رأي: توظيف اللاجئات قد يعزز الناتج المحلي الإجمالي العالمي بـ1.4 تريليون دولار

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة
توظيف اللاجئات قد يعزز الناتج المحلي الإجمالي العالمي بـ1.4 تريليون دولار
Credit: tobias schwarz/afp/getty images

هذا المقال بقلم ديفيد ميليباند، الرئيس التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية ووزير الخارجية السابق للمملكة المتحدة، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- نحن نعيش أزمة لاجئين عالمية، ففي يونيو/حزيران، أعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة عن ارتفاع قياسي في عدد النازحين في جميع أنحاء العالم، رقم يُعتبر الأعلى منذ حوالي 70 عاماً. 

ويواجه العديد من اللاجئين قيوداً في الوصول إلى أسواق العمل، بل وغالباً ما يُمنعون كلياً من العمل والحصول على دخل. أمّا اللاجئات، فيواجهن صعوبة أكبر حتى، إذ يعشن فقراً طويل الأمد، فضلاً عن تعرضهن لمستويات عالية من الاعتداء الجنسي.

في الدول الضعيفة والمتأثرة بصراعات، تعمل 4 فقط من بين كل 10 نساء بأجر، بينما يعمل 7 من بين كل 10 رجال. ولا تعتبر مساعدة اللاجئين أمراً صحيحاً من الناحية الأخلاقية فقط، وإنما أمر ذكي من الناحية الاقتصادية أيضاً، سواء كان ذلك بالنسبة للإنتاجية الاقتصادية في البلدان المستضيفة للاجئين، أو من أجل سلامة النساء اللاجئات وأسرهن وأمنهن الاقتصادي.

وتنخفض نسبة مشاركة النساء اللاجئات في سوق العمل بألمانيا والأردن ولبنان إلى حوالي 6٪. وحتى عندما تعملن، فإن فجوة الأجور بين الجنسين تسلط الضوء على عدم المساواة. وقد وجد المنتدى الاقتصادي العالمي أن 63% فقط من فجوة الأجور تم تخطيها في جميع أنحاء العالم، في حين أن النساء ما زلن يقضين ضعف الوقت في أداء مهام غير مدفوعة الأجر، مثل الأعمال المنزلية، مقارنة بالرجال.

ولذا فإن في الأمر إيجابيات كبيرة في هذه الحالة تتمثل في مساعدة اللاجئات وفي الوقت ذاته معالجة قضية عدم المساواة بين الجنسين، بما في ذلك عدم المساواة في الأجور. وكما ذكر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بوضوح في الميثاق العالمي بشأن اللاجئين لعام 2018، فإن تمكين اللاجئين من كسب دخل هو أفضل بكثير من تزويدهم بالمساعدات، لأن ذلك يولد الاعتماد على الذات وحرية الاختيار. وغالباً ما يخفف وجود دخل، وفرصة السماح للمرأة بالذهاب إلى العمل من حالات العنف القائم على نوع الجنس، ما يساهم بالتالي في حماية العائلات بشكل أفضل أيضاً. على سبيل المثال، لا يتطلب على النساء اللاجئات الاعتماد على دخل أطفالهن العاملين في الشوارع، وبدلاً من ذلك، سيتمكن الأطفال من الالتحاق بالمدارس.

ويوضح تقرير جديد صادر عن لجنة الإنقاذ الدولية ومعهد جورج تاون للنساء والسلام والأمن الفائدة الاقتصادية الضخمة إذا ما تمكن اللاجئون – وخاصة النساء منهم – من الحصول على وظائف، ووجد التقرير أن اللاجئات يمكنهن المساهمة بمبلغ يصل إلى 1.4 تريليون دولار سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إذا أغلقت فجوات العمالة والعائدات بين الجنسين في 30 دولة من التي تستضيف 90٪ من لاجئي العالم. كما أن سد هذه الفجوات لجميع اللاجئين – عن طريق معادلة الأجور ومعدلات التوظيف بين الجنسين في هذه البلدان – يمكن أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي العالمي ليبلغ 2.5 تريليون دولار.

في الولايات المتحدة الأمريكية، يشير التحليل إلى أن إذا ما شاركت اللاجئات في سوق العمل بذات معدلات مشاركة الذكور الأميركيين، فسيتمكن من المساهمة بمبلغ 1.6 مليار دولار في إجمالي الناتج المحلي الأمريكي السنوي. ويأتي هذا في مقدمة دراسة أجرتها وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في العام 2017، تفيد بأن اللاجئين قد ساهموا بمبلغ 63 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي بين عامي 2005 و2014. ولكن، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، إدارة ترامب قامت برفض هذه الدراسة.

أرقام كهذه يجب أن تُعتبر دعوة للعمل والتغيير، إذ يجب أن توضع أجندة عالمية جدية تدعم فرص اللاجئين للعمل من خلال السماح لهم بالوصول إلى سوق العمل، بما في ذلك العمل الحر، وزيادة فرصهم في الحصول على عمل أخلاقي.

لن يكون ذلك ممكناً إلا إذا دعمت المؤسسات الاقتصادية الدولية دولاً مثل تركيا ولبنان وإثيوبيا للوفاء بمسؤولياتها تجاه اللاجئين وحتى سكانها. أوغندا مثلاً كانت واحدة من أول الدول التي حصلت على دعم اقتصادي لمساعدة البلاد على الوفاء بوعدها في الترحيب بملايين اللاجئين ودمجهم اقتصادياً. وتستضيف اليوم أوغندا أكبر عدد من اللاجئين في إفريقيا وتتمتع بأحد أعلى معدلات توظيف اللاجئين في العالم، حيث تبلغ 37٪، مقارنة بالولايات المتحدة بنسبة 40٪.

وتعمل لجنة الإنقاذ الدولية على الحث لإنشاء لجنة عالمية للنساء اللاجئات والعمل، لمساعدة البلدان الأخرى على اتباع مبادرة أوغندا، والتي تشمل الجهات المانحة والحكومات المستضيفة والمنظمات الدولية والقطاعات الخاصة. ويمكن البدء بعملية اختيار مدير إدارة جديد لصندوق النقد الدولي الجديد. ثم عند اختيار رئيس صندوق النقد الدولي الجديد، يجب أن يُطلب من المرشحين أن يعلنوا علانية ما إذا كانوا يخططون لمواصلة عمل كريستين لاغارد في مجال عدم المساواة في الأجور بين الجنسين، وبالتحديد كيف سيتعاملون مع مسألة وصول اللاجئات إلى سوق العمل.

إن مواجهة الظلم المتمثل في عدم تكافؤ فرص حصول اللاجئات على العمل هو أمر ضروري في الكفاح العالمي من أجل المساواة بين الجنسين. الرهانات عالية جداً، بحيث لا يمكنها الفشل.

نشر