصول على حس حقيقي لحجم وقوة شلالات "كالاندولا"، ويمتد عرضها إلى 400 متر، بينما تسقط المياه منها سقوط من ارتفاع 100 متر.
تاريخ روحي
يُحيط هذا المعلم طبقة من الضباب البارد يقول السكان المحليون إنّه جزء من تاريخه الروحي.
وشرح مدير السياحة والثقافة في كالاندولا، نيلسون أندريه: "يقول المسنون إنّ شلالات كالاندولا كانت في الماضي مكانًا مقدسًا"، ومن ثم أضاف: "إنّه موقع أُجريت فيه الطقوس لتهدئة الآلهة، وطلب الرفاهية، والصحة، والرخاء للمجتمع بشكلٍ عام".
وللاستمتاع بتجربة الشلالات بشكلٍ كامل، يحتاج الزوار إلى خوض طريق صخري شديد الانحدار يأخذهم إلى الأسفل.
ويستغرق المشي على طول جزء من نهر "لوكالا" الذي يغذي شلالات "كالاندولا" 30 دقيقة تقريبًا.
ويُكافأ الذين يكملون الرحلة بمشهدٍ خلاب من شأنه إبهار متابعيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كنز مخبأ
وأكد بيدرو فرانسيسكو، وهو مرشد محلي يأخذ الأشخاص إلى أسفل الشلالات كل يوم: "كل من يأتي هنا يشعر بالشعور ذاته الذي أشعر به، لأنّ ما يظهره لنا هذا المشهد الطبيعي مذهل".
وتابع قائلاً: "يمكنك أن تأتي إلى هنا مع مشاكلك، وعندما تتوجّه للأسفل هنا، يعصف كل شيء. وستنسى كل المشاكل التي تعاني منها".
وتُعتبر شلالات "كالاندولا" كنزًا مخفيًا في أنغولا، ويعود ذلك جزئيًا إلى عدم الترويج لها بشكلٍ كبير كوجهةٍ سياحية، وبسبب موقعها أيضًا.
ولا يوجد سوى طريق رئيسي واحد يربط المنطقة بلواندا، وتمتلئ أجزاء كبيرة منه بالحُفَر، أو التلف، لذا فإنّ الوصول يتطلب رحلة طويلة ووعرة.
ورُغم عدم وجود مطاعم أو متاجر بالقرب من الشلالات حاليًا، ما يجعلها نقطة الجذب الوحيدة للزوار في المنطقة، إلا أنّ السلطات المحلية تريد تغيير ذلك.
ترحيب ودّي
يوجد فندق واحد في المكان، وهو عبارة عن مرفق متواضع للغاية للمبيت والإفطار، ولكن في موقعٍ شبه مثالي.
ويُدعى الفندق Pousada Quedas de Kalandula، وهو يقع على هضبة خضراء مورِقة وحده بجوار المياه المتساقطة.
ويمكن للضيوف المقيمين فيه رؤية الشلالات من شرفاتهم، والاستمتاع بوجبة الإفطار في الفناء الذي يوفر إطلالة خالية من العوائق.
كما أنّه يوفر فرصًا رائعة لالتقاط الصور.
وقالت بنفيندا ريبيرو التي تُدير الفندق: "تم بناؤه لأول مرة في الخمسينيات خلال الحقبة الاستعمارية".
وأشارت ريبيرو إلى إعادة إحياء الفندق بعد إغلاقه خلال الحرب الأهلية التي عصفت بأنغولا منذ عام 1975 بعد انتهاء الحكم الاستعماري البرتغالي، حتّى عام 2002.
وأُعيد افتتاحه في عام 2017 بعد عملية تجديد دامت لثلاث سنوات.
وأفادت ريبيرو أنّ 70% من ضيوفها هم من الأجانب، وهي تأمل بتوجّه المزيد من الأشخاص من داخل البلاد هنا لخوض التجربة، وأكّدت: "سيتم استقبال أولئك الذين يأتون لزيارة هذه العجائب بشكلٍ جيد".
ومن ثم أضافت: "نرغب أن يأتي الجميع، ليس فقط الأجانب، بل الأنغوليين أيضًا، وسيتم استقبالهم بالطريقة ذاتها دائمًا، وبالقدر نفسه من الود دائمًا".