عمان، الأردن (CNN)-- استحوذت أسماء مبادرات تطوعية لتفطير الصائمين في مناطق مختلفة في الأردن منذ بداية شهر رمضان، على عناوين وسائل الإعلام المحلية ودردشات مواقع التواصل الاجتماعي، حتى دفعت السلطات الرسمية إلى دعمها لوجستيا، خاصة ما سجل منها على أنها مبادرات غير تقليدية أحدثت بعضا من الجدل.
وهنا في عمّان، استطاع الناشط الجامعي معتز سمور المسيحي، وصديقه بكر النسور المسلم، أن يجعلا من التطوع في توزيع الوجبات على الصائمين وتفطيرهم في الطرقات ساعة آذان المغرب، إلى الدعوة إلى ما يزيد عن ستة إفطارات حاشدة لأطفال وأيتام ونقلها بين عدة محافظات أردنية من المتوقع أن يكون أكبرها وختامها لشهر الأربعاء المقبل.
ولا يتردد سمور صاحب الابتسامة الدائمة الذي تحدث إلى CNN بالعربية عن تجربته، بالتأكيد على أنها رسالة لتعزيز التآخي التاريخي بين المسلمين والمسيحيين في المملكة، مشيرا إلى أنه بدأها كفكرة صغيرة منذ ثلاث سنوات عند بعض الإشارات المرورية.
ويعتمد سمور والنسور العضوان الفاعلان في مبادرة "فيكم الخير" التابعة لمنتدى يعرف باسم "منتدى تعاضد الثقافي" في الجامعة الأردنية، على تبرعات المحسنين على أمل زرع البسمة لدى الأطفال وإحياء العمل التطوعي الخيري، وعن ذلك يقول سمور :" أهم شي محبة الناس والتأكيد على التآخي المتجذر في مجتمعنا."
ويشير النسور من جهته، إلى أن ما يزيد عن ستة إفطارات أقيمت من التبرعات وعبر إطلاق النداءات على الفيسبوك، استفاد منها نحو 4 آلاف صائم، أحدها أقيم في حدائق الحسين التي تدار من قبل بلدية أمانة عمّان.
"يلا نفطر سوا" تعد أيضا واحدة من المبادرات العفوية الرمضانية التي دعا إليها الناشط علي الحسني عبر الفيسبوك في منطقة العبدلي بالعاصمة عمان مرات ثلاثة، كان آخرها مساء هذا السبت، بعد أن منعت السلطات إقامتها في شارع الرينبو الشهير في جبل عمان بحجة "تعطيل المرور" وفي رواية رسمية تم نفنيها بحجة "الاختلاط."
وبعيدا عن تقليدية موائد الرحمن المخصصة للمحتاجين، أو إفطارات الفنادق الفارهة، اعتمدت الدعوة إلى التقاء العائلات والأصدقاء بشكل عفوي في ساحة عامة وتناول طعام الإفطار المنزلي غالبا، بالتشارك وإلحاق التجمع ببعض الفعاليات الفكاهية الخفيفة.
وتقول السبعينية أم أحمد القادمة من جبل النظيف إنها سمعت عن المبادرة من ابنتها المتزوجة أول مرة، وأنها أحبت المشاركة لتناول الطعام في الهواء الطلق رغم الافتراش على الاسفلت، فيما قالت ابنتها حنان العمايرة للموقع إنها أصرت على طبخ "طنجرة أوزي" وإحضار أولادها وصديقتها للمشاركة.
أما الطالب محمد فرحات، 18 عاما، فتحلق حول صينية الدجاج المشوية التي أعدها خصيصا مع أصدقائه إلى جانب المئات من المشاركين، قائلا إن "الافطار الجماعي يبعث على البهجة لعفويته...الافطار صوّر على أنه اختلاط وإزعاج للعائلات المشاركة وهذا كلام عار عن الصحة".
وبالذهاب إلى جنوب البلاد، إلى معان ( 210 كم عن عمّان) التي تسجل فيها أعلى نسب للفقر والبطالة، فلا يمكن لعابر السبيل من هناك المرور دون أن يحظى بضيافة أهالي المدينة الذين يقيمون "سبيل معان لعابري السبيل" على مدى عقد من الزمن، من المتعففين أو من المعتمرين أو المسافرين على حد سواء.
"السبيل" الواقع بالقرب من ميدان سليمان عرار في المدينة، مستوحى بحسب المتطوع فيه إياد أبو هلالة من تاريخ المدينة التي كانت وما زالت استراحة للحجاج والمعتمرين العابرين برا إلى السعودية، بينما اليوم تعمل ست مجموعات متطوعة لإعداد الإفطار وطبخه وتقديمه لعابري الطريق .
ويقول أبو هلالة لـ CNN بالعربية، إن السبيل لايستهدف المعتففين بل كل عابري الطريق والمسافرين وطلبة الجامعات، بمشاركة نحو 60 متطوع يوميا وخدمة نحو 500 عائلة، يبدأ عملهم من ساعات الفجر الأولى حتى موعد آذان المغرب من اليوم التالي.
وتوسعت خدمات السبيل خلال السنوات الخمسة الماضية في الخيمة المخصصة التي يديرها أحد شيوخ المدينة ويدعى أبو الحارث، بحسب أبو هلالة، ليخدم مئات العائلات وبتبرعات من أهالي المدينة من الشيوخ والتجار.