اتهامات لإسلاميي تونس بـ"مخالفة مبادئهم" إثر قبولهم تخفيض الضرائب على الخمور
تقرير: منية غانمي
تونس (CNN)—تعرضت حركة النهضة، الحزب الاسلامي في تونس والكتلة الثانية في البرلمان الى انتقادات واسعة خاصة من قبل أنصارها، بعد تمرير فصل يقضي بتخفيض الضرائب على المشروبات الكحولية.
وعلى إثر المصادقة على هذا الفصل تعالت أصوات كثيرة تتهم حزب النهضة الإسلامي باعتماد سياسة الكيل بمكيالين وتنتقد التناقضات الموجودة داخله و اتباعه لمنهج متغير .
أحمد كرمي موظف بالقطاع الخاص، اعتبر أن مصادقة نواب حركة النهضة على التخفيض في ضرائب الخمور لا يتماشى مع منهجها وكل ما يميزها كحركة إسلامية تدافع عن القيم الإسلامية.
وقال لـ CNN بالعربية "هذا لا يليق بحركة حصدت أغلبية ثقة الناخبين التونسيين ولا يناسب مبادئها، في الوقت الذي كنا ننتظر منها تحريما للخمر بدءا برفع أسعاره، وجدناها تساهم في تيسير استهلاكه بتخفيض ثمنه".
وتم اتخاذ قرار بالتخفيض في نسبة الضريبة على أسعار بعض أنواع الخمور الفاخرة كالوسكي والجين والفودكا بنسبة تصل إلى 50 % حيث صوت 96 نائباً بنعم من جملة 108 نواب ليقع تمرير هذا القانون بالأغلبية .
وجاء هذا القرار في إطار المصادقة على ميزانية الدولة لسنة 2016.
علياء شلبي، ربة بيت، أكدت إن هذا الفصل جاء ليفضح حقيقة حزب النهضة الذي يلعب على إيقاعين واحد ديني موجه للناخبين من اجل استدرار عواطفهم والآخر موجه إلى السياسيين والنخبة يتم من خلاله الترويج للحداثة والانفتاح، معلقة لـCNN بالعربية قائلة "مثل هذه الأحزاب لاتهمهم إلا مصلحتهم وبقائهم في السلطة حتى وإن تعارض ذلك مع مبادئهم وقيمهم".
من جهته، اعتقد كمال بن خليفة، متقاعد، أن النهضة صادقت على هذا الفصل إرضاءً لحزب حركة نداء تونس العلماني شريكها في الحكم وتجنبا لغضبه في إطار التوافق والتطابق بينهما.
وتساءل في هذا السياق، ما الذي يجعل حركة النهضة تقوم بالرفع من سعر المشروبات الكحولية عندما كانت على رأس الترويكا وتخفض في ضرائبها وهي شريكة في الحكم مع نداء تونس؟
وكان المجلس التأسيسي (البرلمان السابق) التونسي صادق عام 2012 على زيادة أسعار المشروبات الكحولية، من أجل دعم ميزانية الدولة.
وبرّرت النائبة عن حركة النهضة يمينة الزغلامي قرار تصويت حزبها بأن الفصل الذي تم تمريره والمصادقة عليه لا يقتصر تخفيض الضرائب فيه على الخمور والمشروبات الكحولية فقط، بل يتضمّن سلعا أساسية أخرى ومنتوجات تمسّ المواطن البسيط بشكل مباشر مثل عصير الفواكه.
وأضافت في تصريح صحفي أن حركة النهضة التونسية تسعى في إطار برنامجها الاجتماعي والثقافي إلى إيجاد الآليات الكفيلة باقناع من يتعاطى الكحول أو المخدرات بالكف عن ذلك وتشجيعهم على ترك هذه العادة.
ورفضت الزغلامي الربط بين موقف حركة النهضة الإسلامية الحالي من تجارة الخمور وبين تحالفها السياسي مع حزب نداء تونس.
وأكدت إن الهدف من وراء ذلك هو الحد من التهريب وتنظيم عملية البيع والشراء حتى تكون في إطار القانون وتسهل مراقبتها بعيداً عن نزيف التهريب والسوق السوداء.
مقابل ذلك، انتقد النائب عن حركة النهضة العربي القاسمي قيام زملائه بحركة النهضة بالتصويت لصالح قانون التخفيض في الضرائب على الخمور.
واعتبر في تدوينة على صفحته الشخصية بالفايس بوك، أن من صوت بنعم لصالح التخفيض قد خان الله ورسوله والشعب وارتكب جرما بتقنين تيسير ارتكاب الكبائر.
وتحتل تونس صدارة الدول المغاربية في استهلاك الجعة والخمور والمرتبة الثانية عربيا بعد دولة الإمارات بمعدلّ استهلاك سنويّ تجاوز 26 لتراً للفرد الواحد، متفوقة على دول أوروبيّة، كفرنسا وألمانيا وإيطاليا، بحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية شهر أكتوبر الماضي.
من جانب آخر، اعتبر البعض أنه لا يوجد أي موجب لمهاجمة النهضة بعد التصويت على هذا الفصل لأن هناك أولويات تقتضي التعامل معها من أجل مصلحة الدولة.
ساسي بن يوسف، طالب ماجستير في علو الإعلامية، يرى أن النهضة صوتت على هذا الفصل لأجل دعم موازنة الدولة ومنع التهريب الذي يضر الاقتصاد وليس لديها نيه لتشجيع استهلاك الخمور أو ما شابه.
وتعتبر المشروبات الكحولية أحد أهم الموارد التي تعتمد عليها تونس في موازنتها وهي تحتكر إنتاجه وتوزيعه، وقد تنامت في الفترة الأخيرة ظاهره تهريبه خاصة إلى ليبيا.
في خضم هذا الجدل، عبر عدد من التونسيين عن عن أملهم في أن يتبع قرار التخفيض في ضرائب المشروبات الكحولية قرارات أخرى تستهدف تخفيض الضرائب على المواد الأساسية للمواطن البسيط أو إعفائها لتخفيف العبء عليه.
لبنى عثماني، بائعة بإحدى محلات الملابس الجاهزة قالت لـ CNN " قرار التخفيض في ضرائب الخمور لا يعني جميع التونسيين، نحن نريد تخفيضا في أسعار المواد الأساسية التي نحتاجها، غير ذلك لا يهمنا".