فاس, المغرب (CNN) -- تعتبر فاس أقدم مدينة في المغرب وكأنها نافذة مشرعة على التاريخ في أوجه كثيرة، فضلاً عن آلالاف الحرفيين الذين كرسوا حياتهم بهدف استمرارية وازدهار الحرف التقليدية.
وفيما يلي، أهم وأبرز الملامح في مدينة فاس:
- مدينة في قلب مدينة:
ويذكر أن المدينة المسورة أو ما تعرف بفاس البالي تعتبر الجزء الأقدم تاريخياً في مدينة فاس. ويقطن في فاس البالي التي بنيت في القرن التاسع، مائة ألف شخص، وهي تمتاز بالأزقة الملتوية والأسواق الضيقة، حيث ما زالت وسيلة النقل التقليدية على ظهر الحمير والبغال رائجة.
وتتضمن البلدة القديمة 11 ألف مبنى تاريخي، بما في ذلك مسجد باب الجيسة، وجامعة القرويين، وهي أقدم جامعة أنشئت في تاريخ العالم.
وقال المهندس المعماري العراقي علاء سعدي، والذي قام بتجديد منزل تقليدي يعود إلى القرن الخامس عشر في فاس، إن "المدينة تعتبر بمثابة مزيج من تفاصيل متنوعة تنتمي إلى فترات مختلفة تاريخياً،" موضحاً أن "أعمال الجص القديمة جداً في هذا المكان، يمكن رؤيتها أيضاَ في حضارة مصر وبابل."
- العمل الحرفي اليدوي:
ورغم أن فاس البالي أدرجت على قائمة "اليونيسكو" لمواقع التراث العالمي، إلا أن أبنية المدينة تتداعى على مر القرون، في ظل وجود حوالي 4 آلاف مبنى معرض للدمار. وفي جهود لمكافحة الأضرار، تستثمر الحكومة المغربية نحو 40 مليون دولار في مشاريع وأعمال الترميم.
وقال سعدي إن "المدينة بمثابة متحف كبير،" مشيراً إلى أن "فاس البالي تحتاج إلى مجموعة من الأشخاص يضعوا على عاتقهم مسؤولية الحفاظ على معالمها المعمارية."
وتجدر الإشارة، إلى أن عملية إعادة إحياة المباني وترميمها ليس أمراً بسيطاً، إذ يتطلب استدعاء الحرفيين التقليديين من أجل تقييم حالة المبنى وضمان تجديده بالشكل الصحيح.
وفي هذا السياق، أوضح المدير العام لوكالة "أدير- فاس" الحكومية فؤاد السرغيني، والتي عملت على تأهيل المدينة القديمة، أن سقف مسجد باب الجيسة الذي تم إصلاحه باستخدام مادة الإسمنت في فترة الستينيات، تطلب إعادة ترميمه باستخدام خشب الأرز الأصلي، أي المواد ذاتها التي استخدمت في الماضي.
- دباغة الجلود:
وتعتبر دباغة الجلود بالأسلوب التقليدي من بين أبرز الملامح التي طبعت تاريخ مدينة فاس، بما في ذلك مدبغة "شوارة". ويستخدم الدباغين الطرق التقليدية التي كانت تستخدم منذ آلاف السنين، علماً أن الإحصاء الأخير حول عدد الحرفيين التقليديين في مدينة فاس، بلغ 40 ألفاً.
وأوضح مصمم الأزياء التقليدية والذي يستخدم الجلود في تصاميمه إبراهيم مهيب، أن "الحرفيين هم من يحافظون على وجود المدينة، ولولاهم كانت فاس اندثرت منذ وقت طويل."
وتأكيداً على أهمية الصناعة التقليدية، فخر مدينة فاس، وفي محاولة لإنقاذ الحرف التقليدية من الزوال، تم افتتاح مركز فاس للحرف التقليدية قبل خمس سنوات خارج أسوار المدينة، لتعليم 25 حرفة مختلفة.
وأشار مدير التسويق في المركز عزيز القواهبي، إلى أن "من الصعب إيجاد متدربين لديهم القدرة والرغبة في اختيار الحرف التقليدية، بسبب صعوبة تعلمها."
ورأى عزيز أن المركز لا يهدف من خلال تدريب الحرفيين إلى الحفاظ على المهن التقليدية فقط، بل أيضاً تأسيس صناعة تقليدية رائجة على الساحة الدولية.