هل تصمد حجج حظر الاتصال الصوتي عبر الانترنت بالمغرب؟
الرباط، المغرب (CNN)— خلّف منع الاتصالات الهاتفية عبر الانترنت، أو ما يعرف اختصارًا بـVoIP، على تطبيقات الهواتف الذكية في المغرب، ضجة لم تضع بعد أوزارها، إذ لم يتوقف الأمر عند الاحتجاج على توقيف الخدمة عبر حملات واسعة لنزع علامات الإعجاب من صفحات شركات الاتصال أو الدعوة إلى مقاطعة أداء الفواتير، بل وصل إلى التشكيك في قانونية قرار المنع.
الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وهي المؤسسة العمومية المكلفة بمراقبة مجال الانترنت، كانت قد برّرت في بيان لها إيقاف خدمة VoIP، بأن تطبيقات الهواتف الذكية التي تستعمل هذه الخدمة، وبالأخص واتس آب وفايبر وساكيب، "لا تحترم القانون المحلي، بما أن توفير الخدمات الهاتفية للعموم يخضع لنظام ترخيص ينصّ عليه القانون، لا يمنح إلّا لمتعهدي الشبكات العامة للاتصالات".
واستندت الوكالة على قرار لها أصدرته عام 2004، يحمل رقم 04.04 ، قالت إنه يؤكد أن تقنية VoIP لا يمكن توفيرها إلّا من طرف المتعهدين الحاصلين على الترخيص، وأن التشريعات المحلية تهدف إلى احترام قواعد المنافسة المشروعة واستمرارية وجودة الخدمة، كما أن التطبيقات المذكورة "تلحق خسارة بالسوق الوطنية للاتصالات بالنظر إلى استعمال خدمات مجانية عبر VoIP".
غير أنه بالعودة إلى القرار الذي استندت عليه الوكالة، فإن المنع خاص بالاستغلال التجاري لتقنية VoIP وليس الاستخدام الشخصي، إذ يقول القرار في المادة الأولى: "لا يمكن الاستغلال لأغراض تجارية لفائدة العموم لخدمة الهاتف عبر بروطوكول الانترنت إلّا من طرف متعهدي الشبكات للمواصلات الحاصلين على رخصة تمكنهم من تقديم خدمة الهاتف للعموم".
وتوجد في هذا القرار ست مواد، لا يوجد في أي منها أيّ منع لاستخدام تقنية VoIP للاستعمال الشخصي، إذ تنص المادة الثانية على تمكين مراكز الاتصال من هذه الخدمة بشروط معينة، والثالثة للشبكات المستقلة المخصصة للاستعمال وكذا الشبكات الداخلية، بينما تحدد المادة الرابعة عقوبات للاستغلال التجاري، والخامسة والسادسة تتحدثان عن تنفيذ واحترام القرار.
غير أن هناك من سيرى أن هذه المادة ستلزم تطبيقات الهواتف الذكية التي تستعمل تقنية VoIP، وليس المستخدمين العاديين، بما أن الشركات التي تطوّر هذه التطبيقات، تستفيد تجاريا من التقنية، وهو ما عناه رئيس إحدى شركات الاتصال المغربية، عندما صرّح أن واتس آب و فايبر وسكايب، "لا تدفع الضرائب"، وأن "عليها فتح حوار مع المغرب لأجل تسوية وضعيتها"، إلّا أن هذا الرد قد لا يصمد هو الآخر بما أن هذه الشركات تؤدي ضرائب في البلدان حيث توجد مقراتها ولا يمكنها أن تؤدي الضرائب في كل بلد من العالم.
وفي سياق آخر، أصدرت حركة وضوح وطموح وشجاعة بيانا قالت فيه إن حظر التقنية المذكورة "أمر غير قانوني"، مستندة إلى عدة مبررات، منها أن استخدام تطبيقات الهاتفي الذكي للاتصال الصوتي ليس أمرًا مجانيًا، بما أنه يشترط شحن الهاتف بتعبئة انترنت أو ربطه بشبكة ويفي غالبًا ما يكون مؤدى عنها أو دفع اشتراك شهري، كما أن التقنية لا تعني خدمة هاتفية، بل تبادلًا صوتيًا عبر الانترنت، إذ تشمل هذه التقنية كذلك تبادل الملفات الصوتية أو المرئية عبر البريد الإلكتروني.
وقالت الحركة إن الوكالة الخاصة بالاتصالات تضع على المستوى ذاته مقدمي خدمات الانترنت وشركات الاتصال العمومية من جهة، ومن جهة ثانية تطبيقات الانترنت التي تستعمل خدمة VoIP، وهو "أمر خاطئ"، إذ إن هذه التطبيقات لا تستغل الشبكات العمومية، كما أن هذه التطبيقات لا يمكن استعمالها إلّا عبر المرور بشبكات الاتصال المحلية التي توّفر الاتترنت بمقابل مادي، تقول الحركة.
وزاد من حجم الغضب على قرار حظر الاتصال الصوتي عبر تطبيقات الهاتف، إمكانية توسع القرار نحو البرامج على الحاسوب التي تستخدم تقنية VoIP، خاصة منها برنامج سكايب، ممّا يهدد العديد من المغاربة الذين يتواصلون عبر سكايب على الحاسوب، سواء أكان ذلك للتواصل العائلي، أو التواصل المهني، وسط تأكيدات من نشطاء مغاربة برفعهم لدعاوى قضائية ضد شركات الاتصال والوكالة التي شرعنت قرار الحظر.
وتحدث مصطفى سوينكة، وهو مدون، عبر فيديو نشره حول حظر التقنية، عن أن القرار الذي أصدرته الوكالة عام 2004 "غير دقيق"، بما أنه "يطالب برخصة لاستخدام تطبيقات تندرج في إطار خدمة كبرى مرخصة هي الانترنت، أي أنه يطلب رخصة داخل الرخصة"، لافتًا إلى أنه بالمنطق نفسه، "قد تمنع الوكالة بروتوكول FTP لتبادل الملفات الضخمة على الانترنت أو بروتوكولا آخر".
وتابع سوينكة أن القرار المذكور يستند بدوره على قانون صادر عام 1997، لا يوجد فيه أي ذكر لخدمة VoIP، بما أننه لا يفرّق بين هذه الخدمة وبين خدمة الانترنت، مضيفًا أن "القرار لا يلزم شركات الاتصال بحظر VoIP، وأنها اتفقت على قرار الحظر بما أنه يضمن مصالحها ويتيح لها الاستفادة من أرباح جديدة إذا ما تم اشتراط دفع تكاليف إضافية للاستفادة من الخدمة المحظورة حاليًا".
تعرّف أكثر على الموضوع: رسميًا.. المغرب يعلن نهاية عصر الاتصال الهاتفي عبر واتس آب وفايبر وسكايب
حملات احتجاجية واسعة ضد حظر الاتصال الهاتفي عبر الانترنت في المغرب