دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أعادت ندوة على هامش معرض القاهرة للكتاب تناولت حياة الإمام محمد عبده، مفتي مصر الأسبق، والذي يعتبر أحد أعمدة عصر النهضة، النقاش حول رأيه بقضية الربا وتفسيره للقرآن وما جاء فيه حولها، خاصة ما نُسب إليه من فتوى حول إباحة الفائدة المصرفية فما حقيقة تلك الفتوى وماذا كان رأي الإمام فعلا بالقضية؟
الندوة التي عُقدت تحت عنوان "نهج الإمام في تفسير القرآن الكريم" شهدت مشاركة شخصيات بينها عبدالفتاح عبدالغني، أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، والذي عرض رأيا للشيخ عبده كان يرد فيه على من يقول إن المسلمين قد تأخروا على صعيد الانتاج الاقتصاد بسبب حظرهم للربا وأن التقدم لا يمكن أن يحصل دونه.
وينقل عبدالغني رد عبده الذي جاء فيه: "هذه أوهام فإن المسلمين في هذه الأيام لا يحكمون الدين في أعمالهم ومكاسبهم، ولو حكموه ما استدانوا بالربا وجعلوا أموالهم غنائم لغيرهم.. ألم تسبقنا جميع الأمم إلى إتقان الصناعة والتجارة والزراعة فلماذا لا نتقنها؟ أن ديننا يدعونا إلى أن نسبق الأمم في الإتقان. المسلمون في الأغلب نبذوا دينهم فلم يبق عندهم إلا عادات وتقاليد أخذوها بالوراثة فمن يدعي أن الدين عائق للترقي قصد عكس القضية وهذا من عدم البصيرة والتأمل الصادق لحال الأمة."
ويضيف عبده قائلا: "أثر الربا فينا لا يمكننا أن نزيله في مئات السنين ولو أننا حافظنا على أمر الدين فيه لكنا بقينا لأنفسنا."
وتعيد ملاحظة عبدالغني حول موقف عبده من الربا إلى الأذهان مقالات سابقة كانت قد تطرقت إلى القضية، ومنها دراسة لمجدي عبد الفتاح سليمان، نشرتها بمجلة "دعوة الحق" الصادرة عن وزارة الأوقاف المغربية جاء فيه: "زعم البعض أن للمغفور له الإمام محمد عبده فتوى بحل الفوائد التي تمنحها مصلحة البريد لأصحاب الأموال المدخرة في صندوق البريد باعتبار ذلك قسطا من الأرباح التي تغلها هذه الأموال على المصلحة."
وأضاف: "وقد نفى السيد محمد رشيد رضا – وهو من أخص الناس بالإمام وأقربهم إليه وأعلمهم بأقواله وفتاويه – أن يكون للإمام أية فتوى في مسألة فوائد صندوق التوفير، وقال الأستاذ إبراهيم زكي الدين بدوي: قد جهدت في البحت عن نص هذه الفتوى سواء في مصلحة البريد أو في أعداد مجلة المنار منذ إنشائها حتى وفاة المغفور له صاحبها، فلم أعثر عليها."
ويورد سليمان بعد ذلك نص سؤال وصل لرضا، وهو أحد أبرز تلاميذ عبده، حول حقيقة وجود تلك الفتوى، فرد بالقول، على صفحات مجلة المنار، إن الحكومة المصرية في أيام الفترة الخديوية استفت عبده في تلك المسألة وطلبت منه البحث عن طريقة شرعية لجعل ربح مدخرات البريد حلالا، فأجابها شفاهة بأن ذلك ممكن بمراعاة أحكام "شركة المضاربة" من استغلال النقود المودعة في صندوق التوفير.