دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يرى البعض أنه لا فارق بين "الفائدة المصرفية" على القروض الربوية ونسبة الربح الموضوعة على التمويل الإسلامي، باعتبار أنه في نهاية المطاف هناك زيادة حاصلة على قيمة القرض، ولكن نظرة فاحصة إلى كيفية تكوّن القرض الربوي مقارنة بالتمويل الإسلامي وطريقة إنفاقه وتأثيراته الاجتماعية تظهر الفروقات بوضوح.
ويقول القاضي الباكستاني، محمد تقي عثماني، في دراسة له حول طبيعة القروض الربوية وآثارها على المجتمع، إن الإسلام لا يعترف بالقرض كمصدر للربح، وإنما هو وسيلة تسمح للمقترض بالقيام بالنشاط الذي يريده لتحقيق الربح، إما إذا كان الهدف من القرض هو تمويل نشاط للمقترض طمعا بمنافع مالية فسيكون من الطبيعي مشاركة الخسائر أيضا.
ويضيف عثماني: "بحال إلغاء الفائدة الربوية فإن الدور التجاري للقروض سيصبح محدودا للغاية، وستتحول بنية التمويل برمتها إلى بنية حقيقية مدعومة بأصول فعلية" ويشير القاضي الباكستاني إلى أن الحديث النبوي الذي يشير إلى أن النبي رفض الصلاة على جنازة مدين قبل تسديد دينه يدل على كراهية الدين ككل، وأنه سبيل أخير للمرء بمواجهة المصاعب.
أما بحال وجود فائدة ربوية للقروض، فيتحول الاقتصاد إلى شكل جديد يعتمد تماما على الإقراض والتربح من القروض بعيدا عن الإنتاج الاقتصادي الحقيقي، ما يضع البشر قيد "عبودية الديون" على حد تعبيره، بما في ذلك الدول النامية التي تضطر إلى الاستدانة على نطاق واسع من الدول الثرية.
ويرى عثماني أن بعض الخبراء في الغرب توقعوا الأزمات المالية العاصفة التي تهز أركان الاقتصاد الدولي، وبينهم بيتر ويربرتون، أحد الفائزين بجائزة دولية في مجال التنبؤ الاقتصادي إذ يقول: "أسواق المال والائتمان نمت بشكل فائق السرعة دون وجود شفافية أو محاسبة. علينا التحضر لانفجار يزلزل قواعد النظام المالي الغربي.
ويشرح عثماني تأثيرات الفائدة الربوية السلبية على البشر قائلا إنها تُمنح لمن يستطيع تسديدها وليس لمن يحتاجها، حتى أن بنك مورغن ستانلي اعترف بأن النظام المالي "فشل في المساعدة على تنمية الشركات الصغيرة" وأنه رغم "فائض السيولة" الموجودة لديه إلا أنه لم يقدم المال إلا للشركات الغنية والتي تمتلك المال بدورها، فالنفع يقتصر على الأثرياء فقط.
أما على صعيد الإنتاج، فللتمويل الربوي نتائج مدمرة، إذ أنه يساعد الناس على العيش فوق مستويات حياتهم الطبيعية وبالتالي زيادة إنفاقهم واستهلاكهم، وينطبق ذلك على الأفراد كما ينطبق على الحكومات والدول.
ويكون للاقتراض الربوي أيضا تأثير مدمر على أنماط التوزيع، إذ يزيد من فقر الفقراء ومن ثراء الأثرياء، ويشرح الباحث جيمس روبرتسون، في كتابه "تحويل الحياة الاقتصادية" ذلك بالقول: "الوظيفة الوحيدة للفائدة المصرفية هي نقل الأموال بشكل مستمر من الفقراء إلى الأغنياء، وهذا النقل الفاضح للموارد المالية من الفقراء إلى الأغنياء ظهر بوضوح في الأزمة المالية العالمية التي لم تنتج عن واقع قيام الأغنياء بعرض كميات أكبر من المال للإقراض من أجل تحصيل فائدة أكبر فحسب، بل نتجت أيضا عن اضطرار الفقراء لزيادة قروضهم بسبب عبء الفائدة."
أما الضرر الأكبر الناتج عن الإقراض فهو المتعلق بتوليد النقود والتضخم، فبما أن الفائدة غير مرتبطة بالإنتاج الحقيقي فلا يهتم المقرض بالطريقة التي سيستخدم المقترض الأموال فيها، ما ينتج عنه فائض كبير في الموجود من السيولة بالسوق، ويشرح عثماني ذلك بالقول: "هذه الظاهرة يطلق عليها اسم ’خلق النقود‘، وكتب الاقتصاد تعتبرها ضرورية للنمو والازدهار، ولكن ذلك في الواقع وهم."
ويضيف: "تاريخ خلق المال مرتبط بأمر كان يحصل بالقرون الوسطى، عند قيام الناس بإيداع ذهبهم لدى الصاغة مقابل شهادات ائتمان ورقية بقيمة معادلة للذهب يستخدمونها في البيع والشراء، ومع الوقت بدأ الصاغة يقرضون الذهب بالفائدة باعتبار أن أحدا لن يطالب بالمال الحقيقي، خاصة وأن الجميع يتعامل بأوراق الائتمان، ثم في مرحلة لاحقة باشروا إصدار شهادات ائتمان لذهب لم يكن موجودا، وبهذه الطريقة كانوا يخلقون المال ليستفيدوا منه بتصرف هو عبارة عن تزوير حقيقي وخيانة أمانة... القصة تطول بعد ذلك لتشرح كيفية سيطرة آل روتشيلد على أوروبا ماليا وآل روكفلر على أمريكا."