(CNN) -- يعود تاريخ فن الوشم إلى فترة ما قبل ثمانية آلاف سنة عندما رُسم شارب على الشفة العليا لشاب في البيرو. وتعتبر هذه الحالة بمثابة أقدم مثال لفن الوشم على وجه الأرض.
ويرى مدير متحف الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب جديد حول فن الجسد البروفيسور نيكولاس توماس، أن فن الوشم يعود تدريجياً وبقوة.
ويقول توماس إن "هناك تغير تاريخي استثنائي في السنوات الـ 25 الماضية،" موضحاً أن "في فترة الستينيات، لم يعتبر فن الوشم رائجاً، ولكن بدأت شعبيته تسطع بقوة، ما يجعلنا ندرك الكثير عن هويتنا الثقافية والفردية."
ومن أبرز العوامل المتشابكة التي تؤثر على شعبية فن الوشم:
- تغيير المفهوم الشعبي للجسد:
ويقول توماس إن "تقدم التكنولوجيا وعلوم الطب، يجعل الناس تفكر أن الجسد يعتبر بمثابة شيئ قابل للتغيير والتعديل،" مضيفاً أن "الكثير من الأشخاص باتوا يخضعون للعمليات الجراحية والتجميلية بهدف تغيير نوع الجنس أيضاً، إذ يعتقد هؤلاء أن مسؤولية الجسد تقع على عاتقهم لتشكيله وتصميمه."
- ختم دائم للهوية:
ونتيجة للحراك العالمي الذي يؤدي إلى المزيد من تعددية المجتمع، أصبحت الهوية بمثابة أمر يتم تصميمه وليس موروثاً. ويوضح توماس أنّ "الجنسية لم تعد تعبر عن هوية الإنسان،" مشيراً إلى أن "الهوية ذات خصوصية أكبر وترتبط بالانتماء إلى تقاليد ثقافية أو روحانية، والذوق في الموسيقى، فضلاً عن الولاء لثقافات فرعية،" ومؤكداً أن "فن الوشم بات يعبر عن ذلك النوع الخاص من الهوية."
وبدأ فن الوشم يحظى بشعبية متنامية في المشهد الثقافي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية خلال فترة الستينيات والسبيعينيات. وارتبط فن الوشم خلال القرن العشرين بالمجرمين، والبحارة، وعناصر الجيش الذين انفصلوا عن المجتمع ومن ثم أرادوا توثيق تجاربهم على أجسادهم.
وعمد الأشخاص في كاليفورنيا إلى قلب ذلك المفهوم رأساً على عقب من خلال اختراع تصاميم لفن الوشم، بدلاً من كونه علامة لوسم فئات مجتمعية.
وفي الآونة الأخيرة، أصبح عشاق فن الوشم بالحبر يعيدون إحياء الرسوم القبلية والتقليدية القديمة بمثابة مصدر إلهام، مثل تصاميم السيلتيك القديمة، أو تلك التي تعود جذورها إلى جزر المحيط الهادئ.
ورغم أن فن الوشم في الماضي لم يرمز إلى تحديد الهوية الفردية، إلا أنه كان جزء مهم من مشروع ثقافي يشكل علامات اجتماعية معينة، مثل الشروع في سن شعائر لقبيلة معينة.
ويشير توماس إلى أن "الرجال في قبيلة ساموا لديهم وشوم على أفخادهم، والأرداف، وأسفل الصدر، إذ يتطلب الإنضمام إلى سلطة الشيوخ هذه المحنة المؤلمة."
- العلاقة بين فن الوشم والفردية
ويرمز فن الوشم في الوقت الحاضر إلى حالات فردية، إذ يظهر لحظات مهمة في حياة الأشخاص، وعلاقتهم بالمكان والزمان.
وكان الممثل الأمريكي جوني ديب قد قال في إحدى المرات إن "جسدي هو صحيفتي، وأوشمي هي قصتي."
وتظهر بعض الأبحاث أن فن الوشم يزيد من نشاط الحياة الجنسية لدى الأشخاص، فضلاً عن انخراطهم في سلوكيات خطيرة. ولكن، الأهم أن فن الوشم يؤدي إلى احترام أقوى بالذات والثقة بالجسد، فيما ينخفض هذا الشعور بشكل حاد لدى النساء بعد ثلاثة أسابيع من خضوعهن لفن الوشم.