دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تضم قائمة العروض التلفزيونية الرمضانية هذا العام؛ نسختين سوريّتين من "العراب" مقتبستين عن رواية ماريو بوزو الشهيرة، التي قدمّها المخرج فرنسيس كوبولا في ثلاثية سينمائية في مطلع سبعينيات القرن الماضي، واعتبرت من أيقونات السينما العالميّة.
النسخة الأولى أعلن عنها المخرج المثنى صبح عبر CNN بالعربية في أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، سيناريو حازم سليمان، وإنتاج شركة "سما الفن"، بينما بدأ الحديث في أواخر العام 2014؛ عن نسخةٍ ثانية تحت عنوانٍ مبدئي "سفينة نوح"، اقتبس رافي وهبي أحداثها من الرواية ذاتها، تنتجها شركة "كلاكيت"، ويخرجها حاتم علي.
في البداية؛ أشعل تقديم مقاربةٍ عربية لـ "العرّاب" ليس بعملٍ واحد، وإنمّا عملين سوريين للموسم ذاته، حملة انتقادات من جانب المتعصبين لأيقونة كوبولا السينمائية، والتساؤل عن مدى جدوى ذلك؟، و"كأن الواقع العربي أو السوري يفتقر للأفكار التي يمكن تقديمها بأعمالٍ درامية جديدة"، وهذا ما اعتبره البعض "مؤشراً على إفلاس الدراما السوريّة".
لكن، الأمر تحول لاحقاً للحديث عن منافسةٍ كبيرة بين الشركتين المنتجتين حول استقطاب النجوم للعملين؛ انشغلت بها الصحافة العربية مطولاً، وصورتها كـ"حرب" تتعدى حدود المنافسة التقليدية، تغذّت على أخبار انسحابات ثلاثة نجوم سوريين كان من المقرر أن يؤدوا أدواراً رئيسيةً في "عرّاب- سما الفن"، هم: قصي خولي، عابد فهد، وباسم ياخور، والأخير لم يكتفِ بالانسحاب، بل انضم لـ "عرّاب- كلاكيت"، رغم توقيعه عقد العمل مع الشركة الأولى، ما أدخله بمواجهةٍ قضائية معها، بينما كان وراء انسحاب خولي وفهد، عقدي احتكار وقعّاهما مع شركتين منتجتين لبنانيتين يلزمان كلاً منهما بالظهور في عملٍ واحد خلال رمضان هذا العام.
لكنّ "سما الفن" واصلت رهانها، وبعد اختيارها لـ سلوم حدّاد بدور "العراب: مختار المختار"؛ لعبت ورقةً تلامس حدود المغامرة، بإسنادها دور أكبر أبنائه (ورد) لـ"فارس الغناء العربي" عاصي الحلاني الذي يخوض هذا العام أوّل تجاربه التلفزيونية، ممثلاً أمام كاميرا المخرج المثنى صبح، بموازة تلقيّه دروساً بالأداء على يد الممثل المعروف حسن عويتي، ودّعمت الشركة المنتجة قائمة أبطالها بـ : مصطفى الخاني (كريم) الابن الأوسط، وسامر اسماعيل (آدم) أصغر الأبناء ، بينما يجسّد عبد المنعم عمايري شخصيّة ابن "العرّاب" بالتبني "المحامي: حازم"، وتضم القائمة أيضاً: سلافة معمار، نسرين طافش، ضحى الدبس، صفاء سلطان، كندا حنّا، ومن لبنان رفيق علي أحمد.
بينما اختارت "كلاكيت" بالمقابل قائمة أبطال من العيار الثقيل أيضاً، تضم تحت إدارة المخرج حاتم علي: جمال سليمان بدور (العرّاب المعلم أبو عليا)، وولديه (قيصر) باسم ياخور، و(جاد) باسل خيّاط، كذلك يشارك حاتم ممثلاً ببطولة العمل، والكاتب رافي وهبي، ومنى واصف، وسمر سامي، ودانة مارديني، والجزائرية أمل بوشوشة، ومن لبنان زياد برجي، ودارين حمزة، وسميرة البارودي.
ومقابل مواصلة فريق "سما الفن" عمله بصمت؛ أكدّ صنّاع عمل "كلاكيت" أكثر من مرّة على عدم وجود تنافس من جانبهم مع الفريق الأوّل، وأعربوا عن أملهم بأن يصبّ ذلك في مصلحة تقديم عملين يليقان بسمعة الدراما السوريّة.
أما على مستوى الحكايتين فأكدّ القائمون على العملين أنّ الاقتباس سواءً من رواية "العرّاب" الأصلية، أو الفيلم، جاء بالحدود الدنيا، حيث قالت "كلاكيت" في ملخصّها عن العمل الذي تقدّم أوّل أجزائه خلال رمضان المقبل تحت عنوان فرعي "نادي الشرق"؛ "يستلهم حكاية فيلم The Godfather ويقتبس منها بعض أحداث محورها الرئيسي لكنه سرعان ما ينفصل عنها، ومنذ الحلقة الأولى فيؤسس ويبني لنفسه حكايته الخاصة راسماً خطوطه الدرامية المستقلة"، بينما ذهب حازم سليمان كاتب "عرّاب- سما الفن" لمسافةٍ أبعد، حيث قال في تصريحاتٍ سابقة لـ CNN بالعربية: "مَنْ يريد مشاهدة (عراب كوبولا)، من الأفضل له شراء الفيلم لأنه لن يجد ضالته في المسلسل." مشيراً إلى أنّه استغنى عن قرابة الـ 80% من النص الأصلي: "المرتبط عضوياً ببيئات، وطروحات، وأحداث تاريخية، واقتصادية، وسياسية لم تعرفها المنطقة."
وفيما يتعلق بالإطار الزماني والمكاني والفكري للأحداث، تقدّم "سما الفن" عرّابها "بعيداً عن أي إسقاطاتٍ سياسية"، ويروي: "سيرة كفاح رجل (مختار المختار) تربىّ على رغبته بالثأر لعائلته التي أبيدت نتيجة خلافٍ مع أبيه حول معصرة زيت، يبني الابن امبراطورية ضخمة من المال، والسلطة، تخفي وراءها أسراراً كبيرة، يخوض صاحبها ذي الكاريزما الطاغية معاركه بشرف، رغم ما يحمله من تنقاضات بداخله"، وتسير الأحداث بالتوازي بين الماضي والحاضر، وصولاً للعام 2010، حيث: "يشهد (مختار) محنته الأكبر نتيجة للتحولات الراهنة، ويتعرض لمحاولة اغتيال مما يفرض عليه اختيار تسليم الراية لأحد أبناءه الذكور، الذين يمثل كلٌ منهم جانباً من شخصيته."
بينما تدور أحداث "عرّاب" – "كلاكيت" (نادي الشرق) بين عامي 2006 و2007، خلال فترة التحوّل الاقتصادي في سوريا، حيث احتدم الصراع بين أصحاب سلطة يستخدمون نفوذهم لمراكمة ثرواتٍ طائلة، ورجال أعمال طامحين، وجدوا في المتغيرات الاقتصادية الجديدة فرصة لتعزيز مكانتهم، وتوسيع نطاق أعمالهم، ومضاعفة ثرواتهم.
هكذا يجد "المعلم أبو عليا" أن نفوذه، وأعماله مهددين من؛ "عمران" رجل الأعمال الشاب، بعد أن عرض عليه الأخير الشراكة فرفضها، ووصل به الأمر لمحاولة اغتياله، مما يدخل عائلة "أبو عليا" بمواجهة كبيرةٍ معه تطول فصولها، يقودها بدايةً الابن الأكبر "قيصر" نيابةً عن الأب المتعب، ثم تتحول قيادة أعمال العائلة وحروبها للابن الأصغر"جاد".
وتجدر الإشارة، إلى أن الشركتين المنتجتين تسعيان لتقديم عرابيّهما بثلاثة أجزاء، بينما يستمر التصوير بالتزامن مع قرب عرض الجزأين الأولين خلال شهر رمضان على عدّة محطّاتٍ عربية، وكلاهما صُورت غالبية المشاهد فيهما بلبنان، بينما صوّر المثنى صبح عدة مشاهد بين دمشق، وقرى طرطوس بسوريا ، فيما يخطط حاتم علي لاستكمال التصوير بـ "أبو ظبي"؛ الوجهة ذاتها التي قد يقصدها صبح لتصوير مشاهد من عرّابه.
ويبقى للمشاهد بالنهاية الحكم على "العرّابين"، حيث تنتقل المنافسة من مواقع التصوير، إلى الشاسات العربية؛ منافسةُ يقودها "الريموت كونترول" في رمضان.