نجامينا، تشاد (CNN) -- دفع المهاجرون الأفارقة غالياً ثمن الثورة الليبية التي أطاحت بالعقيد الراحل، معمر القذافي، بفقدانهم مصدر الرزق بعد فرارهم من هناك هرباً من جحيم المعارك، كما فقدت دولهم دعامة اقتصادية رئيسية.
وأجبر مئات الآلاف من الأفارقة على الهروب من ليبيا بعد اتهامات وجهت لبعضهم بالانضمام للقتال إلى جانب صفوف أنصار القذافي.
ومن بين آلاف النازحين نحو 300 ألف تشادي، كانوا يعملون في قطاعي النفط والبناء.
وساهمت تحويلات المهاجرين التشاديين بليبيا في دعم اقتصاد الدولة الإفريقية، التي يعيش غالبية سكانها تحت خط الفقر بأقل من دولارين في اليوم.
وقال محمد، وهو تشادي عمل في مشاريع البناء بليبيا: "لا أملك أي مؤهلات أو مهارات، وبلدنا قاحل تندر فيه الأمطار ما يجعل خيار الزراعة أمراً غير ممكناً."
وزعم أن ثواراً ليبيين اقتحموا مقر سكن العمال في بنغازي، واتهموا نحو 300 تشادي بدعم القذافي، ومضى قائلاً: "لم أستوعب أسباب مهاجمتهم لي، فأنا مجرد عامل لا أكترث بالسياسة أو الحكومات."
وبدوره قال تشادي آخر يدعي تيجاني علي محمد، إنه قضى عدة أشهر في سجن بالعاصمة طرابلس، حيث احتجز العديد من الأفارقة من دول أخرى.
وأوضح: "أجبروني على الاعتراف بأنني عملت بجانب القذافي.. واستمروا في ضربي كلما نفيت ذلك، كانت معاناة متواصلة، تعرضت فيها للضرب طيلة الوقت."
ولعب بعض المهاجرين الأفارقة دوراً إبان ذروة الأزمة الليبية إذ قاتلوا كمرتزقة إلى جانب أنصار القذافي، ما أثار حفيظة العناصر المناهضة له.
وكانت منظمة الهجرة الدولية قد أجرت مفاوضات مع المجلس الانتقالي الليبي لإجلاء العمال التشاديين والأفارقة الذين حوصروا في ليبيا.
وقال وزير المالية التشادي السابق، علي عبد الرحمن، إن توقف تحويلات المهاجرين كان له تأثير بالغ على الاقتصاد الوطني: "استقبلنا 100 ألف مهاجر ساهموا في تنمية ليبيا وعادوا خاليي الوفاض."
وأضاف: "من الصعوبة بمكان إطعام شخص واحد في تشاد، فكيف الحال بـ100 ألف شخص إضافي قدموا دون ترتيب أو تخطيط مسبق... لم نتلق مساعدات كافية من الدول الدولية، أصبحنا على نحو ما ضحايا الحرب في ليبيا."
ورغم امتلاك تشاد لاحتياطات كبيرة من النفط إلا أن تلك الثروة لم تنعكس على حال المواطن هناك، وقال أحدهم: "الناس مازالوا فقراء وبحاجة للكثير، والنفط لم يقدم شيئاً للشعب."
وتصنف وكالة "الشفافية الدولية" تشاد، التي يحكمها الرئيس إدريس ديبي، منذ عام 1990، كواحدة من أسوأ دول العالم على صعيد الفساد.