الجزائر (CNN)-- قد يكون سلوكاً حضارياً من إنسان أكاديمي حينما يتقدم باعتذاره من طالبة جامعية بعد أن وبخها في وقت سابق على قصر تنورتها وطردها من الإمتحان، ولكن أن يأتي الاعتذار من وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الطاهر حجار، رغم علمه وحنكته في التسيير بعد أن كان عميد جامعة الجزائر، فهذا ما أثار ضجة كبيرة على شبكات التواصل الإجتماعي في الجزائر.
فبعد أسابيع قليلة من الجدل الذي حدث وما أثارتها صاحبة "التنورة القصيرة" التي لقيت تعاطف البعض واستهجان آخرين، فإن الوزير الذي كان عميدا في وقت سابق قبل ترقيته، هو من طرد الطالبة وهو من وقف إلى جانب عون الأمن الذي منعها من دخول الحرم الجامعي بلباس قصير، أطل الأحد، عبر إحدى القنوات الجزائرية الخاصة يقدم اعتذاره للطالبة ويقول: "أغتنم الفرصة لأوجه عبركم اعتذاراتي للطالبة إذا كانت قد شعرت بخدش لحريتها الشخصية."
وأوضح العميد السابق لجامعة الجزائر قائلا :"ما جرى للطالبة ليس مرده سياسة الجامعة ولم يكن قراراً إدارياً"، وهي العبارة التي لم يفهم مغزاها من حديث الوزير، حسب ما جاء من رد قوي عبر الطلبة خاصة في مواقع التواصل الإجتماعي، رغم أن ذات الشخص، الوزير، كما قالوا، كان قد وصف في وقت سابق أن قرار طرد الطالبة بالسليم والمطابق للقانون الداخلي للجامعة، معتبرا الفتاة التي ارتدت تنورة قصيرة "لم تحترم الجامعة".
وأكد حجار وقتها، قبل أن يرقى إلى وزير، أن القانون الداخلي للجامعة الجزائرية يجبر الطلبة على احترام الحرم الجامعي من خلال الهندام المحتشم، وأضاف أن اللباس القصير يتعارض مع الآداب العامة وأخلاق الجامعة. وأصدرت وزارة التعليم العالي قبل أسبوعين، تعليمة علقت على أبواب كل الكليات والجامعات تذكر فيها أن "التبان والتنورات القصيرة ممنوعة على الطالبات، والسراويل القصيرة "بونتاكور" ممنوعة على الطلبة"
وقد خلقت مثل هذه القرارات زوبعة كبيرة في الوسط الطلابي خاصة من النشطاء العلمانيون من خلال شنهم لحملة شرسة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، تضامنا مع الطالبة التي منعت من دخول قاعة الامتحان، لأن تنورتها كانت فوق الركبتين، ودعوا الطاهر حجار إلى ما أسموه بـ "رفع التضييق عن حرية النساء في الملبس داخل المؤسسات التعليمية"، ونشر مئات الناشطين في صفحة فيس بوك عنونوها بالفرنسية "كرامتي ليست في طول تنورتي."
الغاضبون من تصرف الطالبة التي حاولت دخول الحرم الجامعي بتنورة قصيرة، راحوا يردون بحملة مضادة على صاحبة فكرة ألبوم الصور "سيقان غاضبة"، وهي مخرجة تنشط في فرنسا تدعو "صوفيا جيما"، التي قالت وقتها أن ما حدث "دليل على تراجع حقوق المرأة في البلد ونتيجة مشكلات اجتماعية أكبر من ذلك"، حسبها.والغرض من الحملة كان نشر صور نساء بتنورات طويلة وملابس مستورة.
بل الجدل لم يتوقف عند هذا الحد وإنما شرع بعض رواد موقع "فيسبوك" في نشر بعض الصور، مثل ذلك الذي ظهر جالسا في بيته وهو يحمل لافتة "كن رجلا ولا تترك نساءك يخرجن بلباس فاضح"، وصورة أخرى خلقت ضجة واسعة لذلك الجمركي الذي صور ذراعه مكتوبا عليها "كن رجلا ولا تترك نسائك يخرجن بلباس فاضح"، معرفا بمهنته من خلال وضع قبعته أمام يده وشارة الجمارك في كفه.
هذا وعبرت سامية ن، في حديثها لموقع "CNN" بالعربية، وهي طالبة في كلية الحقوق سنة ثالثة، عن سخطها من تشجيع مبادرات تهدف إلى تشجيع الفتيات الجزائريات على التبرج والتعري، وهو الأمر الذي يتنافى مع تقاليد المجتمع الجزائري المحافظ.
في حين استغرب "جمال أ" –طالب في السنة الثانية حقوق- ل"CNN" بالعربية، للطريقة التي يطرد فيها طالب لأنه يرتدي سروال قصير ولم يقدم له أي اعتذار في حين أن طالبة بساقين عاريتين يقدم لها الوزير اعتذاره، وهنا قال :"أنا كطالب جزائري أطالب بحقي أيضا لأنني شعرت بخدش واعتداء على حريتي الشخصية، فهل ينصفني الوزير مثلما فعل مع الطالبة؟"
أما عن التنظيمات الطلابية فقد أجمعت على ضرورة تطبيق القانون في حق "صوفيا جيما" ومعاقبتها وفقا للمادة 342 من قانون العقوبات الجزائري والذي ينص على ما يلي :"كل من اعتاد تحريض قصر لم يكملوا التاسعة عشرة ذكورا أو إناثا على الفسق أو فساد الأخلاق أو تشجيعهم عليه أو تسهيله لهم وكل من إرتكب ذلك بصفة عرضية بالنسبة لقصر لم يكملوا 16 سنة يعاقب بالحبس من 5 سنوات إلى 10 سنوات وبغرامة مالية تتراوح ما بين 500 إلى 25 ألف دينار جزائري".