رأي.. حان وقت بث عمليات الإعدام مباشرة على التلفاز

نشر
7 دقائق قراءة
Credit: CAROLINE GROUSSAIN/AFP/Getty Images

ريتشارد غابريل، مستشار قانوني ومؤلف كتاب "التبرئة: شخص من الداخل يكشف قصص والاستراتيجيات وراء أكثر الأحكام سيئة السمعة في يومنا هذا" هو كاتب المقالة التالية التي لا تمثل سوى آرائه.

محتوى إعلاني

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- الأسبوع الماضي، في مدينة ماكليستر بأوكلاهوما، رفعت الستائر عن غرفة صغيرة بيضاء معقمة حيث راقبت مجموعتان صغيرتان من الناس عملية توثيق كليتون لوكيت إلى كرسي الإعدام حيث باشر طبيب في فحص جسمه بحثا عن شريان مناسب لضخ خليط من العقاقير الطبية، غير المجربة، يفترض أن يُعدم بها القاتل على نحو سريع وهادئ، ولكن، على النقيض، امتدت عملية الإعدام لأكثر من أربعين دقيقة من التلوي وصرير الأسنان، قبل أن يستسلم جسد لوكيت وتسكن نبضاته وتتوقف أنفاسه.

محتوى إعلاني

هذه هي الطريقة التي نعدم بها أخطر المجرمين في القرن الحادي والعشرين، وإذا كانت هذه هي العدالة، فلتكون حقيقة، ولنجعلها مفتوحة أمام أعلى شكل من أشكال الشفافية العامة والتدقيق.. وذلك ببثها مباشرة على التلفاز ولهذه الأسباب:

من وسائل الإعدام المفضلة في القرون الوسطى، كانت ربط السجين من أطرافه الأربعة، حرقه، أو غليه حيا ومن ثم تقسيم جسمه إلى أجزاء، في عملية إعدام بطيئة ومؤلمة للمدان قبل أن يلفظ أنفاسه، وفي أواخر القرن الـ18 ومطلع 19، قرر المجتمع بأن الإعدام السريع للسجناء هو أكثر إنسانية، واخترع الفرنسيون المقصلة، وشاه إيران قطع الأعناق والتفجير بواسطة مدفع، فما طور البريطانيون المشنقة لكسر العنق وفصل الحبل الشوكي.

نفذت آخر عملية إعدام علنية في منطقة أوينسبورو بكنتاكي عام 1938، وشهدها أكثر من 20 ألف شخص، بينهم المئات من المراسلين الصحفيين، ومنذ ذلك الوقت قررت ولايات بضرورة ان تتم  الإعدامات في خصوصية  بغرف صغيرة بحضور شهود من العاملين أجهزة الدولة، ومحامين وعائلات الضحايا وحفنة من الصحفيين.

وبعد ذلك بسنوات، صقلت ولايات، وبموافقة المحكمة العليا – تعريف كلمة "إنساني" وذلك باستخدام فرق الإعدام بالرصاص، والكرسي الكهربائي وغرف الغاز، واستحدثت ولايات أخرى إجراءات التعقيم أثناء تنفيذ غلإعدام بإدراج إجراءات طبية باستخدام طاولة العمليات الجراحية وحقن الوريد، وإلزام الأطباء وشركات الأدوية بأخلاقيات المهنة بعدم التسبب بـ"أضرار."

أيا من التحسينات المدخلة على  تقنية الإعدام ليس لها  شأن بالوسائل "الإنسانية"، فليس هناك قياسات حقيقية لمدى الألم الذي يعانيه المدان أثناء شنقه، أو اطلاق النار عليه، أو إعدامه بالكرسي الكهربائي أو بالغاز، بصرف النظر عن السرعة التي يموت بها، الحقنة السامة ببساطة تبعد عنا الإحساس بقتل إنسان آخر، فهي تشعرنا بأنها أجراء يتم بوصفة طبية أكثر من كونها عملية إعدام.

مايكل ويسلون، هو سجين آخر في أوكلاهوما واجه الموت في يناير/كانون الثاني الفائت، في نفس غرفة الإعدام، كانت آخر كلمات تلفظ بها "أشعر وكأن كل جسمي يحترق"، لقد ذهب البعض إلى وصف إعدام لوكيت بأنها عملية فاشلة، لكنها ليست كذلك، بل هذا هو الواقع المزعج والفوضوي والمزعج لقتل إنسان.

ما نفتقده في النقاش الدائر حول عقوبة الإعدام، بأنه ما من وسيلة إنسانية لقتل شخص آخر، فنحن ننظر إلى قتل الضحية كجريمة وحشية وغير مألوفة، لكننا في ذات الوقت، نتخطى بدقة متناهية، بنود التعديل الثامن مع المحكوم عليهم بالإعدام، بمحاولة تنفيذ عملية إعدام سريعة وغير مؤلمة.

الرئيس باراك أوباما دعا  وزارة العدل للتحقيق بشأن عقوبة الإعدام  بعد تنفيذ الحكم على لوكيت قائلا: "خلال تطبيق عقوبة الإعدام في هذا البلد، شهدنا مشاكل كبيرة – التحيز العنصري، وتطبيق متفاوت لعقوبات الإعدام... كما تعلمون هناك حالات لأفراد محكوم عليهم بالإعدام اكتشف في وقت لاحق براءتهم  بسبب وجود أدلة تنفي التهم"، وتابع: "أعتقد أن كل هذا يثير تساؤلات كبيرة حول الكيفية التي تطبق بها عقوبة الإعدام."

وفيما أحي تحرك الرئيس، إلا أن السؤال المطروح حاليا ليس كيفية تطبيق عقوبة الموت، بل إذا ما كان ينبغي تطبيقها على الإطلاق.

من البديهي، أن نصاب بالخوف والغضب من جرائم القتل الوحشية والجنونية المرتكبة من قبل المدان، وأن نسعى للانتقام من المدان بإيقاع ذات الألم الذي تسببه به لضحيته عليه، لكن هناك فرق بين العقوبة والانتقام، مهما حاولنا صبغ طابع قانوني ودستوري عليها،  علينا بناء نظام قانوني يسمو بنا على من نحكم عليهم، علينا أن نكون صادقين وسؤال أنفسنا "هل العدالة انتقام" وإذ سعينا بحق لتقنين الانتقام، فلنبتعد عن التظاهر، دعونا نقر بأننا على استعداد للعيش مع تركات القصاص، ولنعترف بأننا على استعداد لقتل عدد من الأشخاص الأبرياء، وأنه لا بأس بإعدام غير متناسب من الأقليات، وبأننا نريد للقتلة ذات المعاناة التي تسببوا فيها لضحاياهم، وعدم الادعاء بأن الإعدام مجرد إجراء طبي.

ولذلك، علينا بث تنفيذ الإعدام مباشرة على شاشات التلفزة، لنشاهد ضخ العقار السام في المحكوم عليهم وهم مقيدون على نقالة، ونسمعهم يتلفظون بكلماتهم الأخيرة وهم يتألمون قبل أن تغادر الروح الجسد، دعونا نشاهد موتهم، وحقيقة ما نختاره عندما نصوت لصالح تطبيق عقوبة الإعدام في ولايتنا.

كثير من الأمريكيين يؤيدون، من حيث المبدأ، عقوبة الإعدام،  لكن كأحد أعضاء هيئة محلفين في قضايا كبرى، الأمر يختلف عندما تجول بنظرك  بأنحاء قاعة المحكمة لتنظر مباشرة في أعين المتهمين، هذه نقطة حقيقية، وليست مبدأ، فأنت تقرر إذا ما كان هذا الشخص سيموت.

لنجعل عقوبة الموت حقيقة، لنرفع الستائر ونمعن النظر في أعين من قررنا الحكم بإعدامهم، لنكن صادقين بشأن ماهي حقيقة عقوبة الموت، عندها علينا القرار أي نوع من المجتمع نود الانتماء إليه.

 

نشر
محتوى إعلاني