تحليل: لماذا يعد شراء إيلون ماسك لموقع تويتر أمرًا مهمًا لهذه الدرجة؟

اقتصاد
نشر
10 دقائق قراءة

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- استحوذ إيلون ماسك على تويتر في صفقة بقيمة 44 مليار دولار، وبناءً على بعض ردود الفعل يمكن لذلك أن يعيد تشكيل الإنترنت الذي نعرفه.

قد يبدو تويتر عاديًا إلى حد ما على الورق. قاعدة مستخدمي الشركة وقيمتها السوقية أقل من عُشر حجم شركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك. كان إجمالي إيراداتها العام الماضي مساوياً تقريباً لإيرادات ويسترن يونيون. وقبل هذا الشهر، كان سهم تويتر أقل من سعر الإغلاق في اليوم الأول لتداوله منذ أكثر من ثماني سنوات.

لكن محاولة ماسك لإضفاء الخصوصية على تويتر ألهمت مدخلات غير مرغوب فيها من المشرعين الأمريكيين، وبدأ تفشي التكهنات حول تأثير ذلك على الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024.

فلماذا تبدو المخاطر كبيرة جدًا؟ تتلخص الإجابة في التأثير الضخم لتويتر على الخطاب العام، وعدم اليقين بشأن ما يحدث عندما يكتسب أغنى رجل في العالم سيطرة فردية على هذا التأثير.

رغم أن تويتر قد أعلن عن 217 مليون مستخدم نشط يوميًا العام الماضي، وهو بعيد كل البعد عن المليارات التي أبلغت عنها شركة ميتا المنافسة، إلا أن مستخدميه يشملون سياسيين ذوي نفوذ كبير، قادة أعمال، فنانين، نشطاء، ومثقفين، وهي شخصيات عامة ذات متابعين كثيرين والذين بدورهم يشكلون الجمهور. وفقًا لمركز بيو للأبحاث يقول أكثر من ثلثي مستخدمي تويتر في الولايات المتحدة بأن هذه المنصة مصدر أخبار مهم -إن لم يكن الأهم-. ويبدو أن قوة وضع أجندة تويتر هي بالضبط ما يثير اهتمام ماسك، وما يجعل سيطرته على المنصة تبدو مزعجة.

تأتي صفقة ماسك لشراء تويتر عند نقطة التقاء العديد من المناقشات المجتمعية المستمرة، بما في ذلك حول قوة وتأثير المليارديرات، تأثير المعلومات الخاطئة والمضللة، المسؤوليات التي تدين بها المنصات التقنية لمستخدميها ومجتمعها، واللوائح الجديدة التي يجب أن تدعمها.

عندما أصبح ماسك مالكًا لموقع تويتر، قام فجأة باختصار العديد من هذه الخيوط إلى واحدة، تمامًا كما يبدو أن المشرعين في جميع أنحاء العالم على استعداد لاتخاذ بعض القرارات الكبيرة جدًا حول كيفية عمل وسائل التواصل الاجتماعي.

قال آدم كونور، الموظف السابق في فيسبوك ونائب الرئيس لسياسة التكنولوجيا في مركز التقدم الأمريكي: "إن شراءه لموقع تويتر لجعله خاصًا يجعل خدمة أساسية أقل شفافية وأكثر عرضة للمساءلة. يعتبر استحواذ ماسك على تويتر ضوءا أحمرا وامضا حول سبب خطورة تمركز مساحاتنا على الإنترنت في أيدي قلة مختارة من المليارديرات."

لم يستجب ماسك لطلبات التعليق على هذه القصة.

ماسك يسيطر على ساحة العالم الرقمية

قام ماسك، الملياردير غريب الأطوار الذي يمتلك تاريخًا حافلًا بالجدل على موقع تويتر وخارجه، بالترويج شخصيًا لعملية الاستحواذ في خطاب متصاعد. لقد جادل بذكاء مميز أن محاولته لامتلاك تويتر، "مهمة للغاية لمستقبل الحضارة" لأن العالم يحتاج إلى ساحة رقمية "شاملة" تلتزم بمبادئ حرية التعبير.

إن نقد ماسك الرئيسي لتويتر اليوم هو أنه مقيد للغاية. اقترح ماسك، تحت ملكيته، أن يتعامل تويتر مع المحتوى بشكل أكثر تساهلاً، ويبتعد عن عمليات إزالة المحتوى وحظر الحسابات. وقد اقترح أيضًا فتح خوارزمية تويتر للمراجعة العامة حتى يتمكن المستخدمون، من الناحية النظرية فهم كيفية اتخاذ القرارات.

ليس واضحًا تمامًا ما يعنيه ذلك لمحتوى تويتر اليومي، فقد تجنب ماسك الخوض في التفاصيل، ويبدو أن اعتراضه على نهج تويتر متجذر في مقدار الإشراف على المحتوى الذي يحتاجه تويتر، وليس ما إذا كان يجب ألا يكون هناك إشراف عليه على الإطلاق. لكن صياغته للصفقة، وبعض ردود الفعل من الخارج، حوّلت الاقتراح إلى نوع من الاستفتاء على مستقبل الخطاب عبر الإنترنت.

أحد أكبر الأسئلة الأساسية في هذه الفئة، والتي عبر عنها مراقبو الصناعة والشخصيات السياسية وموظفو تويتر، هو ما إذا كانت الشركة ستعيد امتيازات حساب ترامب. وبحسب ما ورد قال ترامب إنه لن يعود إلى تويتر حتى إذا سُمح له بالعودة إلى المنصة. لكن التخفيف من بعض السياسات التي أدت إلى حظره يمكن أن يؤثر على الكثير أكثر من مجرد ترامب. احتفلت العديد من الشخصيات التي كانت لديها حسابات محظورة من تويتر بالصفقة يوم الاثنين، حيث أعربت بعض الشخصيات مثل النائب مارغوري تايلور جرين عن تفاؤلها بإمكانية استعادة وصولهم لحساباتهم بالكامل قريبًا.

قال أنجيلو كاروسوني، رئيس "ميديا ماتيرز"، وهي مجموعة رقابية دعت تويتر إلى الحفاظ على قواعد منصتها الحالية: "هذه الصفقة المحتملة تتعلق بما هو أكثر بكثير من مجرد مستقبل تويتر. البيع إلى إيلون ماسك دون أي شروط سيلوث النظام البيئي للمعلومات بأكمله من خلال فتح بوابة من الكراهية والأكاذيب."

يأتي كل هذا في اللحظة ذاتها التي اقترح فيها الجميع، من الرئيس السابق باراك أوباما إلى مشرعي الاتحاد الأوروبي، جعل منصات وسائل التواصل الاجتماعي تتبع معيارًا أكثر صرامة بشأن إدارة المحتوى، وليس نهج عدم التدخل الذي يفضله ماسك.

بالنسبة لمنصة بأهمية تويتر، يمكن أن يكون لخفض معدل إدارة المحتوى عواقب وخيمة على الطريقة التي يتعامل بها المستخدمون الأفراد مع الموقع -وخاصة المستخدمين الأكثر ضعفًا، بما في ذلك النساء ومجتمع LGBTQ والأشخاص الملونين- وعلى الحوارات الوطنية والدولية التي تثار على المنصة وتؤثر في النهاية على الأحداث العالمية.

إمبراطورية ماسك المتنامية

هناك أيضًا تأثير محتمل للصفقة على التأثير الشخصي لماسك، لا سيما فيما يتعلق باثنتين من شركتيه الأخريين، تسلا وسبيس أكس.

بافتراض إتمام الصفقة، سيشرف ماسك على شركة السيارات الأمريكية الأكثر قيمة، شركة فضاء خاصة رائدة، شركة متخصصة بتشييد الأنفاق قدرت قيمتها مؤخرًا بأكثر من 5 مليارات دولار، شركة ناشئة لتطوير شرائح تزرع بالدماغ وشبكة اجتماعية تضم مئات الملايين من المستخدمين.

لن يتمكن ماسك فقط من استخدام سلطته على تويتر لضمان أن تمنحه المنصة أقصى مساحة للتغريد كما يراه مناسبًا، ولكن الاستحواذ يمنحه نفوذاً سياسياً حديثاً حيث لا يمكن إلا للملياردير الحصول عليه، مما قد يفيد بعض أعماله الأخرى.

موقف ماسك من الاعتدال في المحتوى جعله محبوبًا بالفعل لدى المحافظين بما في ذلك حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس إضافة إلى العديد من الجمهوريين في مجلس النواب، الذين ضغطوا على مجلس إدارة تويتر لقبول الصفقة من خلال الإشارة إلى أن الرفض قد يُعتبر خيانة لمصالح المساهمين. قال العديد من الحكام الجمهوريين أيضًا إن على ماسك التفكير في نقل مقر تويتر إلى ولاياتهم.

بالإضافة إلى اكتساب المصداقية مع بعض السياسيين، اقترح البعض، بما في ذلك أحد أبرز منافسي ماسك، أن الرئيس التنفيذي لشركة تسلا سيحصل أيضًا على ورقة مساومة قيّمة في تويتر.

تحدث جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون ورئيسها التنفيذي على تويتر قائلا: "هل اكتسبت الحكومة الصينية بعض النفوذ على الساحة الرقمية؟" أضاف بيزوس، الذي تتنافس شركته بلو أوريجين للسياحة الفضائية والصاروخية مع شركة سبيس أكس، أنه بينما يعتقد أن احتمالية قدرة تويتر على فرض رقابة مباشرة على المنصة في الصين منخفضة، فإن ملكية ماسك لموقع تويتر قد تعني بالتأكيد المزيد من "التعقيد" بالنسبة لشركة تسلا داخل الصين، والتي أصبحت الآن أحد أكبر أسواق شركة السيارات.

حتى لو رفض تويتر الخاص بماسك طلبات الرقابة من الأنظمة الاستبدادية، فقد يقدم تنازلات أخرى. كما أشار براد ستون من بلومبرغ، فإن تويتر لديه سياسة تتمثل في تصنيف المؤسسات الإعلامية التي تديرها الدولة والحسابات الحكومية، وعدم الترويج لها في التوصيات. كتب ستون: "الحكومة الصينية تكره بالتأكيد هذه القيود."

تخيل الآن أن منطق المعاملات ينطبق على أي موقف تتعارض فيه مصالح ماسك مع الآخرين، وهو ما يحدث غالبًا. تنازع ماسك مع الصحفيين والمشرعين وحتى لجنة الأوراق المالية والبورصات.

هل سيذهب ماسك إلى حد استخدام ملكيته لتويتر كأداة للخدمات وتصفية الحسابات؟ قدم ماسك يوم الإثنين تلميحًا على عكس ذلك عندما قال إنه يأمل "أن يظل أسوأ منتقدي على تويتر، لأن هذا هو ما تعنيه حرية التعبير."

بالطبع، لا يشكل أي من ذلك وعدًا لمنتقديه ومن المعروف أن ماسك غيّر مساره فجأة من قبل.