الشريعة والمال: هل يبيح الإسلام الضرائب وما موقف المذاهب وحقيقة أحاديث ذم "المكوس"؟

اقتصاد
نشر
3 دقائق قراءة
الشريعة والمال: هل يبيح الإسلام الضرائب وما موقف المذاهب وحقيقة أحاديث ذم "المكوس"؟
Credit: afp/getty images

القاهرة، مصر (CNN) -- تعرف دار الإفتاء المصرية الضريبة بأنها "مقدار محدد من المال تفرضه الدولة في أموال المواطنين، دون أن يقابل ذلك نفعٌ مخصوص، فتُفْرَض على المِلْك والعَمَل والدخْل نظير خدمات والتزامات تقوم بها الدولة لصالح المجموع، وهي تختلف باختلاف القوانين والأحوال."

وتشير الدار في فتواها ردا على سؤال مشروعية فرض الضريبة وحكم المتهرب منها، إلى أن لولي الأمر فرض ضرائب "عادلة في تقديرها وفي جبايتها إلى جوار الزكاة؛ وذلك لتغطية النفقات العامة والحاجات اللازمة للأمة، باعتبار أن ولي الأمر هو القائم على مصالح الأمة"

وتشير دار الإفتاء المصرية إلى ضرورة مراعاة عدم زيادة أعباء محدودي الدخل وزيادة فقرهم، وأن تُحصَّل الضرائبُ أصالةً "من الفئات التي لا يجهدها ذلك؛ كطبقة المستثمرين، ورجال الأعمال الذين يجب عليهم المساهمة في واجبهم تجاه الدولة" مضيفة أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب كان "أوَّل مَن اجتهد في فرض أموال تُؤْخَذ من الناس من غير زكاة أموالهم؛ لتحقيق المصالح العامة؛ كالخراج."

ولفتت الدار في فتواها إلى أن الإسلام لا يمنع فرض الضرائب؛ فقد تقرَّر في الشريعة الإسلامية أن في مال المسلم حقًّا سوى الزكاة؛ وقد ورد هذا المعنى -مِن أن في المال حقًّا سوى الزكاة- "عن عدد من الصحابة: كعمر، وعلي، وأبي ذر، وعائشة، وابن عمر، وأبي هريرة، والحسن بن علي."

ولفتت الدار إلى أن التضامن الاجتماعي "فريضة على المجموع" مضيفة أن هذا التضامن "ليس المراد منه ما قد يتبادر إلى ذهن البعض؛ من مواساة الفقراء والمحتاجين فقط، بل مرادنا ما هو أعم من ذلك؛ من حق المجتمع على الفرد في التعاون على إقامة مصالح الدولة كافة، ولجماعة المسلمين حق في مال الفرد."

وأقرت الدار في فتواها بأن أخْذ الضريبة من الأفراد "فيه استيلاء على جزء من مالهم وحرمان لهم من التمتع به،" ولكنها لفتت إلى أن هذا الحرمان "إنما رُخِّص فيه لأن الضرورة قضت به.. ولو تركت الدول في عصرنا دون ضرائب تنفق منها، لكان ذلك مؤديًا إلى خلخلة اقتصادها، وضعف كيانها من كل نواحيه، فضلا عن الأخطار العسكرية عليها."

وعددت الدار المذاهب الفقهية الإسلامية التي أقرت الضرائب مضيفة أن الشيخ ابن تيمية ذهب إلى إقرار بعض ما يأخذه السلطان، باعتباره "من الجهاد بالمال الواجب على الأغنياء"، وسماها بـ"الكلف السلطانية"، مضيفة أن ما ورد من أحاديث في ذم المكس فليس فيها نصٌّ في منع مطلق الضريبة؛ لأن كلمة (المكس) لا يراد بها معنًى واحد محدد لغةً أو شرعًا.