جدة، المملكة العربية السعودية (CNN) -- في الساعات الأولى من الـ14 من سبتمبر/أيلول الجاري، وقع هجوم على منشأتي نفط تابعتين لأرامكو السعودية، أدى إلى خسائر كبيرة في الشركة التي تجني أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية سنوياً.
وقد أثرت ضربات الطائرات دون طيار التي أشعلت سماء المقاطعة الشرقية في المملكة على أكثر من نصف الإنتاج اليومي لشركة النفط، بحوالي 10 مليون برميل يومياً، ليظهر مدى تأثر أكبر مصدّر للنفط في العالم بالهجوم، رغم أن لدى المملكة العربية السعودية معدل إنفاق دفاعي للفرد أعلى من أي آخر في العالم.
وقد شهدت بنية المملكة العربية السعودية التحتية للطاقة عدداً من الهجمات خلال الأشهر الـ5 الماضية، طالت محطات الضخ وخطوط الأنابيب والناقلات العملاقة وحقول النفط والغاز، حتى وصلت الهجمات إلى ذروتها الأسبوع الماضي مع استهداف أكبر مصنع للتجهيز وثاني أكبر حقل نفط في أرامكو. وقد تبنت جماعة الحوثي في اليمن، التي تدعمها إيران، بعض الهجمات، بينما ألقي اللوم على طهران أيضاً في بعض منها.
ولكن، لم تؤثر هذه الضربات على معنويات المملكة، إذ قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال مؤتمر صحفي في رد على ما إذا كانت تشعر المملكة بالضعف بعد ما وصفته بالحرب على أصولها من الطاقة، "أين ستجد شركة في العالم كله مرت بهذا الهجوم المدمر وخرجت مثل طائر فينيق من الرماد؟ لا يوجد، سوى أرامكو السعودية".
كما وصف أيضاً رئيس أرامكو التنفيذي، أمين ناصر، خلال مقابلة مع CNN، المشهداً أثناء جلوسه في غرفة التحكم في مصنع بقيق لتجهيز الطاقة في منتصف الليل، حيث كان يشرف على فريق الاستجابة للطوارئ الذي كان يعمل على إخماد 10 حرائق متزامنة.
وقال ناصر إن "إخماد كل هذه الحرائق مع وجود نفط وغاز في هذه المنشآت وخزّانات محترقة، في أقل من 7 ساعات.. هذه هي الشركة الأكثر موثوقية في العالم. نحن قادرون على التوصيل حتى في أسوأ الحالات".
كما قال ناصر إن إنتاج أرامكو عاد إلى حوالي 70% من إنتاجه الأصلي، وسيعود إلى مستويات ما قبل الهجوم بنهاية الشهر، لإنتاج 12 مليون برميل يومياً بطاقته الكاملة، بحلول نوفمبر/تشرين الثاني.
كما أكد أيضاً أن الهجوم لن يؤخر خطط أرامكو للاكتتاب العام الذي من المتوقع أن يكون الأكبر في العالم، مضيفاً أن هذه الشركة "لا تزال الأكثر موثوقية في العالم، وتوقيت الاكتتاب العام ومكان إدراجه هو قرار حكومي".
وبينما شعر المسؤولون التنفيذيون في أرامكو بالامتنان لاستجابة المهندسين السريعة وما وصفوه بالجهود "البطولية" التي أداها فريق الطوارئ الخاص بهم، إلّا أنهم نوهوا أيضاً على دور الدعم الدولي المهم الذي من دونه لم يمكن محاربة الهجمات ضد أكثر الأصول الثمينة في المملكة.
وقال ناصر إن ما حدث قد يؤثر على أمن الطاقة العالمي، لا سيما وأن حوالي 6% من إمدادات العالم اختفت في ليلة وضحاها، موضحاً: "إذا أصبح هذا المستوى من الإنتاج خارج السوق لفترة طويلة من الوقت، فسيكون هناك عواقب على الاقتصاد العالمي".
كما قال المتحدث باسم التحالف السعودي على اليمن، المقدم تركي المالكي، إن هذا لم يكن هجوماً على المملكة وحدها، بل على المجتمع العالمي، بينما نقلت وكالة الأنباء السعودية، عن ولي عهد المملكة، الأمير محمد بن سلمان، قوله إن هذه الحوادث هي "اختبار حقيقي للإرادة الدولية لمواجهة هذه الهجمات التخريبية التي تهدد الاستقرار والأمن العالمي".
وقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية الجمعة أنها سترسل قوات إضافية إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة رداً على الهجوم، حيث قال وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، إن القوات ستكون "دفاعية بطبيعتها وستركز في المقام الأول على الدفاع الجوي والصاروخي".
وفي حديث مع CNN، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة في البنتاغون الجنرال جوزيف دانفورد، إن القيادة المركزية الأمريكية تتشاور مع المملكة العربية السعودية للتخفيف من المخاطر المستقبلية، حيث وضع تحالفاً للأمن البحري، بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، لمراقبة مضيق هرمز بعد سلسلة من هجمات الناقلات هذا الصيف.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرح قبل عام من عدم قدرة واشنطن على الدفاع عن المملكة العربية السعودية وغيرها من حلفاء الخليج، في إشارة إلى أنهم ينبغي عليهم الاعتماد على قدراتهم الخاصة، بعد أن قلل تقدم أمريكا لتصبح المنتج الأول عالمياً للنفط، من اعتمادها على إمدادات الشرق الأوسط.
ولكن، بعد هجمات الأسبوع الماضي، عبرت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاء آخرين عن دعمهم للمملكة، بينما أعلن البنتاغون إرساله لقوات ومعدات إلى السعودية، الأمر الذي من الممكن أن يجعل أرامكو أقوى من أي وقت مضى.