القاهرة، مصر (CNN)-- تباينت ردود الفعل على قرار الحكومة المصرية، إلغاء فرض رسوم وقائية على واردات البليت وحديد التسليح، إذ تتخوف شركات الدورة المتكاملة لإنتاج الحديد من تأثير إلغاء الرسوم على إغراق السوق بكميات كبيرة من الحديد المستورد مما يؤثر على مبيعات المنتج المحلي، فيما ترى شركات الدرفلة أن قرار إلغاء الرسوم جاء في وقته نتيجة تغير الأسعار لخامات الحديد والبليت عالميًا مما يؤثر على توافره بالسوق المحلي.
وأصدرت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، الأحد، قرارين وزاريين بإيقاف فرض تدابير وقائية على واردات البليت وحديد التسليح ومنتجات الألومنيوم، وبررت بأن القرارين نتيجة للارتفاع الكبير الذي يشهده الاقتصاد العالمي من ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الطاقة وكذا ارتفاع أسعار مواد ومستلزمات الإنتاج، وهو الأمر الذي يؤثر سلبًا على القطاعات الإنتاجية والتصديرية المصرية.
قال حسن المراكبي عضو غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، ورئيس إحدى شركات إنتاج الصلب في مصر، إن تأثير قرار وزارة الصناعة بإيقاف فرض رسوم وقائية على واردات الحديد والبيليت والألمنيوم يختلف حسب الشركات المنتجة للحديد والصلب في مصر، إذ يؤثر سلبًا على شركات الحديد المتكاملة ونصف المتكاملة؛ لأنهما يقوما بإنتاج البليت ويستحوذا على نسبة 80-85% من إنتاج الحديد في مصر، ولذا لم يطلبا وقف قرار رسوم الحماية، في حين أن شركات الدرفلة طالبت بإلغاء فرض هذه الرسوم حتى تستطيع استيراد البليت اللازم لإنتاجها من الخارج.
وبحسب غرفة الصناعات المعدنية، تنقسم مصانع الحديد والصلب في مصر إلى 3 أنواع وهي؛ أولًا مصانع متكاملة وهي تنتج من الخامات الاستخراجية وحتى المنتج النهائي وأبرزها عز الدخيلة، حديد عز، السويس للصلب، وتبلغ طاقتها الإنتاجية حوالي 8 ملايين طن سنويًا، وثانيًا الشركات نصف المتكاملة وتنتج المنتج النهائي من صهر الخردة أو الحديد الإسفنجي وأبرزها الدلتا للصلب والمراكبي للصلب ومجموعة حديد المصريين، ثالثًا مصانع الدرفلة والتي تقوم بشراء عروق الصلب من مصدر محلى أو مستورد ودرفلتها إلى حديد التسليح، وأبرزها مجموعة الجارحي للدرفلة، والجيوشي للصلب.
أشار المراكبي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن قرار فرض رسوم وقائية على واردات البليت وحديد التسليح، كان سيتم الانتهاء بالعمل به في أبريل المقبل، لكن وزارة التجارة والصناعة عجلت بإلغائه ربما بسبب الظروف العالمية من ارتفاع البترول والتكاليف والخامات والشحن وخلافه، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الحديد خلال الشهر الماضي، وترى الوزارة أن إلغاء الرسوم سيزيد من واردات البيليت وزيادة إنتاجية مصانع الدرفلة وزيادة المعروض من حديد التسليح وبالتالي حدوث توازن بين العرض والطلب.
وفي أكتوبر من عام 2019، أصدر عمرو نصار وزير التجارة والصناعة السابق، قرارًا بفرض تدابير وقائية نهائية متدرجة على الواردات من بعض أصناف منتجات الحديد والصلب لمدة 3 سنوات بواقع 25% على حديد التسليح و16% على البليت.
طالب حسن المراكبي، بضرورة وضع آليات لعدم حدوث عشوائية في استيراد البليت حتى لا يحدث ذلك تأثيرات سلبية عديدة سواء زيادة في المعروض، وضغط على العملة المحلية، وعدم استقرار تكلفة إنتاجية المصانع، مشيرًا إلى أن أهم تحديات صناعة الصلب في مصر هي زيادة الطاقة الإنتاجية عن الاستهلاك المحلي، إذ تصل الطاقة الإنتاجية المتاحة من حديد التسليح في مصر بحوالي 15 مليون طن، فيما يبلغ الاستهلاك الفعلي 7.5 مليون طن، مما يشير إلى وجود زيادة في الطاقات أعلى من الاستهلاك بنسبة 50%، وحال حدوث زيادة عشوائية قد تؤثر على المصانع.
وبحسب غرفة مواد البناء بالاتحاد العام للغرفة التجارية، فأن أسعار الحديد قد ارتفعت بصورة ملحوظة خلال الفترة الماضية، وتخطى طن الحديد حاجز 15 ألف جنيه تسليم المصنع، على أن يباع للمستهلك بقيمة تقترب من 16 ألف جنيه.
وتابع المراكبي: "لا نريد نقص في المعروض ولا زيادة في منتج لا يتم استهلاكه، نريد توازن بين العرض والطلب، وتحفيز المنافسة في السوق لصالح الصناعة".
وبدد محمد حنفي مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية، مخاوف حدوث إغراق في البليت المستورد في مصر، مبررًا ذلك بأن أسعار استيراد من الخارج أعلى من شرائه محليًا، كما بدد كذلك مخاوف تأثير القرار على حجم صادرات مصر من الحديد، في ظل أن سعر طن الحديد في مصر يتراوح بين 15-15.5 ألف جنيه مازال أرخص من الدول المنافسة، ويوجد فرص كبيرة للتصدير في الأسواق العالمية، مشيرًا إلى تصدير مصر 1.3 مليار دولار حديد في أول 9 شهور من عام 2021.
وبحسب بيانات المجلس التصديري لمواد البناء، سجلت مصر زيادة في تصدير الحديد والصلب بلغت 193% لتصل إلى 1.311 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر عام 2021، وتصدرت إيطاليا وإسبانيا أكبر الأسواق المستوردة من مصر بقيمة 329.6 مليون دولار، 305 مليون دولار، على التوالي خلال أول 9 شهور من العام الجاري.
أكد حنفي في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أنه لن يأثر قرار إلغاء الرسوم الوقائية على زيادة أسعار الحديدة؛ لأن الأمر مرتبط بسعر الخامات وتكاليف الشحن عالميًا، لافتًا إلى أزمة زيادة حجم إنتاج الحديد عن استهلاك السوق المحلي، ولكن هناك عجزًا في مدخلات هذه الصناعة بسبب البليت، حيث يتم استيراد كميات كبيرة منه من الخارج، ولذا فتحت الدولة فرصة لإنتاجه محليًا، بطرح رخص جديدة لإنتاجه.
وبحسب إبراهيم السجيني، مساعد الوزيرة للشؤون الاقتصادية ورئيس قطاع المعالجات التجارية، أن قرار إلغاء رسوم البليت جاء بعد فحص شكاوى من الصناعة المحلية، بشأن فرض رسوم الوقائية على هذه القطاعات، حيث تبين وجود ارتفاع كبير في أسعار مدخلات الإنتاج والسلع الوسيطة، فضلاً عن عدم توافر المنتج المحلي البديل بالقدر الكافي لتغطية احتياجات السوق المحلي، وأثر ذلك على ارتفاع تكلفة المنتجات تامة الصنع، وهو الأمر الذي يؤثر سلباً على تنافسية الصادرات المصرية من تلك المنتجات.