لندن، بريطانيا (CNN) -- يبدو أن الصراع الدائر حاليا بين قادة أسواق الغرب، وخاصة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، قد يصب في صالح طرف واحد، الصين، ومن المتوقع أن يظهر ذلك جليات خلال الاجتماعات المقررة في بروكسل الخميس بين قادة الدول الكبرى، إذ تتباين الآراء الأوروبية مع آراء البيت الأبيض حول قضايا الدفاع والتجارة وحماية البيئة.
مستقبل الصراع والدور الصيني فيه سيظهران بشكل جلي في أعقاب القمة السنوية بين الصين والاتحاد الأوروبي، إذ من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، مع نظرائه في أوروبا، على أن يعقب ذلك بساعات الخطاب المتوقع للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يُنتظر أن يُعلن فيه انسحاب أمريكا من معاهدة باريس لحماية البيئة.
وقالت دراسة تحليلية صادرة عن مركز "هاي فريسكونسي إيكونومكس" إنه الإدارة الأمريكية لم تعد توفر للأوروبيين ما يحتاجونه على صعيد النظام الاقتصادي العالمي، أي الأمن والازدهار، ما سيسمح بظهور "محور جديد للقوة" يضم الصين وأوروبا بحال واصلت واشنطن النأي بنفسها عن تحمل دورها القيادي العالمي.
ورغم المؤشرات والفرص الواعدة لتحالف من هذا النوع، إلا أن التحديات ستكون كبيرة جدا دون شك، فهناك فوارق هائلة بين النماذج الاقتصادية الأوروبية ونظيرتها الصينية، علاوة على الاختلافات السياسية حول قضايا رئيسية، بما فيها حقوق الإنسان.
ولكن الاختلافات قد لا تكون كافية لإخفاء نقاط التقارب القائمة، فأوروبا والصين ينتابهما القلق حيال سياسات الرئيس دونالد ترامب الحمائية وكلاهما من مؤيدي التجارة الحرة والعولمة، بل إن الرئيس الصيني كان الخطيب الرئيسي في افتتاح قمة دافوس كما استضاف مؤتمرا دوليا حول خطة الصين لتعزيز التجارة العالمية.
غير أن بعض القادة في أوروبا ينتابهم القلق حيال التوسع المتسارع للتجارة الصينية ويشعرون بإمكانية سعي بكين للسيطرة على التجارة العالمية عن طريق "استعمار جديد" اقتصادي هذه المرة، وهم يصرون على القول بأن التجارة يجب أن تسير بالاتجاهين، بمعنى أن تنفتح السوق الصينية بشكل أكبر على العالم. وقد أوضح يورخي ويتكي، رئيس غرفة التجارة الأوروبية، المعادلة القائمة بالقول إنه مقابل كل خمسة قطارات محملة بالبضائع تغادر مدينة تشونغتشينغ الصينية باتجاه ألمانيا يعود واحد فقط منها محملا بالبضائع الألمانية إلى الصين.
وتشعر أوروبا بالقلق حيال أمر آخر، ويتمثل بالتوسع الصيني الكبير في شراء الشركات الأوروبية، فقد ارتفت الاستثمارات المباشرة بواقع 77 في المائة العام الماضي لتصل إلى 35 مليار دولار، بزيادة تعادل خمسة أضعاف ما كانت عليه عام 2013، أما الاستثمارات الأوروبية في الصين فقد تراجعت للعام الخامس على التوالي سنة 2018، ولم تتجاوز ثمانية مليارات دولار.