وزيرا دفاع أمريكا والصين يعقدان أول مباحثات وجها لوجه منذ 2022.. وهذا ما بحثاه
(CNN)-- عقد وزيرا الدفاع الأمريكي ونظيره الصيني اجتماعا نادرا، الجمعة، في الوقت الذي تتنقل فيه القوتان عبر مشهد أمني مثير للجدل بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، ومجموعة من الاحتكاكات بينهما من ترهيب الصين لتايوان، إلى تعزيز التحالفات الأمريكية في المنطقة.
ويعد الاجتماع، بين وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، ووزير الدفاع الوطني الصيني الأدميرال دونغ جون، هو أول محادثات وجها لوجه بين وزيري دفاع البلدين، وأول مناقشات من نوعها لأوستن مع نظيره الصيني منذ أواخر عام 2022، عندما التقى أوستن وزير الدفاع الصيني آنذاك، وي فنغ في كمبوديا لحضور اجتماع وزراء الدفاع الإقليميين.
وعندما سئل عن كيفية سير الاجتماع، قال أوستن للصحفيين: "لقد سارت الأمور على ما يرام".
وأعرب أوستن عن قلقه بشأن الأنشطة الصينية الأخيرة حول مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي، فضلا عن حرب روسيا في أوكرانيا والاستفزازات الأخيرة لكوريا الشمالية.
وقال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" اللواء بات رايدر: "أعرب الوزير عن قلقه بشأن النشاط الاستفزازي الأخير لجيش التحرير الشعبي حول مضيق تايوان، وأكد أن جمهورية الصين الشعبية لا ينبغي أن تستخدم الانتقال السياسي في تايوان- وهو جزء من عملية ديمقراطية روتينية طبيعية- كذريعة لتدابير قسرية"، وأضاف أن الوزير أكد على التزام الولايات المتحدة بسياسة الصين الواحدة التي تنتهجها منذ فترة طويلة كما أكد على أهمية "السلام والاستقرار" عبر مضيق تايوان.
وعُقد الاجتماع، على هامش مؤتمر الدفاع السنوي في سنغافورة، على خلفيات إقليمية متوترة. وتواصل بكين- التي تمتلك أكبر قوة بحرية في العالم- تأكيد المطالبات الإقليمية المتنازع عليها بقوة في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، كما تندد بجهود واشنطن لتعزيز العلاقات الأمنية مع حلفاء رئيسيين مثل اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين.
ونظمت الصين في وقت سابق هذا الشهر، مناورات حربية كبرى حول تايوان بعد تنصيب الرئيس الجديد المنتخب ديمقراطيا للجزيرة. ويزعم الحزب الشيوعي الحاكم في الصين أن الجزيرة الديمقراطية التي تتمتع بالحكم الذاتي هي ملك لبكين، رغم أنها لم تسيطر عليها إطلاقا.
كما أطلقت قوات خفر السواحل الصينية في الأسابيع الأخيرة خراطيم المياه، وسعت إلى مواجهة السفن الفلبينية العاملة في المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، مما أدى إلى تأجيج التوترات المتصاعدة بالفعل مع حليف للمعاهدة الأمريكية في المنطقة.
وفي الوقت نفسه، انتقدت بكين ما تعتبره تحركات استفزازية بين الولايات المتحدة وحلفائها، حيث ندد المتحدث باسم وزارة الدفاع (الصينية)، الخميس، بنشر نظام صاروخي أمريكي خلال التدريبات العسكرية في الفلبين، الشهر الماضي.
وقال مسؤولون أمريكيون قبل الاجتماع إنه من المتوقع أن يثير لويد أوستن مخاوفه مع دونغ بشأن دعم الصين لروسيا. وقالت واشنطن في الأسابيع الأخيرة إن الصادرات الصينية ذات الاستخدام المزدوج، تعزز القاعدة الصناعية الدفاعية لروسيا بينما تشن الحرب في أوكرانيا، حيث حذر مسؤولون أمريكيون بكين من تزويد روسيا بأي معدات فتاكة.
ومن غير المتوقع أن تشهد المحادثات بين أوستن ودونغ تقدما جوهريا نحو حل العديد من القضايا الراسخة بينهما.
ويكمن جوهر هذه الادعاءات في أن الصين لا تريد أن ترى أمريكا تمارس قوتها العسكرية في آسيا- وهي منطقة لدى الولايات المتحدة فيها علاقات أمنية عميقة وتاريخية، وتسعى إلى الحفاظ على الممرات المائية المفتوحة، وردع العدوان الكوري الشمالي، في حين يُنظر إلى الصين على نطاق واسع على أنها تريد ترسيخ هيمنتها.
لكن مراقبين دوليين ينظرون إلى اجتماعهما على أنه خطوة إيجابية نحو تعزيز الحوار، بما يمكن أن يساعد في تجنب سوء التفاهم، أو أي حادث عسكري قد يتحول إلى صراع.
علاقات مقطوعة
يأتي الاجتماع وجها لوجه بعد مكالمة هاتفية الشهر الماضي بين أوستن ودونغ، الذي تم تعيينه في منصبه في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي. كوانت المكالمة بمثابة أول محادثة مطولة لأوستن مع نظيره الصيني منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022.
وعلقت بكين إلى حد كبير الاتصالات العسكرية رفيعة المستوى بعد زيارة في أغسطس/ آب من ذلك العام، من رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة، نانسي بيلوسي إلى تايوان، والتي أثارت غضب بكين.
وتزامن الصمت مع فترة من التوترات الكبيرة بين القوتين، والتي شملت حوادث بارزة مثل منطاد التجسس الصيني الذي عبر الولايات المتحدة القارية، وما وصفته الولايات المتحدة بتزايد السلوك "المحفوف بالمخاطر" من قبل الطيارين الصينيين ضد الطائرات الأمريكية فوق بحر الصين الشرقي والجنوبي.
وبدا أن جهود الولايات المتحدة لإعادة العلاقات أصبحت أكثر تعقيدا بتعيين وزير الدفاع الصيني السابق، لي شانغفو في أوائل عام 2023، والذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات عام 2018 بسبب شراء الصين أسلحة روسية.
وكان لدى أوستن ولي تبادل وجيز خلال حوار شانغريلا العام الماضي، لكن لم تكن هناك محادثات رسمية، حيث ذكرت بكين مرارا أن وزير الدفاع الأمريكي لن يعقد اجتماعا مع لي ما لم يتم إلغاء العقوبات.
وواجهت جهود إجراء هذا الاتصال تعقيدا آخر بعد أن اختفى لي فجأة عن الأنظار في أغسطس/آب الماضي وسط تغييرات بصفوف الجيش الصيني بقيادة الزعيم شي جينبينغ.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أُقيل لي رسميا من منصبه دون تفسير، وحل محله دونغ، القائد البحري السابق، بعد حوالي شهرين.
وفي الصين، يعتبر دور وزير الدفاع شرفيا إلى حد كبير، حيث يعمل كواجهة عامة للدبلوماسية العسكرية مع الدول الأخرى، بينما تكمن سلطة القيادة داخل اللجنة العسكرية المركزية القوية للحزب الشيوعي الصيني بقيادة شي.
وكان شي والرئيس الأمريكي، جو بايدن قد تعهدا باستعادة المحادثات العسكرية رفيعة المستوى خلال قمتهما خارج سان فرانسيسكو في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو ما اعتبره الجانبان خطوة أساسية في استقرار العلاقات المتوترة.
وبعد عدة أسابيع، تحدث كبار الجنرالات الأمريكيين والصينيين عبر مكالمة فيديو، مما مهد الطريق للاجتماع الشخصي هذا الأسبوع بين وزيري دفاع البلدين.