نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- حروب الأسعار مؤلمة، حتى لمنظمة "أوبك" الضخمة، وهذا هو السبب الذي دفع المنظمة المكونة من 13 عضوا من الدول المصدرة للنفط، إلى جانب روسيا، للمحاولة مرة أخرى لتجميد مستويات الانتاج للتعامل مع أزمة تدني أسعار النفط.
والهدف هو إبقاء الأسعار مرتفعة بما يكفي لإعطاء الدول المعتمدة على النفط دعما ماليا، ولكن ليست عالية جدا حتى تشجع المنافس الرئيسي لها، منتجو النفط الصخري الأميركي، لبدء الضخ بقوة مرة أخرى.
ورغم ذلك، فإن حقيقة أن هذه المحادثات تجري هي دليل على الضرر المالي الهائل الذي سببته الأسعار المنخفضة للحكومات الغنية بالنفط، ومواطنيها الذين يشعرون بالقلق بشكل متزايد.
من ناحية، النفط الرخيص يسبب نقصا في المواد الغذائية وفوضى كاملة في فنزويلا العضوة في منظمة "أوبك"، وحتى المملكة العربية السعودية، العضوة المهيمنة في "أوبك" اضطرت لتفعيل بعض الإجراءات التقشفية، وهذا أحد الأسباب الرئيسية للركود الاقتصادي الشديد في روسيا.
إذ كتبت حليمة كروفت، المحللة السابقة في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) والتي هي الآن رئيسة استراتيجية السلع في منظمة "RBC" المختصة بأسواق رأس المال، في تقرير حديث: "لا يمكن وصف أي منتج أجنبي للنفط بأنه فائز.. السؤال الوحيد الذي يطرح نفسه هو أي بلد حاجته للنقد شديدة لدرجة تعريفها بالخاسر الأكبر."
وفيما يلي كيفية تأثر اللاعبين الرئيسين في مجال النفط:
السعودية تواجه ضغطاً شديداً: عائدات النفط المتهاوية تسببت في خسارة السعودية أكثر من 180 مليار دولار في احتياطيات النقد الأجنبي على مدى العامين الماضيين، وللتعامل مع ذلك، اقترضت المملكة عشرة مليارات دولار من البنوك وتخطط حتى لبيع سندات للمرة الأولى في تاريخها، وهي خطوات لم تكن واردة للنقاش حتى قبل بضع سنوات.
تُعيد المملكة النظر أيضا في أكثر من 200 مشروع بنية تحتية في محاولة لتوفير نحو 20 مليار دولار، وفقا لجون سفاكياناكيس، مدير البحوث الاقتصادية في مركز الخليج للأبحاث في الرياض، وقال إن السعودية رسمت خططا واسعة النطاق في وقت سابق من هذا العام لتوفير المال.
أزمة في روسيا: ارتفعت أسعار النفط في وقت سابق من هذا الأسبوع بعد أن وقّعت روسيا والمملكة العربية السعودية اتفاقا يهدف الى تحقيق الاستقرار في سوق النفط، ويعود الارتفاع في الأسعار بشكل جزئي إلى تشكيل مجموعة عمل روسية سعودية مشتركة لتحديد الإجراءات المطلوبة لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط. وأثار ذلك تكهنات بأن موسكو ستدعم التجميد في اللقاء غير الرسمي بين دول منظمة "أوبك" والبلدان الأخرى المنتجة للنفط في وقت لاحق من سبتمبر/ آب الحالي، في الجزائر.
وتسبب تدني أسعار النفط إلى جانب العقوبات الاقتصادية الأليمة المفروضة على الدولة، ظلت روسيا في حالة ركود اقتصادي لمدة 18 شهرا على الأقل، وأصبح الملايين من المواطنين يعدون من الطبقة الفقيرة. وقال المحللة كروفت إن "بوتين وحلفائه قد يشعرون بحاجة ماسة للعجلة في الإجراءات لإثبات أنها يمكن أن تُخرج البلاد من حالة الركود الحالية."
فنزويلا في فوضى: قليل من البلدان بحاجة إلى ارتفاع أسعار النفط أكثر من فنزويلا، إذ رغم أنه لديها ثروات نفطية هائلة تحت الأرض، فهي في حاجة ماسة للنقد، وتعاني من أزمة غذاء، وتصارع الحكومة الآن للتعامل مع الاحتجاجات الحاشدة التي تطالب الرئيس مادورو بالتنحي، ووصفت كروفت حالة فنزويلا بأنها "على حافة التهاوي إلى أعماق كارثية."
استقبال إيران الفاتر: إثر رفع العقوبات عنها بعد الاتفاق النووي الدولي بقيادة الولايات المتحدة، أصبح حال إيران أفضل مما كان عليه قبل بضع سنوات، ورغم ذلك حتى إيران تواجه ضغوطاً بسبب انخفاض الأسعار، إذ أخذت ما يقرب من 16 مليار دولار من الدعم الحكومي المادي للوقود، وقد يكون ذلك سبب قول وزير النفط هذا الأسبوع إنه يدعم التحركات الهادفة إلى "استعادة الاستقرار" في أسواق الطاقة.
نيجيريا وليبيا تتأخران في السباق: تحارب هاتن الدولتان الإفريقيتان للتعامل مع العنف المنتشر في أراضيهما والذي يكبل إنتاجهما النفطي، إذ أصبحت نيجيريا رسمياً في حالة ركود اقتصادي منذ الأسبوع الماضي، في حين تكافح ليبيا لتنتعش من الحرب الأهلية التي بدأت في عام 2011.
ثروات النفط في دول الخليج لا يمكن أن تستمر إلى الأبد: دول الخليج الغنية مثل قطر والإمارات العربية المتحدة والكويت تبدو أكثر صحة بكثير من بقية أعضاء "أوبك"، ولكن حتى تلك الدول لجأت إلى خفض دعم الغاز وجمع المال عن طريق بيع الديون.
تقر المحللة الاقتصادية المخضرمة كروفت بأن اتفاق تجميد مستوى الإنتاج قد لا يُصلح مشكلة وفرة المعروض في سوق النفط، ولكنها تعتقد أن هذه الأزمات المالية سترفع من أرجحية التوصل إلى اتفاق ما، قائلة: "قد يختار القادة البراغماتية ويسعون إلى بعض الراحة المالية التي من شأنها أن تسمح لهم بتهدئة مواطنيهم المنفعلين على نحو متزايد."