المترجمة والعاشقة التي تمكنت من تعلم لغتين حيويتين للهنود الحمر..

منوعات
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير أفراح ملاعلي
المترجمة والعاشقة التي تمكنت من تعلم لغتين حيويتين للهنود الحمر..
الميدان الرئيسي في مدينة المكسيك والكاتدرائية تظهر في خلفية الصورةCredit: Three Lions/Getty Images

هذا المقال بقلم الدكتورة افراح ملاعلي، وهو لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

الحركة الترجمية لعبت دورا مهما على مدى التاريخ الانساني، سواء كانت لنقل العلوم والمعارف او للدخول في حضارة والاستيطان فيها. الحركة الترجمية كانت الموتور الاساسي والفعال في الاحتلال الاسباني لإمبراطورية الازتيك في الخليج المكسيكي. ويعود الفضل الى امرأة لعبت دورا اساسيا في الترجمات بالرغم من ان نقل المعلومة من لغة الى لغة اخرى كانت تعد وظيفة رجولية وكان من النادر خوض امرأة لهذا المجال. من هي؟ كيف تمكنت من تعلم لغتين حيويتين للهنود الحمر؟ وكيف أصبحت اسما مهما في التاريخ المكسيكي وايقونة للحضارة المكسيكية الجديدة؟ ولمن كانت تترجم؟

تحديدا في مارس 1519 كان الكونكيستدور او الغازي هيرنان كورتيس Hernan cortes   يخطي أول خطواته لفتح المكسيك. بعد ان شن معركته على المايا في غزوة ثينتلا Centla ، قدم له الهنود الحمر المايا الكثير من الهدايا من الذهب، الطعام، البطانيات وعشرين امرأة. لم يكن بحسبان هيرنان كورتيس ان واحدة من الشابات ستكون مشاركة له في حملاته وغزواته. دونيا مارينا.

في الحقيقة دونيا مارينا هو الاسم الذي اطلقه الاسبان عليها واسمها الحقيقي هو مالينجي او مالينالي. تاريخ ولادتها غير محدد، ولكن أغلب المؤرخين يرجحون انها ولدت في 1500 في قلب الامبراطورية الازتيكية، من عائلة نبيلة فوالدها كان الحاكم لمدينة بيانالا pianala  ولكن موت والدها زعزع مستقبلها كليا. فقد تزوجت بعده من رجل آخر وأنجبت ولدا ليكون الوريث الوحيد لهم. بعد ذلك تقرر والدتها عمل خطة مع زوجها مستغلة موت احدى فتيات المنطقة، وباعوها في ليلة مظلمة لمجموعة من التجار. بيعت في سوق من اسواق المايا للعبيد وتم بيعها اكثر من مرة حتى وصلت الى بوتوجان  Potochan  والذي بدوره اهداها الى هيرنان كورتيس.

يطلب هيرنان كورتيس تعميدها ليس لتدينه وانما للسير تحت القانون الاسباني آن ذاك، والذي ينص على ان العاشقات لابد ان يكونوا غير متزوجات ومن الديانة المسيحية فقط. وفي اليوم الثاني تلقب دونيا مارينا.

اغيلار Aguilar المترجم الرسمي لهيرنان كورتيس كان يعرف لغة المايا ولكنه يجهل لغة الناهواتيل. ولكن دونيا مارينا كانت بالاصل تتحدث هذه اللغة فهي لغتها الام وتليها لغة المايا. فأصبحت الحركة الترجمية بهذا الشكل: كورتيس لاغيلار واغيلار لدونيا مارينا وهي بدورها للهنود الحمر. فتغير وضع مالينالي او دونيا مارينا الاجتماعي كليا فأصبحت من مجرد جارية الى مترجمة للكونكيستدور هيرنان كورتيس. فوعدها هيرنان كورتيس بالحرية وتزويجها بعد انتهاء الحملة. ولكنه سرعان ما جعل منها عشيقة مقربة تعرف ادنى اسراره وتقوم بالترجمات وبحكم معرفتها بعمق حضارة المايا والازتيك كانت تقوم بعمليات صلح ودبلوماسية فريدة من نوعها. أصبحت مالينالي او دونيا مارينا كظل لهيرنان كورتيس حتى اصبح يلقبها الهنود الحمر بمالينالي تابعة كورتيس. تنجب مالينالي او دونيا مارينا ابنا من هيرنان كورتيس ، مارتين، على شرف والد كورتيس الذي يحمل نفس الاسم.

تزور كورتيس زوجته فيقرر التخلص من مالينالي بتزويجها من كونكيستادور اخر يدعى خوان خاراميجو juan Jaramillo  و بهذا يكون حرر مالينالي و زوجها كما وعدها. فيزوج  هيرنان كورتيس خوان خاراميجو من مالينالي وهو ثمل، لانه الامر لم يقتصر على الزواج من هندية حمراء بل عشيقة كورتيس و ام عزباء.

تنجب من زوجها ابنة، ماريا. و تعيش معه في مدينة ميكسيكو فيصعب معرفة اخبارها منذ الانتقال الى المدينة. تموت دونيا مارينا شابه و يجتمع أغلب المؤرخين على انها مرضت بالجدري. ماتت امرأة جعلت من علوم اللغة سلاحا ليصبح الاحتلال أقل دموية وأسرع. كانت المفتاح الذي فتح المكسيك.

يقول جاكز مونولد: ان اللغة هي من صنعت الانسان اكثر من يصنعها الانسان نفسه.