دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أحدثت التكنولوجيا المالية، المعروفة باسم "فين تيك"، ثورة في طريقة عمل شركات الخدمات المالية، كما أنها شهدت نموًا سريعًا خلال جائحة "كوفيد-19" بظل اندفاع المستهلكين نحو الحلول الرقميّة.
ومنذ بداية جائحة "كوفيد-19"، شهدت شركات التكنولوجيا الماليّة نموًا متزايدًا، بحسب ما ذكره الموقع الرسمي لمنتدى الاقتصاد العالمي.
وفي عام 2020، شهدت تلك الشركات نموًا بلغ معدله 13% مقارنةً بـ 11% في الأعوام السابقة.
وبين عامي 2019، و2020، ارتفعت قيم المعاملات لمنصات التكنولوجيا الماليّة التي تتعامل مع البيع بالتجزئة بنسبة 47%، حيث أنها بلغت 357.77 مليار دولار في عام 2019، و526.21 مليار دولار في عام 2020، بحسب تقرير نشره الموقع الرسمي لمنتدى الاقتصاد العالمي (WEF) بعنوان "The Global Covid-19 Fintech Market Impact and Industry Resilience Report".
ونُشر التقرير، الذي أُجري بالتعاون مع مركز كامبريدج للتمويل البديل (CCAF) في كلية كامبريدج، في عام 2022.
وظلّت المدفوعات الرقمية وشركات الإقراض الرقمي في الصدارة من حيث قيمة المعاملات في عام 2020.
"التكنولوجيا المالية تُغيّر العالم كما نعرفه"
وتتمثل الفكرة الأساسية للتكنولوجيا المالية بقدرتها على جعل تكاليف أداء المهام المختلفة أرخص بكثير، وتوسيع نطاقها لتصل إلى مليارات المستخدمين بسهولة.
ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة نيويورك أبوظبي، رشا كاراباندا، أن "التكنولوجيا المالية تغير العالم كما نعرفه"، وفقًا لما قاله في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
وفي منطقة الشرق الأوسط، تُعد دول مجلس التعاون الخليجي رائدة في هذا المجال، إذ تتمتّع "بأعلى نسب استخدام للهواتف المحمولة في المنطقة، والتي تقترب من 100%".
وقال كاراباندا، الذي يُلقي محاضرات جامعيّة عن مواضيع تشمل التكنولوجيا المالية، إن الحياة الرقمية التي يعيشها الأشخاص "تتطلّب أيضًا وسائل دفع رقمية، ومؤسسات مالية رقمية، وشهادات رقميّة للأصالة".
ورغم أن البنوك التقليديّة لا تزال لاعبًا أساسيًا في القطاع، إلا أن العوالم الرقمية الجديدة تتطلب خدمات لم تكن موجودة سابقًا، ويواجه اللاعبون التقليديون مشكلة في تلبية الخدمات.
وتُعتبر تجزئة القواعد التنظيمية بمثابة التحدّي الأكبر الذي يقف عائقًا أمام تطوّر القطاع.
وأوضح كاراباندا ذلك خلال مقارنة دول مجلس التعاون الخليجي مع أوروبا، إذ قال: "داخل الاتحاد الأوروبي، ومن خلال ترخيص مصرفي واحد، أو ترخيص نقدي إلكتروني، يمكن للمرء التعامل مع سكان يزيد عددهم عن 500 مليون نسمة. وتتطلّب تجزئة القواعد التنظيمية في دول مجلس التعاون الخليجي الحصول على ترخيص مصرفي في كل دولة".
دور جائحة "كوفيد-19"
وتحظى شركات التكنولوجيا المالية ببيئة داعمة للازدهار في دول الخليج، إذ أوضح الرئيس التنفيذي لشركة "SLA Digital"، كيفين دراين، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية أن "الحكومات ستحاول دعم التكنولوجيا المالية على المستوى الإقليمي عبر توفير أُطُر إقليميّة متجانسة، وتطبيق المعايير الدولية. كما أنها ستقدّم المساعدة على المستوى المحلي من خلال مساعدة الشركات الناشئة المحلية".
وتتخصص "SLA Digital"، ومقرها في أيرلندا، وماليزيا، في المدفوعات عبر الهاتف المحمول. وعملت الشركة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي بالفعل، ودول أخرى في الشرق الأوسط، ومن أبرز عملائها مجموعة "زين"، والعديد من مشغلي الهواتف المحمولة في المنطقة، بما في ذلك "STC"، و"اتصالات".
وأشار دراين إلى دور جائحة فيروس كورونا في ترسيخ دور الخدمات التي تقدمها شركات التكنولوجيا المالية في الحياة اليومية، موضحًا أن "التكنولوجيا المالية شهدت نموًا سريعًا خلال الجائحة، فدفعت عمليات الإغلاق المستهلكين إلى البحث عن منصّات يمكن الاعتماد عليها للتجارة، والتفاعل".
وستُشكّل العملات والمدفوعات الرقمية مجالين كبيرين للنمو في قطاع التكنولوجيا المالية خلال الأعوام المقبلة، بحسب ما ذكره دراين، مع تعزيز اللوائح، والابتكار من هذا النمو أيضًا.
التكنولوجيا المالية الإسلامية
وتُعتبر التكنولوجيا المالية الإسلامية شريحة سريعة النمو من التكنولوجيا المالية بين دول منظمة التعاون الإسلامي (OIC)، وتقودها دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، من ناحية حجم المعاملات، وإنشاء النُظُم البيئية.
وتُقدّم مختلف الشركات البريطانية، ومنها "Kestrl"، حلولًا تكنولوجية مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط.
وتسمح أدوات الشركة للمستخدمين في "تحقيق أهدافهم، وتطبيق التعلّم الآلي على بياناتهم المصرفية لبناء ميزانيات شهرية، والتوفير التلقائي، والاقتراحات الاستثمارية المخصّصة"، بحسب ما قاله مؤسس الشركة، ورئيسها التنفيذي، أريب صديقي، في مقابلة مع موقع CNN بالعربية.
ويعتبر صديقي أن التكنولوجيا المالية تتمتع بفرصة كبيرة في دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة بظل رواج استخدام الهواتف الذكية، ما يخلق فرصة كبيرة للبنوك، وشركات التكنولوجيا المالية التي ترغب في تطبيق سمات مثل التعرّف على الوجه، والمحافظ المحمولة.