رأي.. إن ظن مسؤولو "فيفا" أن السينما ستنقذ صورتهم فهم مخطئون

منوعات
نشر
4 دقائق قراءة
رأي.. إن ظن مسؤولو "فيفا" أن السينما ستنقذ صورتهم فهم مخطئون
Credit: VALERY HACHE/AFP/Getty Images/file

هذا المقال كتبته سامية عايش، صحفية وناشطة إعلامية، وما ورد فيه يعبر عن رأي الكاتبة، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر الشبكة.

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --  من الواضح أن جميع محاولات الاتحاد الدولي لكرة القدم لتلميع صورته بعد فضائح الفساد الأخيرة باءت بالفشل، ولن تنجح المحاولات المستقبلية أبدا على ما يبدو في رأب الصدع الذي تسبب به تاريخ طويل من صفقات الاحتيال والسرقة وغسيل الأموال.

هذه المحاولات لم تكن فقط محاولات إعلامية أو تسويقية، بل أيضا سينمائية، فخلال العام الماضي، تم إطلاق فيلم United Passions الذي يقدم سيرة حياة الفيفا، من بدايتها وحتى عام 2010، ليكشف عن جوانب عدة، ربما بات الكثير منا يعرفها بسبب الأخبار الأخيرة المتلاحقة حول الفساد في المؤسسة الدولية.

يبدأ الفيلم بصورة تعبيرية عن مجموعة من الصغار الذين يريدون الاجتماع سويا للعب كرة القدم، فيتشكل فريقان مكونان من صبية متفاوتين في الأعمار، منهم الأبيض، والأسود، واللاتيني، والأوروبي، والآسيوي، إضافة إلى وجود فتاة واحدة.

تتلاحق الأحداث سريعا، لدرجة يصبح فيها التركيز مع شخصيات الفيلم أمرا صعبا، نظرا لمرور السنوات سريعا، كأن نكون في عام 1904، ونجد أنفسنا فجأة في عام 1924، ولتشابه الشخصيات شكلا ومضمونا، كما أن التركيز في معظم أجزاء الفيلم كان على الحقائق المرتبطة بتكوّن هذه المؤسسة، فبدا التمثيل جافا، بعيدا عن التقديم الإنساني، ليظهر الممثلون وكأنهم رجال آليون يتحدثون حول كرة القدم.

شخصيا، كنت أسمع كثيرا أن كرة القدم هي لعبة الشعوب، فالجميع يحب اللعب بها، أو مشاهدتها، أو تشجيع فريق مفضل، وما شابه، ولكن الفيلم جاء ليرسخ فكرة أن هذه المؤسسة لم تقم إلا لترضي غرور مجموعة من الأغنياء، أو ميسوري الحال، الذين لم تعد لديهم أي اهتمامات أخرى في حياتهم، سوى تشكيل مجموعة دولية تضم جميع الفرق العالمية، ونرى ذلك واضحا في ملابسهم، وطريقة حديثهم، والأماكن التي يجتمعون فيها. 

الهم الرئيسي في الفيلم، كما هو الهم على ما يبدو بالنسبة لمؤسسة الفيفا في الواقع، هو البحث عن مصادر التمويل، لسد احتياجات اللعبة، وأهم من ذلك: ملء جيوب الفاسدين. 

وحرص الفيلم على تقديم شخصية سيب بلاتر على أنه المنقذ، فقد أنقذ المؤسسة عبر البحث عن شركات راعية مثل كوكا كولا وأديداس، وعبر التحدث إلى وسائل الإعلام وإنقاذ الموقف.

جملة واحدة تفوه بها جواو هافيلانج، الرئيس الأسبق للفيفا، حين قال في الفيلم: "مؤسسة كهذه لا يمكن أن تبنى على حسن النوايا فقط، هناك أركان أساسية أخرى (في إشارة للأموال)." هذه الجملة لخصت الهدف الرئيسي للمؤسسة الحالية في عهد الفساد، وبالتالي لم يكن الفيلم ليأتي بصورة مغايرة عن الواقع، بل قدم المؤسسة كما هي فعلا، فلا أدري لم قام الفيفا بتمويل جزء من هذا الفيلم لتلميع صورته. فإن كانت هذه هي الصورة التي يرغبون بتقديمها عن المؤسسة، فأعتقد أن أموالهم ذهب هباء.

الفيلم ينتهي بالإعلان عن استضافة جنوب أفريقيا نهائيات كأس العالم 2010، وسط فرحة الأفارقة بهذا الشرف. برأيي لو بدأ الفيلم بتلك المرحلة، وانتهى في الوقت الذي نعيش فيه اليوم، لكان التشويق أكثر، ولكنا سنشهد فيلما دراميا يحمل إثارة لا مثيل لها.

إن قررت الذهاب لمشاهدة الفيلم لن تغير فكرتك عن الفيفا، بل ستبقى هي ذاتها، وإن اعتقدت أنك ذاهب لمشاهدة فيلم سينمائي رائع، فوفر ما في الجيب، يأتيك ما "هو أفضل منه سينمائيا" في الغيب.