الغزو الروسي لأوكرانيا ينذر بتفاقم ارتفاع الأسعار بالأردن.. تجار يطالبون بـ"خلية أزمة" وسط تطمينات حكومية

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة
تقرير هديل غبون
الأردن: دعوة لتشكيل خلية أزمة لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية
Credit: GettyImages

عمّان، الأردن (CNN)-- لا يربط اقتصاديون أردنيون بين الارتفاع اللافت لأسعار حزمة من السلع الغذائية في البلاد، بالحرب الروسية على أوكرانيا بشكل مباشر، إلا أنّهم لا يخفون بالمقابل هواجسهم حيال تسجيل ارتفاعات إضافية، مع احتمالات طول أمد الحرب.

وطرأت ارتفاعات غير مسبوقة منذ أشهر، على أسعار سلع أساسية غذائية من أبرزها الزيوت النباتية والأرز والسكر والقهوة والحليب البودرة والدجاج المجمد والعدس والبرغل والفاصوليا والمعكرونة والأسماك واللحوم.

وأرجع القطاع التجاري في البلاد "بداية" الارتفاعات إلى أوقات سابقة منذ شهر أغسطس/ آب 2020، لاعتبارات تتعلق بتراجع كميات محاصيل عدة مزروعات، في مقدمتها المحاصيل المنتجة للزيوت النباتية في روسيا وأوكرانيا بوصفهما مصدرا لأكثر من 60% من صادرات الزيوت، وتحديدا زيت دوار الشمس إلى العالم.

وقال نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، في تصريحات لـCNN بالعربية، إن هذا التراجع في الإنتاج انسحب أيضا على بلدان رئيسية أخرى مصدّرة للزيوت، منها ماليزيا وإندونيسيا التي تصدّر زيت النخيل، والجفاف الذي ضرب الولايات المتحدة وأثّر على إنتاج زيت الذرة، ما انعكس أيضا على أسعار الاعلاف، مشيرا كذلك إلى رفع روسيا الضرائب على تصدير القمح.

وأضاف توفيق أن ارتفاع أسعار السلع ارتبط بارتفاع أسعار الشحن عالميا، وتابع بالقول إن "الشحن من الصين على سبيل المثال، ارتفع بما يعادل 7 أضعاف، ومن أوروبا وأمريكا ما يعادل 3 إلى 4 أضعاف، وهذا انعكس على أسعار السلع الغذائية في الأردن الذي يستورد ما نسبته 85% من غذائه، وبما تقدّر كميته بـنحو 4 ملايين طن سنويا".

ونفى توفيق الذي يترأس أيضا غرفة تجارة عمّان، ارتباط ارتفاع الأسعار بـ"احتكار" بعض التجار للسلع الغذائية، قائلا إن الشحنات السابقة التي وردت للمملكة خضعت لتسعيرة شحن مرتفعة بالأصل، مشيرا إلى ركود تشهده بعض السلع بسبب ضعف القوة الشرائية نتيجة تأثيرات جائحة كورونا.

وأكد أن الخلل الحاصل عالميا بسلاسل التزويد، يؤدي إلى تأخر وصول الشحنات، مضيفا: "لتجّار الأردن بدائل ويمكن لهم تعويض أي نقص من أي سلعة".

وعن الحاجة لإعلان خطة طوارئ، قال إن التجار طالبوا بتشكيل "خلية إدارة أزمة" لاستباق الاحداث في ظل الحرب المتصاعدة مع ارتفاع أسعار النفط أيضا والحديد ومواد التعبئة والتغليف، وارتفاع التكلفة على البضاعة المحلية والمستوردة، داعيا إلى ضرورة إلى تخفيض الضرائب والجمارك وتسهيل إجراءات التخليص على البضائع.

ووصلت نسب الارتفاعات محليا على أسعار بعض الزيوت النباتية إلى 15%، وفقا لجمعية حماية المستهلك الأردنية، وكذلك سُجلت نسب ارتفاع تتراوح بين 10% و20% على أسعار بعض أنواع العلف للماشية.

وفي دارسة لجمعية حماية المستهلك أعدتها بداية العام الحالي 2022، أظهرت ارتفاع أسعار ما يقارب 47 سلعة غذائية بنسبة بلغت 17.8% عن الفترة ذاتها من عام 2021، مؤكدة تسجيل أيضا ارتفاعات متتالية لبعض المواد، منها بيض المائدة الذي ارتفع بنسبة تقدّر بـ10%، والسكر بنسبة 25% والأرز بنسبة 13.3%.

ورسميا، بثّت الحكومة الأردنية عدة رسائل طمأنة آخرها ما صدر عن رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، بشأن مخزون القمح الذي يكفي لنحو 15 شهرا، بحسب تصريحه، وتأكيداته تشديد مراقبة الأسعار، وقال في تغريدة له: "لن نسمح بالعبث بقوت المواطن".

من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الصناعة والتجارة ينال البرماوي، في تصريحات لـCNN، إن للأردن مخزون كاف من السلع الاساسية والتموينية وما يخص القمح تحديدا، وهو مخزون أعلى بكثير من "الحدود الآمنة"، مشيرا إلى أن سياسة التحوّط المتبعة منذ عام 2008 لدى الوزارة، تعمل بشكل مستمر على تعزيز هذا المخزون عبر طرح مناقصات في الأسواق العالمية.

وأضاف البرماوي أن الحكومة زادت القدرة التخزينية للقمح والشعير بإنشاء الصوامع الأفقية، موضحا أن مخزون الشعير يكفي لمدة 10 أشهر. وأكد أن هناك تنسيقا مع القطاعين الصناعي والتجاري للمحافظة على المخزون الغذائي من مختلف السلع، حيث يعتمد الأردن على عدة دول منشأ للاستيراد.

وتابع بالقول: "الأردن يتابع ما يجري في الأسواق العالمية وتبعات الأزمة الروسية الأوكرانية، هناك عمل مستمر للتنسيق مع القطاع الخاص وسلاسل التزويد لضمان تدفق السلع للسوق المحلي؛ لدينا خيارات عدة في التواصل مع القطاعات الإنتاجية للمحافظة على المخزون الغذائي، وبالرغم من أن بعض الدول وضعت قيودا على صادراتها هناك دول استمرت في عملية التصدير".

ونوّه البرماوي، إلى أن الوزارة اتخذت قرارا بمنع تصدير وإعادة تصدير المواد الغذائية الأساسية مثل الزيوت النباتية والسكر والأرز والبقوليات والحليب، عدا عن تحديد سقوف سعرية لضبط أسعارها مع تكثيف الرقابة على الأسواق.