لماذا واجهت مخرجة هذا الفيلم الفلسطيني تهديدات قتل وحملات مقاطعة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كحول، ومخدرات، ومثلية جنسية، وعلاقات عابرة خارجة عن إطار الزواج.. هذه هي بعض المواضيع التي تسلط مخرجة الأفلام الفلسطينية، ميسلون حمّود، الضوء عليها في أول فيلم لها "بر بحر."
ولا شك بأن مناقشة مواضيع جريئة كهذه باللغة العربية، قد قسّمت الجمهور الفلسطيني بين رأيين. ورغم أن الفيلم وصل إلى منصّات عالمية، وفاز بجوائز في عدة مهرجانات سينمائية في كندا، وإسبانيا، وإسرائيل، واجهت حمّود أيضاً العديد من الانتقادات، وصلت إلى حملات مطالبة بمقاطعة الفيلم، وحتى تهديدات بالقتل، على حد قولها.
ويناقش الفيلم الذي صدر في مطلع هذا العام، ويعرض حالياً في دور السينما في المملكة المتحدة، حياة ثلاث شابات فلسطينيات من خلفيات مختلفة جداً، تعشن مع بعضهن البعض في شقة في تل أبيب.
وتمثل منى حوّا دور ليلى، وهي محامية متحررة في أفكارها، بينما تؤدي سناء جمّالية دور سلمى، التي تحلم بأن تصبح دي جي محترفة، وتصارع في مصارحة أسرتها المسيحية أنها مثلية الجنس، كما تمثل شادن قنبورة دور نور، التي تأتي من عائلة مسلمة محافظة، وتخطط لزواج شاب يتحكم بها بشدة.
كما يتناول الفيلم أيضاً مواضيع أخرى مثل التعنيف الجنسي، والصراعات بين التقاليد والعصرية بين جيل الشباب والجيل الأكبر، والصعوبات التي كثيراً ما يواجهها الشباب الفلسطيني الذي يعيش في المناطق الإسرائيلية.
وتنحدر شخصية نور في الفيلم من مدينة أم الفحم، التي تضم عدداً كبيراً من عرب إسرائيل، والتي عبّرت بلديتها عن الشعور بالاستياء الشديد من طريقة تصوير المدينة في الفيلم، وأصدرت بياناً عبر وكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق من هذا العام واصفة الفيلم بأنه "لا يحوي أي قدر من الحقيقة" ومشجعة المواطنين على مقاطعته.
وتحدثت CNN مع حمّود عن فيلمها، الذي تأمل أن يكون الأول في سلسة أفلام ثلاثية، وعن ردة الفعل التي أثارها الفيلم، وسبب اختيارها لمواضيع مثيرة للجدل.
ما الذي أردت تحقيقه من هذا الفيلم؟
ميسلون حمّود: أهم شيء بالنسبة لي كان بدء حديث عن المحرمات التي لا
يمكننا التعامل معها، ومعالجة المواضيع المثيرة للجدل في مجتمعنا.
عندما تقولين مجتمعنا، هل تقصدين المجتمع
الفلسطيني؟
نعم، بالطبع المجتمع الفلسطيني. ولكن، إذا نظرنا إليه من منطلق أكبر،
فإنه المجتمع العربي أيضاً. وأكثر من ذلك، يمكننا القول إن هذه
القضايا هي مواضيع عالمية يعيشها الناس في شتى أنحاء العالم
أيضاً.
ما ذا كانت ردة فعل المجتمعات الأخرى في منطقة الشرق
الأوسط؟
الفيلم كان صدمة كبيرة بالنسبة للمجتمعات العربية. حتى أنه هز النظام
العام. ومن الطبيعي أن يكون هناك ردة فعل عندما تنتقد شيئاً ما، لأن
لا أحد يريد أن يرى نفسه قبيحاً عندما ينظر في المرآة، وهذا الفيلم
كان بمثابة مرآة لنا.
يصور الفيلم مشاهد تناول مخدرات، ومثلية جنسية، ونشاطات
جنسية عابرة خارج إطار الزواج، وتناول للكحول، واغتصاب، وسيطرة
الرجال على النساء، لماذا تريدين معالجة هذه القضايا؟
لأن السينما هي منصة فنية قوية جداً. وأعتقد أن لدينا مسؤولية
كبيرة في مجتمعنا كفنانين لنعكس حقيقة محيطنا.
هل تفاجأ بعض الناس عند رؤية الشباب الفلسطيني في الطريقة
التي ظهر بها في الفيلم، في مشاهد تناول المخدرات مثلاً؟
نعم، كانت صدمة كبيرة. هذا كان موضوعاً متناولاً داخل المجتمعات
الفلسطينية، يقولون: "لا، هذا لا يحدث، هؤلاء ليسوا أطفالنا، أطفالنا
ليسوا كما يظهرون في فيلمك." هذه هي حالة الاستنكار التي يعيشها
المجتمع عندما يأبى الاعتراف بحاله، وهذه ردة فعل طبيعية عندما يواجه
الانسان صدمة ما.
هل كان لديك أي فكرة عن مدى حساسية هذه
المواضيع؟
علمت أني كنت أحمل بين يدي قنبلة مؤقتة، ولكني لم أكن أعرف
مدى حجمها. كنت أعرف أنه سيكون هناك أشخاصاً يقفون ضدها، ولكني
لم أعرف بالضبط ما كانوا سيفعلون.
ما هي بعض التهديدات التي تلقيتها؟
تلقيت تهديدات لي، وللممثلات، ولعائلتي أيضاً. بالنسبة لي، أحد
الأشياء التي لا أتمكن من أن أنساها، هي رسالة وصلتني كتب فيها:
"لدي سؤال لك: هل تريدين رصاصة في رأسك، في قلبك، أو بين ساقيك؟"
تلقيت الكثير من التهديدات على فيسبوك، الآلاف منها، ولكن، في الوقت
ذاته تلقيت أيضاً كمية كبيرة من الرسائل المشجعة والموالية، من أشخاص
شعروا أن الفيلم عكس حالهم، ولديهم المسؤولية لمحاربة كل من يحارب
الفيلم.
هل هناك مشهد فني فلسطيني نابض بالحياة أو آخر تحت
الأرض؟
نعم، هناك مشهد تحت الأرض، والذي أنا جزء منه، وبات يكبر ويكبر
مؤخراً. وهو ذات المشهد الموجود في دول عربية أخرى، في بيروت،
والقاهرة، وعمّان. في كل هذه الأماكن، يوجد المشهد الثقافي الفرعي
ذاته، نواجه الصراعات ذاتها، والمعضلات ذاتها. الاختلافات موجودة في
الخلفية فقط، ولذا فإن لكل مشهد ظروفه الخاصة. ولكننا في الأساس
متشابهون تماماً، نرتدي الأزياء ذاتها، ونستمع إلى الموسيقى ذاتها،
ونقرأ الأشياء ذاتها. هذا الأمر موجود في جميع أنحاء العالم العربي،
وفيلمي هو جزء من موجة عربية سينمائية جديدة بدأت بعد الربيع العربي.
كل عام يزيد عدد الأفلام في العالم العربي، والتي تناقش هذه المحرمات،
وكلها لديها عناصر متشابهة جداً. ولذلك، يمكننا أن نسميها موجة،
للحديث عن المحرمات دون خوف، بالإضافة إلى الشجاعة، وظهور الصوت
النسائي في الصفوف الأولية أكثر فأكثر.
رغم أن الفيلم يناقش حياة ثلاث نساء فلسطينيات، هل لاحظت
أنه قد يضرب أيضاً على وتر أشخاص مختلفين في جميع أنحاء
العالم؟
بالطبع، لا يهم مكان عرض الفيلم، ردة الفعل هي ذاتها، إنها مذهلة.
إنها قصة خاصة ومعينة، ولكنها عالمية أيضاً. سواء في أمريكا
اللاتينية، أو الشرق الأقصى، في كل مكان حول العالم، تعيش النساء هذه
القصص.