أين هي الجنة الآمنة للفنانين السوريين الذين هربوا من بلادهم؟

منوعات
نشر
4 دقائق قراءة
أين هي الجنة الآمنة للفنانين السوريين الذين هربوا من بلادهم؟
Credit: KARIM SAHIB/AFP/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لفترة ثلاثة عقود تقريباً، رسم الفنان السوري الشهير صفوان داحول لوحات فنية فيها الكثير من التأمل بعنوان "الحلم." وغالباً، ما تضمنت لوحاته الحزينة امرأة وحيدة، رسمت بظلال من الألوان الرمادية، أو تلك الهادئة.

وقد اكتسبت أعمال داحول، أهمية بارزة من قبل وزارة الثقافة السورية والمتحف الوطني في العاصمة السورية دمشق، ولكن، يعيش داحول حالياً في دبي، إذ انضم إلى أكثر من مليوني مواطن، فروا من بلادهم إلى الخارج، هرباً من الأزمة السورية الوحشية.

وترك داحول بعدما غادر إلى الإمارات العربية المتحدة في العام 2012، ورائه غالبية ممتلكاته، بما فيها العديد من لوحات "الحلم" في منزله في دمشق.

وقال الرسام السوري، الذي يبلغ من العمر 53 عاماً: "لقد غادرت بحقيبة صغيرة فقط، إذ اعتبرت أني سأعود لسوريا بعد وقت قصير."

أما جامع القطع الفنية هشام سماوي وابن عمه خالد، وهما يديران معرض "غاليري أيام" في دبي، فقد قدما المساعدة لداحول وأعماله الفنية للخروج من سوريا .

وكان القريبان سماوي قد افتتحا المعرض في دمشق في العام 2006، ولكن أجبرهما الصراع على نقل المقرات إلى دبي قبل حوالي ثلاث سنوات.

وبين العامين 2011 و 2013، فقد ساعد القريبان سماوي وفريق العمل التابع لهما، أكثر من عشرة فنانين سوريين على الاستقرار في الخارج، فضلاً عن تزويدهم بتأشيرات وبطاقات سفر، ونقل حوالي 3 آلاف عمل فني إلى دبي.

وأوضح هشام: "في اللحظة التي بدأت فيها الأزمة في سوريا، شعرنا بحاجة إلى الإلتزام بخطة، في ظل احتمال تطور الصراع إلى حالة أسوأ، وعدم توفر الوقت لقيامنا بذلك في وقت لاحق."

وساعد القريبان سماوي أيضاً الفنان تمام عزام الذي يبلغ من العمر 33 عاما على الهروب إلى دبي في أيلول/سبتمبر العام 2011. أما عمله الفني "غرافيتي الحرية" فاستند فيه إلى لوحة "القبلة" للنمساوي غوستاف كليمت، لاصقاً إياها على ما تبقّى من بناء دمّرته الحرب والذي انتشر العام الماضي، بعدما شاركها معرض "ساتشي" في العاصمة البريطانية لندن على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك."

ورغم أن عملية نقل الفنانين وأعمالهم الفنية إلى ملاذات آمنة في بيروت ودبي والقاهرة تعتبر مكلفة، إلا أن هشام سماوي اعتبر أن الأمر يستحق ذلك.

وأضاف: "نشعر وكأننا عائلة في أيام"، "لذلك لم نتخذ الخيار بقطع علاقتنا والمضي قدماً."

ولكن، لا يرتبط الأمر فقط بمحاولة إنقاذ الكنوز الفنية والثقافية في سوريا، بل يرتبط أيضا بالأموال، وخصوصاً في حالة تصنيف فن الشرق الأوسط من بين الأعمال التجارية الكبيرة، فضلاً عن اعتبار دبي مركزا محورياً، إذ تستضيف أكبر معرض للفن الحديث في المنطقة.

وفي اليوم الأول من معرض "آرت دبي" الشهر الماضي، باع معرض "غاليري أيام" لوحة من مجموعة لوحات "حلم" لداحول بقيمة 150 ألف دولار.

وقال جامع القطع الفنية ومدير صالة "كوادرو آرت غاليري" للفنون الجميلة في دبي بشار الشروغي: "أكثر وأكثر، نرى أن الناس يتعاملون مع الفنانين الذين ينتجون العمل في مناطق النزاع،" مضيفاً أن "هذا يحصل لأن لديهم رسالة، ويعكسون ما يحصل في المنطقة. وأساساً، هؤلاء يحملون مرآة المجتمع و يقولون: هذا ما يحدث حولي. هل ترون ما أرى؟"

ورغم أن داحول وعزام يعيشان في ملاذ آمن في دبي، إلا أنهما يعانيان يعانون من التأثيرات النفسية لسفك الدماء والدمار في سوريا.

وتلمح لوحات داحول بعنوان "الحلم" إلى الفظائع في الوطن: امرأة تحدق في صفوف من الأجساد، وجسم يتقلص في مربع صغير.

أما عزام والتي تركز أعماله الفنية على الدمار في سوريا، فيقول: "أنا شخص مختلف تماما الآن في حياتي وأعمالي الفنية.. فقد تغير كل شيء."