دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يشكّل حي "ركن الدين" المطل على دمشق حالةً خاصّة في تركيبته السكّانيّة ذات الأغلبية الكرديّة، حيث لاذ إليه منذ زمنٍ طويل الفقراء المتوافدون إلى العاصمة السوريّة، ممن تعذّر عليهم الإقامة بأحيائها الراقية، أو أحياء الطبقة المتوسطّة، وشكلّوا مجتمعا غنيّاً، يمثّل مختلف مكونات المجتمع السوري (الإثنية، والدينية، والمذهبية)، وامتثلوا للأعراف الاجتماعية السائدة، والمعايير الخاصّة التي تحكم حياتهم فيه، وأصبح لديهم ذكريات مشتركة، بالتوازي مع الإرث الاجتماعي الذي أتوا به من بيئاتهم الأصليّة، ويغلقون عليه بيوتهم وقلوبهم، ويشكّل العقبة الأكبر أمام علاقات الحب، أو المصاهرة، أو المضي نحو مسافةٍ أبعد باتجاه تعايشٍ حقيقي.
تلك التناقضات، وأكثر، سيتعرّف عليها المشاهدون في رمضان، عبر أحداث مسلسل "زوال"؛ المستوحاة أحداثه من قصصٍ حقيقية شهدها أبناء هذا الحي، ومنهم مخرج المسلسل أحمد أبراهيم أحمد، وكاتب النص الممثل يحيى بيازي، وشريكه بالكتابة زكي مارديني الذي نشأ في بيئةٍ مشابهة بمدينته الأم حلب.
"شيرو" (لجين إسماعيل) ابن حي "ركن الدين" يصبح ممثلاً، وأثناء تقديم أحد عروضه المسرحية؛ يلتقي أصدقاء طفولته "حسين" (أنس طيّارة)، "رولا" (نانسي خوري)، و"سهى": (رنا كرم)، ليأخذونا عبر ذاكرتهم إلى الحارة التي نشؤوا فيها، بعد أن غادرها معظمهم، بحثاً عن آفاقٍ مستقبلية يأملون تحقيقها، ضمن الفضاء الأوسع لمدينتهم دمشق.
يحدث ذلك اللقاء في شتاء العام 2010، مع انطلاقة شرارة "الربيع العربي" بتونس، أما ذاكرة أولئك الشباب عن حارتهم التي تغيّرت كثيراً؛ فتعود لتسعينيات القرن الماضي.
في ذلك الزمن كان القبضاي "أبو حوّا" (فادي صبيح) يضع الحارة تحت حمايته، ويحظى باحترام كبارها وصغارها، ويسعى لحل مشاكل الكل، والوقوف بوجه "زعرانها"، والمتسلطيّن عليها من عناصر السلطة الفاسدين، وكانت والدته (الممثلة ندين خوري) المرأة القويّة الصلبة، أمّاً للجميع.
يتمتع "أبو حوا" بكاريزما طاغية، ويكون رافضاً للزواج، رغم حبّه لـ "وداد" (ميسون أبو أسعد) التي لجأت إلى الحارة مع زوجها، هاربةً من أهلها، وأصبحت وحيدةً بعد وفاته، وتعاني من محاولات التشهير بسمعتها.
كما تقع المرأة اللعوب "سماهر" (ناظلي الروّاس) وصاحبة بيت الدعارة، بحب الزعيم الذي يحتويها، وتُبْرِز طبيعة علاقتها الغريبة مع أبناء الحارة ونسائها خصوصاً، جانباً من تناقضاتهم.
ويمثّل الدرويش "عنز" (سلّوم حدّاد) ضمير الحي، وستكشف أحداث المسلسل سر تركيبة هذه الشخصيّة الفريدة، ويروي العمل أيضاً حكاية "أم معروف" (شكران مرتجى) الأليمة مع زوجها "أبو معروف" (باسم ياخور) المهووس بالبحث عن كنوز الذهب الدفينة، وحكايات شخصياتٍ أخرى غنيّة في تركيبتها على المستويين النفسي والإنساني، بقدر غنى البيئة الاجتماعية التي يتناولها عمل تلفزيوني سوري للمرّة الأولى وفقاً لهويّاتها الحقيقية، ويقود الفقر أبناءها إلى ردود فعلٍ قاسية، أو غير متوقّعة، بالتوازي مع ما عاشوه خلال فترةٍ زمنية شهدت تصدّع منظومة القيم الأخلاقية في المنطقة ككل، وعودة صعود المد الديني المتطرف، بأشكالٍ أكثر عنفاً.
المسلسل من إنتاج مؤسسة "سيريانا"؛ ويضّم على قائمة أبطاله أيضاً: يامن الحجلي، رامز أسود، يحيى بيازي، سعد مينا، تامر العربيد، ندين قدّور، أريج خضّور، زهير عبد الكريم، وفاء موصللي، علاء قاسم، أمانة والي، غادة بشور، إسماعيل مدّاح، ريم زينو، غسان عزب، مصطفى المصطفى، وممثلين آخرين.
فما الذي سيتنبأ صنّاع العمل بزواله: "براءة التعايش، الحب، الحزن، سطوة الشر، أم طهارة الخير"؟ هذا ما ستشاهدونه في رمضان.