الدرّاجة أحد حلول المواصلات التي تزداد شعبيتها في دمشق اليوم : "بسكليت عالطريق ولا نطرة بالزحمة"

منوعات
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير محمد الأزن
الدرّاجة أحد حلول المواصلات التي تزداد شعبيتها في دمشق اليوم : "بسكليت عالطريق  ولا نطرة بالزحمة"
تصوير: courtesy let’s use bicycles initiative

دمشق، سوريا  (CNN) -- "يللا عالبسكليت"؛ دعوة تجاوزت فضاء العالم الافتراضي بدمشق، لتجد أثراً متزايداً على أرض الواقع، في نشر ثقافة استخدام الدرّاجة كوسيلة للتنقل بشوارع العاصمة السوريّة، وليس للرياضة فقط، وسط المعاناة اليوميّة من الازدحام على نقاط التفتيش، وأزمات البنزين المتلاحقة، وغلاء سعره، وتكدّس وسائل المواصلات العامًة بشكلٍ غير مسبوق.

هذه الدعوة، نجحت بالتحول إلى مبادرة، تم إشهارها رسمياً من جانب القائمين عليها: "معن الهمة، دانيا السعيدي، مايا الحمصي، سارة الزين، د. جهاد يعقوب، والمهندسين حمّاد الغفير، وسامر شّعار."، ودعمتها محافظة دمشق، وإدارة هندسة المرور بالعاصمة، برسم أولّ مسارٍ للدراجات بطول 7 كلم، على امتداد شارعين رئيسين، من "اتوستراد المزة"، إلى "شارع بيروت" ، ذهاباً وإياباً، ويجري العمل حالياً على مضاعفة طول هذا المسار، الذي تم تدشينه مؤخراً بمسيرٍ على الدرّاجات نظمته المبادرة بعنوان "بسكليت عالطريق ولا نطرة بالزحمة"، نجح باستقطاب حوالي الـ 800 شخص، سيدّات، ورجال، من شرائح عمرية مختلفة، قادوا درّاجاتهم بلباس العمل العادي، غالبيتهم ارتدوا الملابس الرسمية، وخاضوا التجربة لأوّل مرّة في يوم العطلة.

معن الهمّة، مؤسس مبادرة "يللا عالبسكليت"، قال في تصريحٍ لـ CNN بالعربية، إنّ ما حققوه في هذا المسير، خطوة مهمّة توجت جهوداً كبيرة بذلوها خلال الأشهر الماضية، لنشر ثقافة استخدام الدرّاجات كوسيلةٍ يومية للتنقل في دمشق، وهو ما اعتبره بمثابة "رسالة سلام، فغالباً ما يكون سائق الدرّاجة هادئاً، بعكس حالة التوتر، والانفعالية التي تطغى على سلوك سائقي السيّارات."

كيف بدأت الفكرة، لتتحول لاحقاً إلى مبادرة؟ يروي معن القصّة الكاملة لـ CNN بالعربية قائلاً: "كنت اتنقل بواسطة السيارة، وعانيت في تأمين البنزين، بسبب غلائه، وصعوبة توفيره، بالإضافة إلى ضغط الوقت، حيث لم نعد قادرين على ضمان وصولنا إلى عملنا، أو مواعيدنا بالوقت المحدد، فقررت تجريب الدرّاجة، استعرت دراجّة ابني لأيّام، شعرت بالتعب في البداية، لكن الحال كان أفضل بالنسبة لي من استخدام سيارتي، أو وسائل المواصلات العامّة، لكن ما أخرني عن اقتناء درّاجتي الخاصّة، أنّ الدرّاجات مُنِعتْ لفترة، بسبب استخدامها للقيام بتفجيرات، وأحداث أمنية، عدت للسياّرة، ولكن مع عودة أزمة البنزين أواخر الـ 2013، قررت شراء الدّراجة، لأنّها باتت ضرورة ملحّة، وبدأت بتشجيع أصدقائي على استخدامها."

لكنّ مخاوف معن من مصادرة درّاجته لم تطل كثيراً، فأواخر شهر نيسان /إبريل الفائت، فتحت محافظة دمشق باب الترخيص للدرّاجات رسمياً، رخصّ دراجته، وانتقل إلى خطوةٍ أخرى، وهي تأسيس صفحة "يللا عالبسكليت" على موقع "فيسبوك"، التي تجاوز عدد متابعيها مؤخراً الـ 20000، ويوضح لـ CNN بالعربية: "أردت من خلال الصفحة نقل تجربتي للآخرين، وتشجيعهم على تعميم هذه التجربة، عبر الصور، والفيديوهات، وأذهلني التجاوب السريع مع ما قمت به، فقررت مع عددٍ من الأصدقاء، تحويلها لمبادرة."

هؤلاء الأصدقاء، شكلّوا معاً فريق قيادة من سبع أشخاص، وبدأوا بتنظيم أنشطة  انطلاقاً من العالم الافتراضي، سرعانَ ما كانت تجد أصداءها على الأرض، ونجحوا في إنشاء خارطة لنقاط تواجد مصلحي الدراجّات في دمشق، وأماكن بيعها، ثم أعدوّا دليلاً مرفقاً بفيديوهات تتضمن إرشادات عن الأمان والسلامة أثناء قيادة الدرّاجة.

وبعد مسيرين بالدرّاجات، نجحوا في تنظيمهما، في شوارع دمشق، أحدهما كان بعنوان "يللا صبايا عالبسكليت" لكسر حاجز  ركوب الفتاة للدرّاجة، لمس أصحاب المبادرة تجاوب الناس معهم، وتجاوزا مخاوفهم الأمنية، لينتقلوا إلى مرحلة الإشهار، عبر ترخيص مبادرتهم رسمياً  من الـ"مركز الأعمال والمؤسسات السوري"، وأصبح لديهم "رؤية واضحة، وأهداف مستقبلية" يسعون لتحقيقها خلال المرحلة المقبلة، ولمسوا نتائجها الأوليّة، في مسير "بسكليت عالطريق ولا نطرة بالزحمة." الذي تحدثنا عنه سابقاً. 

ماذا بعد؟ يجيب معن الهمة على سؤال CNN بالعربية: "إلى جانب رسالتنا الأساسية بنشر ثقافة استخدام الدراجة كوسيلة تنقل يومية لدى السوريين، نعمل مع أحد البنوك المحليّة لتوفير قرض شراء درّاجة للطلاب، كما نبحث مع الاتحاد السوري لشركات التأمين؛ إنشاء (بوليصة) تأمين للدرّاجات، وسائقيها ضد مخاطر السرقة، والقيادة، ونسعى مستقبلياً لتنظيم أنشطة مسير أخرى بالدراجّات، لأغراضٍ توعوية، وخيرية، قد يكون أقربها للتنفيذ مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، لوقف العنف  ضد النوع الاجتماعي."

وبقي أن نشير إلى أنّ سعر الدرّاجة في أسواق دمشق اليوم، بحدود الـ 100 دولار.