دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- طرحت الأزمة المالية العالمية التي هزت الاقتصاد الدولي خلال السنوات الماضية – وما تزال ذيولها ماثلة للعيان - العديد من التساؤلات حول الأخطاء التي مهدت لها، والممارسات التي سببت بوقوعها، خاصة بعد التكلفة الهائلة التي تكبدها الاقتصاد العالمي وما تبع ذلك من تبدلات سياسية ومالية مست حياة الملايين من البشر.
وقد تعددت بالفعل تقديرات المحللين حول أسباب الأزمة، ورأى البعض أنها متعلقة بطبيعة النظام الرأسمالي الذي يدور في حلقات من الانتعاش والركود، في حين رأى البعض الآخر أن السرعة الهائلة التي تطورت معها المنتجات المالية أدت إلى ظهور اقتصاد "وهمي" لا يعكس حالة انتاجية حقيقية، ما سهّل السقوط السريع للمنظومة ككل، بينما وجه خبراء ورجال أعمال وفلاسفة ورجال دين انتقادات إلى "الطمع البشري" محملين إياه مسؤولية الأزمة.
ومن بين أبرز تداعيات الأزمة المالية العالمية بروز الحاجة إلى بدائل للممارسات الاقتصادية الراهنة، فدعت مؤسسات مالية كبيرة إلى تعديلات هيكيلية على الاقتصاد الرأسمالي، في حين تزايد الاهتمام بالأسس الاقتصادية الإسلامية وبالمصارف الإسلامية التي نجت من الأزمة وتمكنت من الحفاظ على مستويات نمو قوية بفضل ابتعادها عن المنتجات المالية الخطيرة وعن شراء وبيع الديون.
وقد تحولت المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية خلال عقود قليلة من مجرد تجارب محلية محدود إلى مجموعات عملاقة تنشط في العديد من الدول العربية والإسلامية، بل وحتى الغربية، وقد دعا أسقف كانتربري السابق، روان ويليامز، في تصريح بارز له، المسلمين والمسيحين إلى البحث في تأسيس نظام "أكثر عدالة" لاقتراض الأموال يكون بديلا عن النظام المصرفي الحالي، كما أشادت صحيفة الفاتيكان بالتعاملات المالية الإسلامية في تصريح لفت أنظار قبل أعوام.
وتشير التقديرات الحالية لحجم الأصول المالية في المصارف الإسلامية إلى أنها تتراوح بين 1.5 و1.8 ترليون دولار، مع إمكانية أن تصل إلى 3.4 ترليون دولار بحلول عام 2018، بحسب تقرير حديث لمؤسسة "أرنست أند يونغ"، خاصة في ظل تزايد الاهتمام بهذه النوع من العمل المصرفي وزيادة الوعي المجتمعي بأهمية وتحول الكثير من المؤسسات إليه.
وانطلاقا من أهمية العمل المصرفي الإسلامي رأت CNN بالعربية تخصيص المزيد من التغطية الإعلامية له لتقديم رؤية أشمل تقوم على معرفة الأسس التي يقوم عليها والتحديات التي يواجهها، والتعرف على أبرز الوجوه والشخصيات العاملة في القطاع، وذلك في خطوة تأتي بالشراكة مع مجموعة البركة المصرفية، إحدى أكبر المجموعات المصرفية الإسلامية وأوسعها انتشارها.
وترحب CNN بالعربية بتلقي مقالات المتخصصين بالاقتصاد والصيرفة الإسلامية، على أن تنشر منها ما يفيد القراء ويغني تجربتهم، كما ترحب بتلقي الأسئلة من القراء لعرضها على متخصصين في المصرفية الإسلامية والحصول منهم على الإجابات الوافية، وهي ستخصص حلقة أسبوعية لذلك، إلى جانب متابعة الأخبار والتطورات الخاصة بالعمل المصرفي والاقتصادي الإسلامي.
إن الاهتمام الدولي بالمصرفية الإسلامية لم يقابله اهتمام مماثل من المؤسسات الإعلامية الدولية، التي ظلت تتعامل معه كوافد جديد نظرا لقلة المتخصصين به وضعف البنية التشريعية المنظمة له في العديد من الدول، ولذلك فإن CNN بالعربية ستحاول من خلال متابعتها لهذا القطاع تقديم محتوى حصري وغني يساهم في إشباع حاجة ملايين القراء لمعرفة المزيد حول الأصول الاقتصادية والمصرفية الإسلامية والنطاق الذي تتقاطع فيه الأبعاد الدينية والمالية بالنسبة لهذا القطاع.