دمشق، سوريا (CNN)-- يواصل سعر صرف الليرة السوريّة، انخفاضه أمام الدولار منذ أواخر شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ووصل، صباح الأربعاء، إلى مستوى غير مسبوق منذ اندلاع "الأزمة السوريّة"، (382 للمبيع، 379 للشراء) في السوق السوداء بدمشق، تلاه تحسّنٌ، الخميس، لـ (365، 362) بعد الحديث عن جلسة تدخل لمصرف سوريا المركزي بالسوق، الأربعاء، وطرح بعض شركات الصرافة الدولار للبيع بسعر يتراوح بين (355 و365).
بينما حدد المصرف صباح الخميس سعر تسليم الحوالات الخارجية التي يعتمد عليها الكثير من السوريين في تأمين دخلهم بـ (340)، و(343، 341) ليرة سورية كسعري بيع وشراء للبنوك.
وأثار هذا الانخفاض المتزايد في سعر صرف الليرة السوريّة، موجة قلق كبيرة لدى السوريين ممن يعانون ضغوطاً اقتصادية متزايدة بسبب الحرب، لاسيما موظفو القطاع العام، الذين يقدّر متوسط دخلهم الشهري بـ "60 دولار" بناءً على المتغيرّات الجديدة، أما المتقاعدون فيتقاضون أقل من ذلك بنسبٍ متفاوتة، قد لا تتجاوز الـ"30 دولار".
بينما فضّل أرباب المهن الصغيرة، وتجّار القطاع الخاص التريث في أعمالهم، لحين اتضاح وضع السوق، الذي ارتفعت فيه أسعار السلع المستوردة على وجه الخصوص، مع تنامي التوقعات حول اختفاء سلعٍ أخرى بفعل ميل التجّار إلى الاحتكار، في مثل هذه الحالات.
فيما كان استمرار انخفاض سعر صرف الليرة، موضع تساؤلاتٍ كبيرة لدى روّاد مواقع التواصل الاجتماعي من السوريين مؤخراً، تتباين فيها محاولاتهم لتفسير ما يحدث، تبعاً: لتلاعب التجّار، والعوامل السياسية، والاقتصادية، وتطورّات الأوضاع الميدانية في سوريا، واتهامات لـ"القائمين على مصرف سوريا المركزي بعدم التدخل لإنقاذ الليرة من التدهور بصورةٍ فعّالة"، خاصّةً أنهم سبق ونجحوا في رفع سعر الليرة أمام الدولار مراراً، بعد تدهوراتٍ مماثلة، مما أعاد لها الاستقرار نسبياً، وهذا بدوره أثار سؤالاً آخر "هل فقد المصرف قدرته بالتدّخل الجدّي؟".
المحلل الاقتصادي شادي أحمد أجاب على هذا السؤال لـ CNN بالعربية قائلاً إن "مصرف سوريا المركزي يمتلك أدواتٍ محدودة للتدخل اليوم، وذلك عن طريق شركات الصرافة التي تراعي أغراضها الربحية، أكثر من الحرص على السياسات النقدية."
وفسّر أحمد وتيرة انخفاض سعر صرف الليرة السوريّة أمام الدولار، بعاملين أساسين: "الأوّل قدوم فصل الشتاء وحرص الحكومة على توفير المحروقات، ما يعني زيادة طلب العملات الأجنبية عموماً، وبالتالي ارتفاع سعرها، أما العامل الثاني فيتعلق بالمضاربات في السوق لصالح جهات خارجية، وهذا ما يحدث بالعادة، عند تحقيق أي تقدم ميداني للجيش السوري."
ولم يغفل شادي أحمد الإِشارة لتأثير المضاربات الدائمة للتجار بالسوق السوداء، وهذه الحالة من المضاربة، يساهم في استمرارها لجوء الناس للعملات الأجنبية كملاذٍ آمن للادخار.
وأكدّ أحمد صعوبة التوقع، حول مستويات سعر الليرة السورية خلال المرحلة المقبلة ارتفاعاً، أو انخفاضاً، نتيجة تداخل عدة عوامل سياسية، وميدانية، واقتصادية، إلا أنه استبعد سيناريو الانهيار الكبير لليرة، قائلا إنها "لا تزال قادرة على القيام بالعديد من وظائفها كعملة نقديّة، رغم تراجع دورها كوسيلة للادخار."
بعيداً عن التحليل يمكن اعتبار انخفاض سعر صرف الليرة السوريّة أمام الدولار، ثمناً إضافياً، من جملة الأثمان الباهظة التي يدفعها السوريّون، جرّاء العقوبات الاقتصادية الدولية واستمرار الحرب، التي أفرزت تفاوتاً طبقياً كبيراً، يمكن ملاحظته بوضوح في العاصمة دمشق، بينما يقضي معظم السوريين أوقاتهم بالعمل لتوفير الحدود المقبولة من سبل العيش.