في دبي.. فندق للياقة البدنية يحوي غرفًا مبردة وكبسولات علاجية بالضوء الأحمر والأخصر والأزرق
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إن الدخول إلى "مختبر التعافي" الخاص بفندق "سايرو" في صرح "ون زعبيل" أشبه بالمشي عبر محطة فضائية، أكثر من كونه منتجعًا صحيًا. فأنت تدخل غرفًا مبردة، وتستلقي على أسرة علاج اهتزازية صوتية من دون لمس، وتنام في كبسولة تعمل بالأشعة تحت الحمراء شبيهة بآلة التصوير بالرنين المغناطيسي فلا توحي لك بالهدوء.
وقال ديزموند كاولي، مدير فندق سايرو ون زعبيل: "إن الصناعة تتطور". وصنّف الفندق على أنه "أول فندق للياقة البدنية في دبي"، حيث يقدم خدماته للرياضيين المحترفين، وأنماط حياتهم التي تتمحور حول اللياقة البدنية، وقد تم تصميمه بالتشاور مع نادي إيه سي ميلان لكرة القدم، والسباح الأولمبي آدم بيتي، والملاكمة رملا علي.
صالة الألعاب الرياضية التي تبلغ مساحتها 2000 قدم مربع تعجّ بأحدث المعدات التي يمكنها تتبع الأداء وتحليله، والمقاييس الذكية وأدوات تحليل تكوين الجسم، وتطبيق يساعد الضيوف على تخصيص إقامتهم، بدءًا من الغذاء وصولًا إلى التدريب.
وفي الوقت ذاته، تتميز الغرف بساعات منبّه مرتبطة بإيقاعات الساعة البيولوجية للضيوف، وكراسي هزازة مضادة للجاذبية. وفي مختبر التعافي، لا تتعلق العلاجات بالاسترخاء فقط بل بتعافي العضلات أيضًا.
وأعطى كاولي مثالًا "العلاج بالتبريد: فهو رائع لـلتخفيف من الالتهاب وتنشيط عملية التمثيل الغذائي لديك"، مضيفًا أنّ الأشخاص عمومًا يحتاجون إلى خبرة في استخدام حمامات الثلج قبل تجربة غرفة التبريد، التي يتم تبريدها إلى درجة حرارة تقل عن 85 درجة مئوية (- 121 فهرنهايت).
ولفت كاولي إلى "قطعة أخرى رائعة من تكنولوجيا عصر الفضاء" هي MLX i3Dome، التي تستخدم "تقنية الأشعة تحت الحمراء البعيدة لعلاج آلام العضلات".
تعود جذور هذا النوع من العلاج بالضوء إلى تجربة ناسا للعلاج بالضوء الأحمر في تسعينيات القرن المنصرم لتعزيز نمو النباتات في الفضاء، والمساعدة على شفاء جروح رواد الفضاء. منذ ذلك الحين، تم استخدامه في مجالات متعددة، ضمنًا العناية بالبشرة، في الآونة الأخيرة.
وشرح كاولي أنه فيما تعمل "القبة" كساونا، توفر خوذة العلاج بالضوء علاجًا للوجه من دون لمس، باستخدام الضوء الأحمر لإنتاج الكولاجين، والضوء الأخضر للتنظيف المضاد للبكتيريا، والضوء الأزرق "للبشرة التي تعاني من مشاكل" مثل الأكزيما أو الصدفية أو حب الشباب.
وأوضح كاولي أن هذه علاجات متخصصة، نادرًا ما تقع عليها خارج العيادات المتخصصة، وبالتأكيد لن تجدها في معظم الفنادق، حتى من فئة الخمسة نجوم، التي غالبًا ما تعامل اللياقة البدنية والصحة على أنها "فكرة لاحقة".
لكن العافية أصبحت الآن صناعة عالمية تبلغ قيمتها تريليونات عدة من الدولارات، حيث تعمل علامات تجارية مثل SIRO (والشركة الأم Kerzner International) على دمجها في أسس مفهوم الضيافة لديها.
وموقعه في دبي ليس إلا بداية. إذ سيتم افتتاح فرع SIRO، Boka Place في مونتينيغرو في وقت لاحق من هذا العام، وهناك ثلاثة مواقع أخرى قيد التنفيذ.
وتطرق كاولي إلى موضوع أنّ "كل شخص لديه فسيولوجيا فريدة من نوعها، وأهداف صحية مختلفة، وتطلعات. وكل ما نقوم به يدور حول تحسين الأداء، وتخفيف أوقات التعافي لإعادة الفرد إلى فعل ما يحبه، سواء كان ذلك في ملعب كرة القدم، أو في ملعب التنس، أو صالة الألعاب الرياضية".
اختراق حيوي للملياردير
وقالت بيث ماكغروارتي، مديرة الأبحاث في معهد العافية العالمي، إن هذه النسخة من العافية التي تركز على التكنولوجيا تعتبر خروجًا ملحوظًا عن "عقد غوبي" من اليوغا، والبلورات، وإزالة السموم بواسطة العصير الأخضر.
وأضافت ماكغروارتي أنه من "الشركة الطبية الفائقة، ذات التقنية العالية والمعقدة للغاية: "هذا أمر تم الترويج له من قبل أصحاب المليارات المستثمرين في هذه التكنولوجيا الذين يطاردون، في بعض الحالات، أنظمة تبلغ قيمتها 2 مليون دولار سنويًا سعيا منهم لمحاربة الموت". معروف باسم "الاختراق الحيوي"، يشمل هذا الاتجاه أدوية إنقاص الوزن مثل Ozempic حيث يحاول الناس خفض عمرهم البيولوجي.
أحد العوامل الذي حرك هذا الاتجاه هو الجائحة: فهي لم تفرض الحاجة إلى علاجات "من دون لمس" فحسب، بل أدت أيضًا إلى الرغبة بمزيد من الحلول الصحية العلمية، بحسب ماكغروارتي.
لكن التكنولوجيا المتقدمة لا تتساوى دومًا مع العلم. ولفتت ماكغروارتي إلى أنه "يبدو أن بعضها شبه علمي"، مشيرًة إلى القطرات الوريدية المعززة للمغذيات التي لا أدلة كافية تدعم فعاليتها خارج إطار المستشفى الذي يصفه الطبيب.
وفندق سايرو (SIRO) ليس وحده من يستهدف المسافرين الرياضيين بعلاجات عالية التقنية: فقد أطلقت مجموعة نوادي اللياقة البدنية Equinox فندقها الرائد عالي التقنية في مدينة نيويورك عام 2019، وتخطط لافتتاح 33 منشأة خلال السنوات العشر المقبلة.
وتتوسع كل من منتجعات الصحة الطبية الراسخة مثل SHA Wellness وClinique La Prairie إلى ما هو أبعد من علامتيهما الأوروبيتين الرائدتين، حيث افتتحت الأخيرة "مركزًا حضريًا لطول العمر" في منتجع ون آند أونلي ون زعبيل، على بعد بضعة طبقات فقط، فوق سايرو، في دبي.
وفي المنزل، قد لا يستخدم الناس الغرف المبردة كل ليلة، لكن الصحة والعافية المستندة إلى البيانات أصبحت هي القاعدة بسرعة. باتت معظم الساعات الذكية الآن قادرة على جمع معلومات طبية حول معدل ضربات القلب، وأنماط النوم، والأكسجين في الدم، وهذه الأجهزة القابلة للارتداء "ستستمر بالتطور أكثر وتأخذ شكلًا أكثر أناقة، مثل حلقة Oura، وهي أداة تعقب سرية تبدو وكأنها مجوهرات، بحسب ماكغروارتي.
ومع زيادة إمكانية الوصول إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، رأت ماكغروارتي إمكانية أكبر للتشخيص الذكي، لكنها أضافت أن هناك حاجة إلى إنشاء حدود وتقييم المجالات التي يكون فيها ذلك مفيدًا. وتابعت: "نحن نقلّل من شأن التوتر والقلق الناجمين عن الاتصال المستمر بالعمل، والأخبار، والمعلومات السيئة، ووسائل التواصل الاجتماعي".
الرعاية الصعبة مقابل "البساطة الجذرية"
ولكن ليس الجميع على دراية بهذا النهج عالي التقنية في مجال العافية.
في حين أن "الرعاية الصعبة" أصبحت مساحة متنامية في مجال العافية، فإن "الرعاية الناعمة" كذلك. مع رفض العقد الماضي لروتينات العافية المُحسّنة للغاية والمُسلَّعة للغاية، ترى ماكغروارتي أن المزيد من الأشخاص، لا سيما نساء الجيل Z وجيل الألفية، يتبنون "العافية الفائقة، والعافية المنخفضة المستوى" التي تعطي الأولوية للتجارب الاجتماعية والرفاهية العاطفية، مثل "الاسترخاء في السرير" و"المشي في الخارج".
وتضيف: "لقد وصل الناس إلى الحد الأقصى للإنفاق على العافية ويريدون بساطة جذرية".
حتى في فندق SIRO، مع كل تقنياته المتطورة، لاحظ كاولي زيادة في الاهتمام بأنشطة اليقظة الذهنية مثل التأمل. وعلق: "تاريخيًا، في جداول التمارين الجماعية، كان هناك الكثير من تمارين القوة أو تكييف القلب والأوعية الدموية. الآن ترى المزيد من دروس اليقظة الذهنية، مثل اليوغا والعلاج الصوتي.
وبطبيعة الحال، في SIRO، هناك بديل عالي التقنية لذلك: "العلاج بالاهتزاز الصوتي"، وهو ما يعادل الخيال العلمي للعلاج بالصوت. يستلقي الضيوف على طاولة التدليك مع سرير مائي في المنتصف، ويرتدون سماعات الرأس التي تعمل على إلغاء الضوضاء، ليصغوا إلى أصوات الأمواج المتكسرة المنسقة بعناية على خلفية الموسيقى المركبة المنومة. يهتز السرير المائي مع الصوت، ويفترض أن يخفف التوتر في الجسم، وبحسب فندق SIRO إنه مصمم لمن يعانون من مشاكل النوم، أو التوتر، أو الاكتئاب، أو القلق.
قد تبدو التكنولوجيا التي تساعدك على قطع الاتصال أمرًا مبالغًا فيه، لكن بالنسبة لـSIRO، فإن تكامل البيانات الصحية هو مستقبل العافية، حيث يوفر للضيوف برنامجًا صحيًا مخصصًا يعتمد على البيانات.
وخلص كاولي إلى "أننا نريد الاستفادة من التكنولوجيا كعامل تمكين، وليس كمصدر تسلية".