دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) – أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اهتمامه في شراء غرينلاند، إلّا أن الأخيرة ردّت معلنة أنها ليست معروضة للبيع. ولكن، في حال كان شراؤها خيار معروض، كم ستدفع أمريكا مقابل الحصول على أكبر جزيرة في العالم؟
في ذلك الحال، سيعتمد ثمن غرينلاند على مدى رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في شرائها، فضلاً عن سبب اهتمامها بها.
إذا كان التاريخ يوفر أي دليل، فإن الأراضي الدنماركية المستقلة قد تبلغ قيمتها مليار دولار على الأقل، إذ تظهر وثائق موجودة في الأرشيف الوطني الأمريكي أنه في عام 1946، عرضت الولايات المتحدة الأمريكية على الدنمارك 100 مليون دولار من الذهب مقابل شراء غرينلاند، ما يعادل حوالي 1.3 مليار دولار اليوم، مع أخذ التضخم في عين الاعتبار.
وقد توفر عمليات الشراء التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في الماضي لأراض أخرى، نظرة ثاقبة لما قد تكون واشنطن مستعدة لدفعه مقابل الحصول على غرينلاند، حيث قامت أمريكا في عام 1917 بشراء ما تسمى اليوم جزر فيرجن الأمريكية من الدنمارك مقابل 25 مليون دولار من الذهب، أي ما يعادل حوالي 500 مليون دولار اليوم. ثم اشترت ألاسكا من روسيا في عام 1867 مقابل 7.2 مليون دولار، ومنطقة لويزيانا الكبيرة، والتي تمتد من نهر المسيسيبي إلى جبال روكي، من فرنسا مقابل 15 مليون دولار في عام 1803.
ويقول إيوان مورغان من معهد الأمريكيتين في كلية لندن إن "الولايات المتحدة الأمريكية اشترت ألاسكا بمبلغ زهيد في عام 1867، مقابل حوالي 125 مليون دولار من أموال اليوم. ستكون غرينلاند أغلى بكثير في وقت يكثر به الطلب على المال العام".
ويشير مورغان إلى أن صفقة مثل هذه ستشمل معاهدات وإجراءات تشريعية في الدنمارك وغرينلاند والولايات المتحدة الأمريكية، ومن الممكن في الاتحاد الأوروبي أيضاً.
ويشكك مورغان في إمكانية حدوث الصفقة، قائلاً إن الأمر "ليس مثل شراء ملعب للغولف، حيث تذهب إلى محام وتقول له: هل يمكنك ترخيصه؟"، مضيفاً أنه حتى وإن حصل اتفاق مبدئي، فإن السعر سيكون مرتفعاً للغاية، أي في "المليارات، وربما حتى التريليونات"، على حد قوله.
وتعتبر غرينلاند موطناً للقاعدة الشمالية للجيش الأمريكي، قاعدة ثول الجوية، والتي تقع على بعد حوالي 1207 كيلومترات شمال الدائرة القطبية الشمالية، حيث تتميز القاعدة برادار ونظام إنذار مبكر يمكنه اكتشاف الصواريخ البالستية العابرة للقارات، ويمتد إلى آلاف الكيلومترات داخل الأراضي الروسية.
كما قد يكون نفط وغاز ومعادن غرينلاند غير المستغلة أحد العوامل الجاذبة لترامب، بينما يشتد السباق على هذه الموارد في منطقة القطب الشمالي.
ويشرح تيم بورسما، زميل غير مقيم في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، أن شراء غرينلاند لن يولد المال بسرعة، إذ أنه من حيث الطاقة والموارد المعدنية، "غرينلاند هي دولة مطورة بشكل هامشي، وتفتقد البنية التحتية الأساسية للحصول على مشاريع كبيرة على الأرض"، مضيفاً أنه من الصعب تصديق أن ترامب مهتم فعلاً بالطاقة والمعادن، إذ أن "هناك القليل من الأعمال الاستكشافية في غرينلاند، لا سيما في ظل الظروف القاسية، وكون البلاد مغطاة معظمها بالجليد والثلج".
وبينما يذوب الجليد بسرعة، سيتعين على الولايات المتحدة الأمريكية التعامل مع تكاليف إدارة العواقب، إذ أن شراء غرينلاند سيعني أيضاً تحمل تكاليفها الاجتماعية، حيث يبلغ معدل البطالة في الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 56 ألف نسمة 9٪، مع ارتفاع في نسبة البطالة بين الشباب بشكل كبير، واعتماد البلاد بشكل كبير على أموال الدنمارك للحفاظ على اقتصادها وخدماتها.
وتعتبر صناعة غرينلاند الرئيسية صيد الأسماك، في حين أن مجالات التعدين واستخراج الحجارة توظف حوالي 124 شخصاً شهرياً فقط، وفقاً لإحصائيات من عام 2015.