مستقي لـCNN: على السعودية إعادة النظر بأموال الدعم وما أنفقه الملك سلمان سيعزز الاستقرار.. وأوبك ستكون الرابحة

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قال عماد مستقي، المحلل الاستراتيجي لدى شركة "ايكستارت" المتخصصة بالاستشارات النفطية والاستثمارية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن السعودية تمسكت بقرارها النفطي للحفاظ على حصتها السوقية، مؤكدا أن خطوتها "عقلانية" ودعا المملكة لإعادة النظر في سياستها من التقديمات الاجتماعية، وإن كان قد أكد أن الفترة المقبلة ستشهد عودة قوية لأسعار النفط تصعد معها المكاسب في لمنظمة أوبك.

وقال مستقي، ردا على سؤال من CNN بالعربية حول تأثر الميزانيات السعودية بتراجع أسعار النفط: "لقد بدأ الشعور بالتأثير بالفعل، فالميزانية السعودية فيها عجز بقرابة 40 مليار دولار، السؤال الأهم هو: ما هي الطريقة التي ستحاول عبرها هذه الدول التعامل مع هذا الواقع، هل عليهم بدأ السحب من احتياطياتهم المالية أم عليهم البدء بالاقتراض؟ هذه السؤال سيضطرون للإجابة عليه في وقت قريب جدا."

وعن رأيه المؤيد لإصدار أدوات للدين وصكوك من قبل السعودية، والذي عبر عنه في السابق بمقالات تحليلية قال مستقي: "بالتأكيد، فنحن نعيش حالة من التحول نبتعد فيها في نهاية المطاف عن طابع الاقتصار على لعب دور المصدّر للولايات المتحدة وننتقل إلى سوق عالمية فيها سياسات مالية متعددة العملات، وعلينا تطوير أدوات مالية تتيح لنا تحسين قدرتنا على إدارة ماليتنا والتعامل مع التطورات، وطرح أدوات دين هي الطريقة الأمثل للقيام بهذا الأمر إلى جانب تحويل الأصول السيادية إلى أصول متوافقة مع الشريعة مما يصب في صالح الجميع."

ولم ينف المحلل الاقتصادي وجود ضغوطات ومتطلبات داخلية وخارجية على الميزانية السعودية قائلا، في مقابلة على خلال مشاركته بـ"منتدى بوابة الاستثمار الإسلامي" في البحرين: "السعودية تعتزم إنفاق 800 مليار ريال، العالم الماضي كانت تخطط لإنفاق 800 مليار ولكنها أنفقت ترليون ريال، الانفاق سيزداد بسبب طبيعة التقديمات الاجتماعية في المملكة وزيادة عدد الشباب الذين يدخلون سوق العمل السعودية ويزيدون من حجم القوى العاملة."

غير أنه لفت إلى إمكانية القيام بتعديلات كبيرة في الميزانية السعودية لتوفير الأموال من خلال إعادة النظر بالسياسات الاجتماعية قائلا: "السعودية لديها الكثير من المرونة في ميزانيتها، فهناك 60 مليار دولار موجهة للدعم الاجتماعي ودعم المحروقات في ميزانية من 240 مليار دولار، وهذا مبلغ كبير."

وتابع مستقي بالقول: "سياسة دعم السلع والخدمات في النهاية ليست سياسة ناجحة تضمن التقدم على الأمد البعيد، بل إنها تفيد الأثرياء على حساب الفقراء، وبالتالي هناك إمكانية لإجراء تعديلات."

وأضاف: "في السعودية يتوفر لدى المملكة أصول تعادل 150 في المائة من الناتج المحلي، بينما بالمقابل لدى العديد من الدول النامية ديونا تعادل 100 في المائة من ناتجها المحلي، فليس هناك بالتالي من سبب للقلق حول وجود عجز في ميزانيات دول الخليج بواقع عشرة أو 20 في المائة خلال السنوات القليلة المقبلة، ولكنها سبق لها أن راكمت احتياطيات كبيرة خلال السنوات الماضية."

ودافع مستقي عن خيار إنفاق السعودية ما يقارب من 30 مليار دولار كحزمة تقديمات ومكافآت بمناسبة تولي العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، الحكم، رغم الأوضاع الاقتصادية القائمة قائلا: "هذا لا يمثل سوء جزء يسير مما أنفقه الملك عبدالله خلال الربيع العربي، وفي نهاية المطاف أرى أن هذه الأموال أنفقت بشكل صحيح طالما أنها ستعزز الاستقرار في السعودية وتحسّن من نظرة الشعب للحكومة."

وحول مستقبل أوضاع النفط والاتجاه الذي تسير فيه منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" قال مستقي: "الأسواق حاليا تعود حاليا إلى طابعها المبدئي الأساسي، فقد اختفت كافة التدفقات والفوائض المالية، والسعودية تصرفت بعقلانية حيال هذا الوضع، وقد أكدت أنها لن تقبل عقد اجتماع طارئ لأوبك قبل موعد الاجتماع الدوري المقرر في يونيو/حزيران المقبل، وقد تمسكت بهذا القرار منتظرة أن تقوم الأسواق بتعديل الأسعار بنفسها، وهذه الخطوة بالنسبة لي أكثر عقلانية من تجارب سابقة مثل السير بقرارات تخفيض الإنتاج وما يتبع ذلك من فقدان مضطرد وكامل للحصص السوقية."

وأضاف: "السعودية في الأساس بحاجة لضمان استمرار التصدير لأسيا، كما أنها تخسر حصصا سوقية مع تراجع التصدير بسبب الإنتاج المتزايد للسوق الداخلية من المشتقات البترولية، وهذا أمر تجاهله الكثيرون سابقا."

وبالنسبة لأوبك قال مستقي: "أوبك ما زالت ضرورية كمنظمة، وكوسيلة لضمان استقرار السوق بعد انتهاء الأوضاع الحالية ومرور موجة التصحيح القائمة لأن الفترة الماضية شهدت تدفقات مالية كبيرة للاستثمار في الانتاج النفطي، ولكن هذه الاستثمارات ستقل وسيصبح من الصعوبة بمكان توفير نفقات رأسمالية، وهذا الأمر سيقود إلى تضييق حجم سوق الإنتاج النفطية وهو ما يصب في صالح أوبك التي تلعب على وتر تحقيق النمو الاستراتيجي على حساب المكاسب الآنية، هذه الاستراتيجية قد تضر بالبعض، ولكنها ستجلب الثراء والمكاسب للجميع على الأمد البعيد."