وادي عربة، الأردن (CNN)- في قلب الصحراء الأردنية، وعلى بعد حوالي 220 كيلومتراً من جنوب العاصمة عمّان، يستقبلك أهالي قرية "بئر مذكور"، الواقعة على طريق "وادي عربة"، بحفاوة البدو الأصيلة، رغم ما تعانيه القرية من سوء الخدمات.
القرية التي يقطنها ما لا يزيد عن 1500 نسمة، تضم بين جنباتها مشروعاً سياحياً يحمل اسمها، وهو "نزل بير مذكور"، تحيطه جبال وادي عربة والبيئة الصحراوية المتنوعة، ويعتبر مشهد غروب الشمس بالقرب منه، ميزة فارقة لمتعة الإقامة فيه في أجواء بدوية مبهجة.
ويتطلب الوصول إلى النزل، الذي وضعته وزارة السياحة والآثار الأردنية منذ أشهر ضمن أحد المسارات السياحية الجديدة لجنوب الأردن في برنامج "أردن أحلى"، ركوب عربات "بيك أب"، يقلك بها سكان المنطقة لمسافة نحو 7 كيلومترات داخل الصحراء، مقابل نحو عشرين دولارا للحمولة، في رحلة تشاهد خلالها الخيام البدوية، والجمال منتشرة على جانبي الطريق.
المشروع، الذي كان مجرد قرية لاستيعاب سكان المنطقة، ضمن مشروع توطين للبدو، أطلقه الملك الراحل الحسين بن طلال، منتصف السبعينات، تحول اليوم إلى نزل سياحي، بعد أن خضع لترميم من وزارة السياحة، والصندوق الهاشمي لتنمية البادية، بحسب مدير الصندوق رائد التبيني، لكنه ما يزال بحاجة إلى مزيد من التطوير.
يقول التبيني، في تصريحات لوسائل الإعلام خلال جولة شاركت بها CNN بالعربية إلى النزل، إن الموقع يتطلب تأمينه بنحو ألف زائر سنوياً، لتغطية تكاليف التشغيل، في موسمي الربيع والخريف فقط، مشيراً إلى أن ذلك قد يؤمن أيضاً نحو 20 وظيفة ثابتة للسكان المحليين.
ويحاول القائمون على الموقع تأمين مركز استقبال للزوار، وإنشاء شبكة إنارة تعمل بالطاقة الشمسية، إضافة إلى إنشاء مراكز حرفية مصغرة لأهالي المنطقة.
رغم ذلك، يقدم النزل الذي يضم نحو 20 وحدة سكنية بمرافقها لزائريه اليوم، أكلات بدوية أردنية، في مقدمتها "الرشوف"، المطبوخ من اللبن والقمح المدقوق والعدس بالسمن البلدي، و"الفريك"، وحلوى "اللزاقيات"، المصنوعة من الطحين المخلوط بالحليب والسمن البلدي مع العسل والدبس.
وتشرف على طبخ الأكلات سيدات القرية المجاورة للنزل، فيما يشرف على الضيافة رجال القرية دون أن تغيب القهوة العربية بالهيل، المحضرة على الحطب، عن سهرة السمر التي تحييها فرقة الريشة للفنون الشعبية.
وتمتعك الفرقة التراثية بأهازيج السامر، وهو غناء بدوي، يحكي قصص البادية، ورقصة "الدحية."
ويمكن للزائر في الموقع الخروج في جولة ليلية لاستكشاف الأودية المحيطة، والوصول إلى مواقع أثرية مجاورة في أجواء صحراوية مهيبة، كـ"مخفر بئر مذكور"، الذي يعود إلى عهد الانتداب البريطاني للمنطقة، والقيام بمغامرة الإنزال الجبلي، وموقع البئر الذي اكتشفه من سميت باسمه القرية.
ويتطلع سكان القرية إلى مزيد من الاهتمام بالنزل، في الوقت الذي تضم القرية المجاورة له مدرستين فقط للذكور والإناث، ومركز صحي ونحو 5 محال تجارية، بحسب أبو ريوف، الذي تحدث لـCNN بالعربية، خلال رحلة العودة إلى عمان.
ويشير أبو ريوف إلى أن القرية بحاجة إلى مزيد من الاهتمام الرسمي، حيث تضطر نساء القرية إلى السفر إلى مدينة العقبة، وقطع مسافة 120 كيلومتر، لإجراء عمليات الولادة، قائلاً إن "كثير من النساء يلدن في سيارات الإسعاف، قبل الوصول إلى مستشفى الأمير هاشم."
ووجه بعض السكان دعوات إلى السلطات المحلية، إلى فتح البوابة الغربية لمدينة "البتراء" الأثرية، لتكون إحدى الوجهات السياحية الرئيسية لزوار المدينة.
ويمر الزائرون بمسارات عدة قبل الوصول إلى بئر مذكور، من بينها "مسار النبي موسى"، عبر محافظة مادبا (30 كم جنوب عمان)، مروراً بـ"جبل نيبو"، و"متحف الحكايا التراثي"، الذي يضم ورشة لإنجاز أكبر لوحة فسيفسائية في العالم، تحمل عنوان "الطريق الملوكي"، والبحر الميت.