هذا المقال كتبته سامية عايش، صحفية وناشطة إعلامية، وما ورد فيه يعبر عن رأي الكاتبة، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر الشبكة.
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أعلنت يوتيوب مؤخرا عن إطلاق قناة متخصصة في بث الأفلام العربية الكلاسيكية، وبالتحديد الأفلام المصرية التي اشتهرت في القرن الماضي، وذلك عبر تجميعها في مكان واحد وجعلها متاحة أمام المشاهد العربي والمهتم بهذه السينما.
المبادرة تبدو مبشرة للمشاهد العربي الذي قد لا يرغب بالتسمر أمام قنوات مثل روتانا سينما على سبيل المثال تحت رحمة الإعلانات التجارية، منتظرا نهايتها حتى يتمكن من متابعة فيلمه المفضل، فعرض هذه الأفلام على يوتيوب يتم من خلال عرض إعلانين أو ثلاثة وسط الفيلم بشكل لا يؤثر على متابعته، ولا يؤدي إلى ضجر مشاهده من استغلاله لتحقيق أهداف المعلنين والموزعين.
المبادرة أعجبتني أيضا من ناحية خلقها لمرجع سينمائي واحد على الإنترنت، يسمح لأي شخص بتصفحه والتعرف إلى محتواه. فحتى اللحظة، لا يوجد لدينا كعرب موقع يوازي في محتواه وأهميته خدمة Netflix مثلا، أو موقع IMDB.com، الذي يقدم معلومات واسعة ومفصلة حول كل فيلم أو مسلسل أو فنان عمل في الإنتاج على مدار التاريخ في شتى بقاع الأرض.
وجود مثل هذه الخدمة يفتح المجال أمام الباحثين والمهتمين بقطاع السينما العربية إلى تتبع محتوى هذه القناة، بدلا من الغوص في منتديات لا يعرف لها أصلا من فصل، ويضيع الشخص منا فيها بحيث لا نخرج في النهاية بما نرغب. إذا هذه القناة خلقت أرشيفا مهما لم يعد بالضرورة في يد مالكي قنوات تلفزيونية يتحكمون بالمشاهدين الراغبين بالاستمتاع بفيلم ليوسف شاهين، أو عادل إمام، أو عاطف الطيب.
التحدي الوحيد الذي تفرضه مثل هذه المبادرات هو ما يواجهه صناع السينما المستقلة، وخصوصا الشباب منهم. فممثلون نجوم كأحمد حلمي، أو عادل إمام، أو يسرا لن يشعروا بالقلق إزاء خطوة يمكن من خلالها استئجار أفلامهم أو شراؤها عبر يوتيوب، لعلمهم أن لديهم انتشارا واسعا في العالم العربي.
ولكن، ماذا سيفعل صانع الفيلم الشاب، الذي بدأ للتو بتنفيذ مشروعه في فيلم سينمائي مستقل، يتطلب إنتاجا وتسويقا وعوائد مادية ضخمة. عرض أفلامه بالمجان أمام الناس على يوتيوب لن يكون بالحل الأمثل بالنسبة له. السينما العربية ومشاهدوها من العرب لم يبلغوا بعد مستوى هوليوود، ولا أتحدث من الناحية الجمالية والفكرية، بل من الناحية المادية.
فمن منا، سوى شريحة بسيطة من الغارقين في حب السينما، سيرغب يوما في استئجار فيلم مستقل لمخرج غير معروف، تشارك فيه وجوه لم نعهدها في السينما من قبل؟ النسبة ستكون قليلة جدا.
وجود هذا النوع من المبادرات برأيي ضروري، ولكن في الوضع الحالي، وفيما تعاني السينما العربية من أيام لا تحسد عليها بسبب ضعف الإنتاج، والتوترات السياسية التي تشهدها المنطقة، والتي لا تعتبر أجواء مناسبة لأي نوع من الإنتاج، يجب أن تبقى على مستوى أرشيفي، أي أنها توفر الأفلام القديمة التي حازت من الإعجاب والتصفيق والعائدات المالية ما يكفي، لإفساح المجال إنتاجيا وتسويقيا أمام طاقات شابة قادرة على تقديم سينما جديدة غير السينما السائدة والتي لا تعبر عنا بشيء.