كأنها جلسة تحضير أرواح في العصر الرقمي.. تمزج هذه التجربة في مطعم فاخر بدبي الخيال بالواقع

نشر
4 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- داخل غرفة طعام مظلمة، يتحدث الطاهي الفرنسي الراحل بول بوكوز عن الطبق التالي، الذي يحتوي على جميع المكونات التي تُميّز المأكولات الفاخرة الكلاسيكية التي اشتهر بها، مثل السمان، وكبد الأوز، وصلصة الكمأة.

ولكن في مطعم "كراسوتا" الفاخر في دبي، لن تعرف الخيال من الواقع.

ورغم أنّ بوكوز توفي منذ 6 أعوام، إلا أنّه لا يزال حاضرا على جدران الغرفة الانسيابية، قبل أن يختفي في الظلام.

بالنسبة للوجبة السابعة، طلب الفريق من الذكاء الاصطناعي تصميم طبق على طريقة الطاهي الفرنسي الراحل بول بوكوز، باستخدام حساء الكمأة الذي اشتهر به كمصدر إلهام.Credit: Rebecca Cairns/CNN

وقد صُمِّم هذا الطبق، بدءًا من الوصفة، إلى الإسقاط ثلاثي الأبعاد على الجدار، وحتى فيديو بوكوز، بتقنية التزييف العميق، أو ما يعرف بـ(ديب فيك-Deepfake)، بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وهو واحد من 8 أطباق في عرض "المستقبل الخيالي"، وهي تجربة الطعام متعددة الحواس في "كراسوتا".

في غرفة مستديرة، على طاولة تتسع لـ 20 مقعدًا، يستعد الضيوف للعرض. الجدران عبارة عن شاشات عرض، مع أكثر من 20 جهاز عرض والعديد من أجهزة الاستشعار على الطاولة.Credit: Rebecca Cairns/CNN

وتأخذ التجربة رواد المطعم عبر سيناريوهات مختلفة لما يمكن أن يبدو عليه المستقبل، من مدينة تحت الماء، إلى مستعمرة فضائية، إلى نهاية العالم ما بعد حربٍ نووية.

بالنسبة لسيناريو الذكاء الاصطناعي الخاص به، قام المؤسسون المشاركون لمطعم "كراسوتا"، وهم  الفنان الرقمي أنطون نيناشف، والطاهي فلاديمير موخين، ورجل الأعمال بوريس زاركوف، بالتنازل عن السيطرة للتكنولوجيا.

وسمح نيناشف، الذي صمم العروض باستخدام برنامج رسومات حاسوبية ثلاثية الأبعاد، للذكاء الاصطناعي بالتوصّل إلى 150 مفهومًا مختلفًا، قبل دمج أفضل المفاهيم معًا، بينما استعان موخين بمنصة "Midjourney" لإعادة تصوّر وصفات بوكوز الأكثر شهرة، بما في ذلك حساء الكمأة المميز "V.G.E".

يجري موضع الطبق الثاني في حديقة خيالية، يحرسها روبوت ذو عيون حمراء وتزخر بالحيوانات المتوهجة.Credit: Rebecca Cairns/CNN

وأوضح زاركوف: "استوحينا الإلهام من الاحتمال المثير للاهتمام المتمثل في (إعادة) إنشاء الأفراد بواسطة الذكاء الاصطناعي بناءً على بيانات شاملة حول حياتهم وتجاربهم".

ووصف التجربة بكونها جلسة تحضير أرواح في العصر الرقمي تستحضر ذكريات وأسلوب الطاهي الراحل من خلال التكنولوجيا، وهي مجرد البداية لمستقبل تناول الطعام، على حد تعبيره.

وأضاف زاركوف: "تحوّل العيش جنبًا إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي من خيال إلى واقع".

"الأولى من نوعها"

استلهم زاركوف فكرة مطعم "كراسوتا" أثناء زيارته لمتحف الفن الرقمي "TeamLabs" في طوكيو، عام 2017، والتي تضمنت تجربة "بيت شاي" تفاعلية.

وشرح زاركوف: "كان العرض على الطاولة بسيطًا للغاية، على سبيل المثال، عندما تشرب شاي الماتشا، يبدو الأمر كما لو أنّ الشجرة تبدأ في النمو من فنجانك". 

يتخيل هذا السيناريو البشر في انسجام مع العالم الطبيعي ويتناولون نظامًا غذائيًا نباتيًاCredit: Rebecca Cairns/CNN

وأضاف أنّه قرر تطوير الفكرة أكثر باستخدام التكنولوجيا من خلال التركيز على الطعام، وجعلها أكثر تعقيدًا.

ومن خلال تجميع فريق دولي من المهندسين، بدأت المجموعة العمل على إسقاطات متعددة الأسطح، وسطح طاولة تفاعلي مدعّم بالذكاء الاصطناعي يستخدم أجهزة استشعار للتمييز بين الأغراض المختلفة، مثل الأطباق والكؤوس، مقابل أيدي الضيوف أو هواتفهم، ما يسمح بتحقيق إسقاط موجّه.

بين الوجبات، تبدو الغرفة وكأنها تدور بينما "تطير" الإسقاطات بين الأرض والفضاء وحديقة خياليةCredit: Rebecca Cairns/CNN

ويدّعي زاركوف أنّ التكنولوجيا كانت "الأولى من نوعها" عند افتتحاح مطعم "كراسوتا" لأول مرة في العاصمة الروسية موسكو، عام 2021.

وقضى الموظفون شهرًا كاملاً في تدريب الذكاء الاصطناعي من خلال وضع الأطباق بشكلٍ متكرر على الطاولة وتحريك الأدوات لاختبارها.

وافتُتح مطعم "كراسوتا" في دب،  عام 2023، بعرضٍ يحمل عنوان "الفن الخيالي"، الذي يأخذ رواد المطعم عبر 8 أطباق مستوحاة من الأعمال الشهيرة لفنانين عالميين. 

وبعد 6 أشهر، أطلق الفريق عرض "المستقبل الخيالي"، وهي رحلة تأمّلية عبر العالم في العقود القادمة.

لاختتام التجربة، يتم إعادة رواد المطعم إلى الحاضر، من خلال عرض لروبوت يرقص التانغو وخلفه أفق دبي ليلاًCredit: Rebecca Cairns/CNN

وتوجّه التجربة انتباه رواد المطعم بعناية، من خلال عرض الصور الأكثر إثارة وديناميكية خلال فترات الاستراحة بين الوجبات، وعندما يصل الطعام، تصبح الرسومات متكررة.

وتظهر العناصر التفاعلية فقط عند الانتهاء من الوجبات.

وسواء كان الأمر يتعلق بالطعام أو الشاشات، يأمل زاركوف أن يدرك الضيوف أنّ "الفن مهم".

نشر
محتوى إعلاني