في فيلم "زنزانة" لماجد الأنصاري... سجين وسجّان وعبقرية الإثارة السينمائية

منوعات
نشر
3 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --  "زنزانة"... فيلم تدور أحداثه داخل زنزانة في سجن في موقع ما في الوطن العربي، من دون أن يحدد مخرجه الإماراتي الشاب ماجد الأنصاري تفاصيل المكان أو الزمان، بل ترك لمشاهد فيلمه الحرية في اختيار تلك التفاصيل، ليخرج الى النور فيلم لا يمكن وصفه إلا بالعبقري.

أحداث الفيلم تركز على شخصية طلال، السجين في تلك الزنزانة، والذي يدخل في صراع مع سجانه، دبان، ويبدأ صراع درامي بين الرجلين لا تخلو ثناياه من المفاجآت (والتي بالطبع لن نسردها هنا احتراما لكل من لم ير الفيلم حتى اللحظة.)
 
وشارك في بطولة الفيلم صالح بكري، وعلي سليمان، وعهد كامل، وياسة، وإياد حوراني.

حبكة الفيلم نسجت جيدا، فالمشاهد يبقى مترقبا لأحداثه، متابعا لتحركات أبطاله، متأهبا لما ستحمله اللحظة التالية من مفاجآت، ولعل حركات الكاميرا الانسيابية والمونتاج المحكم للقطات والمشاهد كانت العامل الأكبر في انتاج فيلم لا يمل مشاهدوه منه على مدى 91 دقيقة.

أما البطاقة الذهبية في الفيلم، فكانت أداء النجم الفلسطيني علي سليمان، إذ كان تجسيده لدور دبان، وتنويعه بين مشاعر الغضب والشر، وتعامله مع سجينه وبقية الممثلين، قاعدة أساسية في نجاح الفيلم.

وقد نوع سليمان بين الأداء السينمائي والمسرحي في تمثيله وفقا لما تمليه عليه اللحظة، كالمشهد الذي رقص فيه على أنغام موسيقى المذياع مع عايدة، والذي يرى فيه نقاد سينمائيون واحدا من أفضل المشاهد التي لن تنسى في الفيلم. 

هنالك اعتقاد دائم أن سينما الموقع الواحد، و"زنزانة" واحد منها، يقع دائما في فخ الملل، لأن كل احداث الفيلم تدور في مكان واحد، ولا تنويع فيها أبدا. غير أن الأنصاري تمكن بذكاء من اللعب على وتر تنوع التفاصيل في المكان، بحيث أصبحت كل تفصيلة منه وكأنها موقع تصوير سينمائي بحد ذاته.

ما يؤخذ على الفيلم ضعف تقديم شخصية "قصاب" وهو شقيق دبان، والذي كان شخصية مثيرة للجدل، فالعلاقة بين الرجلين لم تبد واضحة على المستوى الإنساني، وبالتالي، فكل مجريات الفيلم في نهايته بدت سريعة بعض الشيء، إذ أن عدم فهم المشاهد لطبيعة العلاقة بين الرجلين لم يعط المشاهد مساحة كافية لتبرير تصرفات قصاب، كما أن دخول الشخصية وخروجها بهذه السرعة حملها أكثر مما تستطيع.

تنوع اللهجات في الفيلم كان أيضا نقطة يستحق الوقوف عندها، فكان لا بد من توجيه هذا التساؤل إلى الأنصاري، الذي قال: "جاء اختيار الممثلين عفويا، بصرف النظر عن جنسيتهم أو اللهجة التي يتحدثون بها، فجل تركيزي كان على أداء الممثلين أدوارهم بشكل جيد، بدلا من محاولة التركيز على لهجة معينة."

باختصار، بداية ماجد الأنصاري في اخراج مثل هذه الأفلام موفقة جدا، وان استمر على هذا الطريق ودعمت شركات الانتاج مخرجين يرافقونه في هذا الدرب، فصناعة السينما العربية في المستقبل القريب ستكون في أيد أمينة، وتعد بمشاريع باهرة.