مقال بقلم عدنان أحمد يوسف، الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية، وهو لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.
شكّل مؤتمر شرم الشيخ الإقتصادي لتنمية الإقتصاد المصري قفزة نوعية في المكان والزمان.
في الزمان، كان لا بدّ من تشخيص التحديات التي تواجه إقتصادات دول منطقتنا العربية، وما تعانيه من بطئ، وخصوصاً في مجال التنمية التي باتت حجر الأساس للنهوض بأي إقتصاد متعثّر، ومعالجة الأزمات التي تكاد تصبح مزمنة إذا لم تتحرك كل القوى الإقتصادية العام منها والخاص لوضع حدّ لهذا التقهقر، ووضع المسارات الآيلة إلى إعادة النهوض وصولاً إلى التنمية المستدامة.
في المكان، ما حققه مؤتمر شرم الشيخ الإقتصادي، من الحماس اللافت لأكثر من 120 دولة ومؤسسة دولية وإقليمية أجمعت على إنتشال مصر بلد الـ 90 مليون من الأزمات الإقتصادية المتفاقمة والتي تكاد تغرقه في الفوضى.
البداية، يوم دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله وطيّب ثراه إلى مؤتمر عربي-دولي لدعم مصر، هذه الدعوة أكّدت وعي المغفور له لأهمية ترسيخ العلاقات التاريخية والمصير المشترك في ظل لتطورات التي وضعت المنطقة العربية أمام مصير مجهول. وأمّنت مقومات النجاح لهذا المؤتمر، الذي ترافق بمواقف داعمة وحضور كبير من قبل دول مجلس التعاون الخليجي، والمؤسسات الدولية، أكّدت المكانة الكبيرة التي تحتلها مصر على المستويين الإقليمي والدولي، والإهتمام الذي يوليه العالم للفرص الإستثمارية الضخمة خصوصاً وأن مصر بقيادتها الحكيمة والشجاعة قامت بجهود جبارة على طريق الإصلاحات، مهّدت الطريق لإنجاح هذا المؤتمر.
الملك عبد الله رحمه الله ترك هذه الأمانة ورحل، والملك سلمان، حفظه الله، بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وسلطنة عمان وباقي الدول، حفظ الأمانة وأمّن مقوّمات نجاح هذا المؤتمر. بإعتبار أنه لا يمكن مواجهة التحديات والأخطار والفوضى التي تعصف في المنطقة إلا من بوابة مصر مستقرّة وآمنة، وتعزيز مواردها البشرية التي تزخر بالكفاءات والقدرات والإمكانات العلمية والمهنية والفكرية وتفعيل دورها في تنمية مصر وعالمنا العربي كلّه.
حصيلة المؤتمر توقيع عقود إستثمارية مباشرة بقيمة 36.2 مليار دولار والإنفاق على مشروعات مموّلة مثل إنشاء محطات كهرباء وغيرها بقيمة 8.6 مليار دولار والسداد على سنوات طويلة. إضافة إلى 5.2 مليار دولار من صناديق ومؤسسات دولية قروضاً مع وزارة التعاون الدولي، ما يعني أن الرقم الإجمالي المعلن يصل إلى 60 مليار دولار، فضلاً عن 12.5 مليار دولار أعلن عنها في بداية المؤتمر من السعودية والإمارات والكويت (4 مليارات دولار لكل منها، وسلطنة عمان 500 مليون دولار، فيما تحتاج مصر إلى ما بين 200 إلى 300 مليار دولار كي تؤمّن العيش لمواطنيها في ظروف جيّدة.
وكبادرة أوليّة ساهم بنك البركة مصر، بدوره في هذا المشروع من خلال ضخ 5 مليارات جنيه في السوق المصرية، مؤكداً رؤية مجموعة البركة المصرفية الإيجابية للغاية في شأن مستقبل الإقتصاد المصري.
ومما لا شك فيه، فإن نتيجة هذا الإقبال الكبير على مؤتمر شرم الشيخ، والمواقف غير المسبوقة التي ساهمت في تحقيق الأهداف المرجوة، يرتبط إلى حدّ كبير بمتابعة هذه المواقف ودعم قدرة مصر وتمكينها من تنفيذ المشروعات التي تمتلك مقوّمات كبيرة للنجاح بينها.
1- الإهتمام الخليجي والعربي والدولي بالإمكانات والقدرات الهائلة التي تختزنها مصر على الصعد كافة.
2- دور مصر المستقبلي على الصعيدين الأمني والسياسي.
3- الدور الإقليمي والدولي في مكافحة التطرّف وتنامي ظاهرة الإرهاب.
4- الدعم الشعبي الكبير الذي تحظى به القيادة المصرية.
5- عودة مصر إلى دائرة الإهتمام الإستثماري الدولي.
إن ما لقيته مصر من دعم إستثنائي عربي ودولي إنطلاقة جيّدة لإعادة رسم خارطة عربية حدودها التعاون وقلبها الإسلام والإعتدال ومصيرها الوحدة في مواجهة التحديات.
اليوم مصر، وغداً اليمن وبعدها سوريا، هذا هو الطريق لإعلاء شأن العرب والإسلام في زمن التطرّف والفساد.