كيف وثق مصور فوتوغرافي هندي دبي منذ عام 1965؟

نشر
4 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- "أنا لست مشهورًا، بل كاميرتي مشهورة جدًا. هذه الكاميرا". هذا ما قاله المصور الهندي، راميش شوكلا، أثناء الإمساك بكاميرا من طراز "Rolleicord"، قدمها إليه والده في عيد ميلاده، قبل 70 عامًا. 

إنها الكاميرا ذاتها التي غادر معها الهند في عام 1965، والتي صوّر بها الشيوخ، والقادة السياسيين.

ويبلغ عمر شوكلا الآن 85 عامًا، وقد روى قصة حياته مرات عديدة، لتتحول إلى سلسلة من اللحظات الأساسية التي تحكي قصة مغامرٍ شجاع أبحر بحثًا عن الثروة والفرص.

شهدت صور راميش شوكلا تطور دبي من منطقة صحراوية إلى مدينة حديثة.Credit: Ramesh Shukla

واستقل المصور الفوتوغرافي الهندي البالغ من العمر 26 عامًا آنذاك سفينة من مدينة مومباي في الهند، إلى دولة الإمارات.

ووصل شوكلا إلى ميناء إمارة الشارقة، وفي جيبه دولارًا واحدًا فقط، وعدة لفات من أفلام التصوير، واستقل عربة، ومن ثم دراجة نارية، ليصل إلى دبي، التي كانت حينها عبارة عن قرية صيد تحيط بها مساحات شاسعة من الصحراء المفتوحة، حيث وثق الصيادين، وغواصي اللؤلؤ، ورعاة الإبل.

كانت دبي ميناءً قبل أن تتطور بفضل الثروة النفطية.Credit: Ramesh Shukla

وجاءت فرصة شوكلا الذهبية عندما حضر سباقًا للهجن بالشارقة في عام 1968، تواجد فيه شيوخ من عدة إمارات في البلاد.

صورة للشيخ زايد والشيخ راشد أثناء مشاهدة سباقًا للهجن بالشارقة في عام 1968.Credit: Ramesh Shukla

والتقط شوكلا صورة لمؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وعددًا من الشيوخ المتواجدين.

هذا المشهد، الذي وثّقه صديق شوكلا، يُظهر اللحظة التي وقع فيها الشيخ زايد على صورة المصور الفوتوغرافي الهندي عند حلبة سباق الهجن.Credit: Courtesy of Four Seasons Ramesh Gallery

وفي اليوم التالي، عاد المصور الفوتوغرافي الهندي إلى مضمار السباق وعرض الصورة على الشيخ زايد.

وقال شوكلا: "عندما رأى الصورة، قال لي الشيخ زايد: أنت فنان".

توثيق التاريخ

التُقِطت هذه الصورة الأيقونية في عام 1971 أثناء توقيع اتفاقية الاتحاد.Credit: Ramesh Shukla

بعد سباق الهجن، بات شوكلا يُدعى إلى المناسبات الرسمية كمصورٍ فوتوغرافي.

وبنى المصور صداقة مع العائلة الحاكمة، وشجعه حاكم دبي الراحل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، على البقاء في البلاد، حيث انضمت إليه زوجته وابنه في عام 1970.

وقال نيل شوكلا، وهو ابن المصور الفوتوغرافي الهندي: "في المكان الذي نشأت فيه، كانت لدينا غرفة معيشة، ومطبخ، وغرفة مظلمة". 

وكان لدى العائلة طبق فولاذي يُدعى "ثاليس" يُستخدم لتناول الطعام على الطريقة الهندية، حيث تُوضع عليه أطباق مختلفة، لافتًا إلى أن الطبق ذاته استُخدم أيضَا لمعالجة الأفلام.

صورة تجمع المصور الفوتوغرافي الهندي وزوجته، تارو، وابنه، نيل شوكلا، عند ضفاف خور دبي.Credit: Courtesy of Four Seasons Ramesh Gallery

ولعبت تارو، وهي زوجة شوكلا، دورًا مهمًا في مهنة زوجها، حيث قامت بتسجيل ملاحظات فنية أثناء توثيق شوكلا للأحداث. وأثرت تلك الملاحظات على كيفية معالجة الصور لاحقًا، مثل الإضاءة، ومقدار التعرض، وسرعة الغالق.

في الثاني من ديسمبر/كانون الأول من عام 1971، دُعي المصور للانضمام إلى لحظة ذات أهمية تاريخية كبيرة في المنطقة، أي توقيع اتفاقية الاتحاد التي شهدت انضمام 6 إمارات، وهي أبوظبي، ودبي، والشارقة، وأم القيوين، وعجمان، والفجيرة معًا لتشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة (انضمت رأس الخيمة إليها باعتبارها الإمارة السابعة بعد شهرين فقط).

وتزيّن صورة شوكلا للشيخ زايد أثناء توقيع وثيقة الاتحاد، الورقة النقدية الجديدة من فئة الخمسين درهمًا، والتي طُبِعت في عام 2021 للاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس دولة الإمارات.

كاميرا "شهيرة عالميًا"

لا يزال شوكلا، وهو في الـ85 من عمره اليوم، يمتلك كاميرته من طرازCredit: Courtesy of Four Seasons Ramesh Gallery

واصل شوكلا توثيق البلاد خلال السبعينيات، والثمانينيات، والتسعينيات.

ولكنه لا يزال يمتلك "المئات" من لفات الأفلام غير المُعالجة من تلك الفترة، وينشر صورًا لم تُر من قبل للشيوخ في المعارض، بعد معالجتها كل عدة أعوام.

وفي محاولةٍ لمواصلة إرثه، أنشأ شوكلا، بمساعدة ابنه، مختبرًا لتعليم الجيل القادم من المصورين الإماراتيين المهارات التقنية للتصوير التناظري.

تبدأ دورة "الدروس المتقدمة" التي تستمر لمدة عام، وتشمل 10 طلاب، في سبتمبر/أيلول 2024. وستكون مجانية بفضل مؤسسة "دبي للثقافة" الحكومية. 

ويأمل شوكلا أن يمنح المصورين الشباب فرصة لاكتساب المهارات التي فقدوها منذ ظهور التصوير الرقمي.

وعلى مر الأعوام، تم تجميع صور شوكلا الفوتوغرافية في الكتب، وعرضها في معارض عديدة باعتبارها شاهدّا مهمًا على تشكّل البلاد.

نشر
محتوى إعلاني