دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يتطلع العالم إلى قطاع التكنولوجيا الزراعية الناشئ، والتطورات في تربية الحيوانات، وعلم الوراثة، وعلم الجينوم، للمساعدة في التغلب على اثنين من أكبر تحدياته: إطعام عددًا متزايدًا من سكان العالم على نحو مستدام، ومكافحة تغير المناخ.
ومن المتوقع أن يزيد عدد سكان العالم إلى ما يقرب من 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050، وفقًا لما ذكرته شعبة السكان في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة.
وقد يُشكل التحدي العالمي للأمن الغذائي عائقًا أكبر في منطقة الخليج التي تستورد حوالي 85% من المواد الغذائية من الخارج بحسب الخبراء، في ظل تعطلّ بعض سلاسل التوريد خلال جائحة فيروس كورونا، ما يعني الحاجة إلى تبني تقنيات جديدة ومستدامة لإنتاج أنظمة غذائية جديدة.
نقص نمو الإنتاجية في ظل زيادة الثروة الحيوانية
وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يزداد الطلب على المنتجات الحيوانية على المستوى العالمي بنسبة تصل إلى 50%، بحسب ما قاله كبير موظفي تنمية الثروة الحيوانية في المكتب الإقليمي الفرعي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لدول مجلس التعاون الخليجي للدول العربية، واليمن، ماركوس تيبو، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
ويقود النمو السكاني البشري، ونمو الدخل، والتحضّر، وتغيّر النُظُم الغذائية متطلبات الإنتاج المتوقعة لتلبية الطلب.
وخلال عامي 1993 و2013، وبينما تنامت الثروة الحيوانية العالمية بنسبة 16% فقط، زادت أعداد الماشية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 25 %، ومن 77 مليون وحدة حيوانية إلى 96 مليون.
وفي هذا السياق، أكّد تيبو أنه لم يرافق ارتفاع أعداد الحيوانات، نموًا مماثلاً في الإنتاجية.
ولا تختلف تحديات تربية الحيوانات وعلم الوراثة في الشرق الأوسط عن بقية العالم، إذ تتضمن عدم إبلاغ بعض دول المنطقة بعد عن حالة مواردها الوراثية الحيوانية لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة.
وأوضح تيبو: "من المرجح أن عدد السلالات المعرضة للخطر مستخف به.. ويمكن أن يكون تآكل التنوع داخل السلالة مشكلة حتّى في السلالات التي لا يزال عددها الإجمالي كبيرًا"، لافتًا إلى أن تربية الحيوانات وعلم الوراثة تلقي بتأثيرها على الإنتاج الحيواني من "خلال اختيار الحيوانات المتفوّقة وراثيًا لتكون آباء الجيل القادم".
ولا يُعد التباين الوراثي أمرًا مهماً لزيادة الإنتاج فقط، بل لتكيّف قطعان الماشية مع تحديات مثل تغيّر المناخ، والأمراض الناشئة، والضغوط على موارد الأعلاف، والمياه أيضًا، بحسب ما ذكره تيبو، مضيفًا أنه إذا تمت إدارتها بشكل صحيح عبر التحسينات الجينية جنبًا إلى جنب مع تحسين صحة الحيوان، واستراتيجيات التغذية، فإنه يمكن لهذه الموارد أن تعزز الأمن الغذائي في المنطقة.
ودفع الاعتماد المتزايد على الأغذية المستوردة الحيوانية المصدر بلدان المنطقة إلى البحث عن خيارات مبتكرة، وبأسعار معقولة للمستقبل، بما في ذلك أفضل الممارسات والخيارات من أجل إدارة أفضل وأكثر استدامة لسلالات الماشية المتكيفة مع النظم البيئية والزراعية.
حلول وراثية تزيد من الكفاءة
وفي عالمٍ يواجه آثار تغير المناخ، وتزايد عدد السكان، فإن كسب المزيد من القليل يُعد نهجًا سيضطر الجميع إلى تبنّيه عاجلاً أم آجلاً، وفقاً لما قاله مدير المبيعات الدولية في شركة " Cogent Breeding"، لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط، إيمون موناغان، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
وتُعتبر الشركة التي توفر حلولًا وراثية تساعد على زيادة الربحية في المزارع، من بين أكبر الموردين بالمملكة المتحدة في مجال علم الوراثة البقري، وهي تقدّم منتجاتها لـ60 دولة تقريباً حول العالم، ومنها إيران، وتركيا، والعراق، وإسرائيل.
وأشار موناغان إلى أنه من أجل تحقيق تقدّم جيني مستمر بين قطعان الماشية المنتجة للألبان على سبيل المثال، من الضروري جعل العجول البديلة تتناسل فقط من الحيوانات التي تقدم أفضل أداء في النظام.
ومن أجل تحديد تلك الحيوانات، يوفّر الاختبار الجينومي، الذي يستخدم نظام "PrecisionDNA" (دقة الحمض النووي) الخاص بـ"Cognet" الأداء العام المُتوقع لكل حيوان على المستوى الجيني، حيث أكّد موناغان أن "موثوقية البيانات الجينية تبلغ نسبتها بين 65 و75%.
ويتضمن نظام دقة الحمض النووي أيضًا أرقامًا في مؤشر "EcoFeed"، والذي يسلّط الضوء على الحيوانات التي تأكل بشكل أقل، وتنتج بشكل أكبر، ما يجعلها أكثر كفاءة، وبالتالي مُربحة بشكل أكبر.
ويسمح اختبار الجينوم أيضًا بتحديد الأنماط الفردية المُكلّفة، والضارة، ما يؤدي إلى تجنّب تناسلها.
ويمكن لهذه الحلول معالجة تحدّيات مثل المنافسة المتزايدة على موارد كالأرض والمياه.
وتضغط هذه العوامل على المزارعين ليصبحوا أكثر كفاءة، ويمكنهم القيام بذلك خلال استخدام الحيوانات المتفوقة وراثيًا، والتقنيات الجديدة، بحسب ما ذكره موناغان، مؤكدًا أن التقدّم في مجال تربية الحيوانات، وعلم الوراثة، والجينوم سهّل الطريق لوجود صناعة أكثر كفاءة.