ضانا، اﻷردن (CNN)-- يساور حماة البيئة وسكان محيط محمية ضانا الطبيعية في جنوب الأردن، القلق حيال قرار حكومي محتمل يقضي بتخصيص ربع مساحة المحمية لأعمال التنقيب عن النحاس.
وتخشى رائدة النعانعة، وهي من سكان محمية ضانا الطبيعية، من أن يتسبب المشروع بفقدان باب رزق تعبت في جنيه.
وتستفيد أكثر من 500 عائلة بشكل غير مباشر من العمل في مشاريع المحمية التي تُقدر عوائدها بـــ2.4 مليون دينار (3.38 مليون دولار) سنوياً، بحسب التقرير السنوي لمحمية ضانا الطبيعية عن العام 2020.
واعتبرت النعانعة، التي تصنع قطعا فضية فريدة من نوعها مستوحاة من طبيعة المحمية، أن أي مساس بأوضاع المحمية سيعرضها لفقدان عملها والدخل الشهري الذي تساعد به عائلتها.
تقول النعانعة: "المشروع سيؤثر سلبًا على طبيعتنا وعملنا، نحن المعيلون، والسائح يأتي لهدوء المنطقة ونظافتها".
يزور السائحون ضانا على مدار العام للاستمتاع بهدوء الطبيعة والإقامة في مخيم الرمانة أو بيت الضيافة أو نزل فينان البيئي، الذي يعد من أفضل 25 نزلا بيئيًا في العالم، ويرتاده نحو 700 ألف زائر، وفقا للقائمين عليه.
تحتضن ضانا الممتدة على سفوح جبال القادسية وصحراء وادي عربة، سلاسل جبلية خلابة وعدة أودية وتضاريس متعرجة وثروة نباتية وأنواع عديدة من الحيوانات والطيور.
خلال جولة ميدانية لوسائل إعلام في المحمية، نظمتها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، قال عامر الرفوع مدير الجمعية لـCNN بالعربية، إن عمليات التنقيب عن النحاس بدأت في 2018، شملت 60 كيلومترًا مربعًا بموجب مذكرة تفاهم بين الحكومة وشركة "المتكاملة للتعدين" الأردنية.
لكن الرفوع، الذي كشف عن حفر نحو 200 بئر حتى الآن، علّق على تقديرات خام النحاس المعلنة بالقول: "أنا كمدير محمية لا أعرف ما هي الكميات الموجودة ولا أعتقد وزارة الطاقة أيضًا تعلم حقيقة اﻷرقام لديها، نقول إننا نريد أرقامًا حقيقية موثقة لنتأكد أننا نسير في الطريق الصحيح نحو استثمار حقيقي يخدم أبناء البلد وأبناء المجتمع المحلي".
من جهته، أشار نقيب الجيولوجيين الأردنيين، صخر النسور، إلى تراوح كميات من النحاس بين 45 مليون طن و50 مليون طن وبكمية صافية قد تصل إلى مليون طن، وفقاً لدراسة المسح الأولية.
وفي آخر تحديث عن خطة الدولة للتنقيب عن النحاس، أظهرت أمين عام وزارة الطاقة الأردنية، أمل العزام الخرائط والصور للمناطق التي يتم التنقيب عنها، وهي على حد قولها في مناطق رملية أو صخور وخالية من الأحياء البرية.
وتقدر قيمة الاحتياطي من النحاس فيها بما يزيد عن 25 مليون طن، إضافة إلى منطقة فينان الجنوبية في وادي عربة لوجود احتياطي مثبت من النحاس يقدر بحوالي 19.8 مليون طن، وكذلك وجود المنغنيز بنسبة 35%، إضافة إلى وجود شواهد من الذهب.
جدل مستمر
يشتد الخلاف بين الحكومة والجمعية المفوضة رسميًا بإدارة المحمية حول المساحة التي سيشملها التنقيب مع اقتراب انتهاء أعمال لجنة فنية أوعز رئيس الوزراء بشر الخصاونة، بتشكيلها الشهر الماضي لتقييم هذا الملف.
واكتفى أحمد عبيدات، المتحدث باسم وزارة البيئة في تصريحه لـCNN بالعربية، بقوله إن نتائج عمل اللجنة التي اجتمعت إلى الآن 3 مرات ستعلن لاحقاً، مُؤكدا أن اللجنة تعكف على دراسة ملف ضانا بمختلف جوانبه، بما في ذلك حدود التنقيب، والجدوى الاقتصادية من استخراج النحاس ومسائل أخرى.
وتخشى الجمعية من توجه الحكومة نحو التنقيب الكامل في منطقتي خربة النحاس التي تعود إلى 4 آلاف سنة قبل الميلاد، ومنطقة فينان إذ تعتبران في قلب المحيط الحيوي لضانا المصنفة كأول موقع سياحي بيئي في البلاد، وهي مدرجة على لائحة اليونسكو العالمية.
وترفض الجمعية اقتطاع أي أراضٍ من المحمية أو تعويضها بمساحة بديلة، وسط محاولات الحكومة الترويج لقدرة المشروع على توفير ألف فرصة عمل مباشرة و2500 فرصة غير مباشرة في استثمارات قد تصل إلى 200 مليون دينار أردني (282 مليون دولار).
لكن العزام أكدت في تصريحاتها الأخيرة أن الوزارة وافقت على ما اقترحته الجمعية على الرغم من الخسارة في كميات النحاس والمنغنيز في المنطقة الجنوبية.