هذا المقال بقلم کاملیا انتخابی فرد، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات مالية ضد أكبر منتج للفولاذ وأكبر مصنع للجرارات في الشرق الأوسط بالإضافة إلى بنوك ومؤسسات أعمال في إيران. وادعت السلطات الأمريكية أن هذه المصانع والمؤسسات تقدم الدعم لقوات (الباسيج) شبه العسكرية التي تعمل تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني في الشؤون الداخلية، وكذلك تدعي وزارة الخزانة الأمريكية أن قوات (الباسيج) متواطئة في تجنيد الأطفال للقيام بأعمال عسكرية. كما يتضمن الاتهام تجنيد لاجئين أفغان للذهاب إلى سوريا والمشاركة في الحرب هناك، علماً أن هؤلاء اللاجئين كانوا قد هربوا من الحرب في بلادهم في أفغانستان وجاؤوا إلى إيران بحثاً عن فرص حياة أفضل، لكنهم وجدوا أنفسهم في سوريا في النهاية يقاتلون مع تنظيم (لواء فاطميون) الذي يقاتل تنظيم داعش للحصول على المال اللازم لدعم عائلاتهم وتوفير المسكن والطعام لهم.
من الصعب القول كيف تم إجبار هؤلاء الأفغان المساكين أو مسح دماغهم أو رشوتهم للقتال في سوريا، لكن منظمة (هيومان رايتس ووتش) لحقوق الإنسان وثّقت وجود أطفال أفغان لا تتعدى أعمارهم 14 عاماً –حسب ما هو مكتوب على شواهد قبورهم – تم إرسالهم إلى سوريا للقتال، وتقول منظمة (هيومان رايتس ووتش) أنها تأكدت من مقتل 9 منهم في ساحات المعارك.
وحسب القانون الدولي، فإن تجنيد الأطفال الذين لم يتجاوزوا 15 سنة من العمر في التنظيمات العسكرية يعتبر جريمة حرب. وقالت (هيومان رايتس ووتش) إن الآلاف من الجنود الأفغان قتلوا في سوريا دون أن تتمكن المنظمة من التأكد من أعمارهم وهوياتهم الحقيقية.
جميع هؤلاء الأشخاص بشكل عام، وجميع الإيرانيين الذين خدموا في هذه الميليشيا تم تجنيدهم وتدريبهم من قبل قوات (الباسيج) وهم صغار. وقد تم تجنيدهم وغسل دماغهم لاستخدامهم كجيش سري عندما يحتاج الحرس الثوري الإيراني إلى خدماتهم.
معظم معسكرات الباسيج موجودة في مناطق نائية وفقيرة في إيران، حيث تكون الخدمات الحكومية قليلة وجميع سكانها من الشيعة الذين لا يستطيعون توفير تكاليف الحياة، خاصة اللاجئون الأفغان الذين لم يتم تسجيل معظمهم وهم آتون أصلاً من مناطق ريفية في بلادهم.
إن إنفاق الأموال على دروس مجانية في التدريبات الرياضية ودورات التدريب العقائدي حول الإسلام والعقيدة والتدريب العسكري، وتوفير الطعام المجاني وأدوات المنزل الضرورية يؤثر كثيراً على الأطفال والمراهقين الذين ليس لديهم أي قدرة للوصول إلى الخدمات الاجتماعية ويعيشون في فقر مدقع. جميع هذه الخدمات تترافق مع التدريب الإسلامي العقائدي لجعل هؤلاء المتدربين موالين للمرشد الأعلى آية الله خامنئي ولإقناعهم بالاستعداد للتضحية بأنفسهم عندما تكون هناك حاجة إلى خدماتهم.
خلال فترة "الحركة الخضراء" في إيران التي قامت بسبب الخلاف على نتائج الانتخابات الرئاسية في 2009، تم استدعاء الكثير من هؤلاء الأشخاص تحت إشراف (الباسيج) بشكل مفاجئ بسبب الحاجة إلى خدماتهم. تلقى هؤلاء أوامر بقمع المتظاهرين الذين كانوا يحتجون ضد النظام والمؤسسات ونتائج الانتخابات.
وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين اتهم الجهات التي فرضت العقوبات الأمريكية عليها بالتواطؤ مع قوات (الباسيج) في "تجنيد وتدريب وتلقين الأطفال الجنود الذين يتم إجبارهم على دخول المعارك."
أنا لا أدَّعي أن الشرق الأوسط كله مكان جميل وهادئ وأن إيران هي البلد الوحيد الذي يفتقر إلى الانضباط أو يخضع إلى حكم استبدادي، لكنني أقول إن توقعات العالم من إيران لا تتمثل في ما تقدمه الجمهورية الإسلامية. لكن من الصعب القول إن العقوبات الجديدة يمكن أن تؤذي النظام أو الميلشيات التابعة له بقدر ما تؤذي المواطنين الإيرانيين العاديين. جيوب رجال الدين المنتفخة مليئة بأموال جمعوها لتكفي عائلاتهم لأجيال قادمة.